في إطار سلسلة من الندوات حول موضوع اللامركزية الإدارية، عقدت جامعة الروح القدس- الكسليك الندوة الشبكية الرابعة بعنوان “التربية”، شارك فيها النائب أنطوان حبشي، مدير عام وزارة التربية والتعليم العالي الأستاذ فادي يرق والدكتور أنطوان صيّاح. وأدار النقاش الصحافي داني حداد.
حبشي
واعتبر النائب حبشي “أنه لا يمكن فصل لامركزية التعليم عن اللامركزية الموسّعة، إذ ترتبط بها ارتباطًا وثيقًا”.
وأكد “أن الإشكالية في النظام التربوي هي مشكلة بنيوية وتراكمية منذ سنوات، وقد أتت الأزمات الأخيرة لتضع هذا القطاع تحت عبء كبير”، مشدّدًا على “أنه مثل غيره من القطاعات، وضع القطاع التربوي مرتبط بغياب الحوكمة الرشيدة في القطاعات العامة كافة”.
وفي الختام، خلص إلى “إن المدخل الأساس لحل تعقيدات القطاع التربوي كما في غيره، هو في المبادرة إلى اللامركزية الموسعة من ضمنها اللامركزية التربوية مما يسمح للقطاع بإعادة انتاج قدراته”.
أما يرق فأكد “أنه لا يمكن فصل القطاع التربوي عن أي قطاع اجتماعي في لبنان، وبالتالي فهو يعاني كسائر القطاعات الإنتاجية الأخرى في ظل هذه الأزمة الشديدة، ولكن هناك خصوصية أكثر للقطاع التربوي بكل أبعاده ومراحله وفئاته…”
وعدد يرق الأزمات التي يرزح تحت وطأتها هذا القطاع وأبرزها “أزمة النازحين واللاجئين مع وجود أكبر عدد من الأطفال في عمر التعليم في أكبر بلد مستضيف لهم، إضافة إلى الأزمة الناتجة عن عدم الاستقرار السياسي منذ سنوات عدة. أما الأزمة التي أثرت على هذا القطاع بشكل كبير فهي الأزمة المالية والاقتصادية التي يعاني منها الجميع دون استثناء، ومن بينهم الأساتذة والعاملين في القطاع، فضلًا عن الأزمة التي أتت بعد انفجار بيروت، وما خلّفه من دمار في الصروح التربوية، ناهيك عن أزمة كورونا التي فرضت نظام التعليم من بعد، في ظل بنى تحتية ضعيفة وإمكانات ضئيلة وبلد يعيش أزمة لا سابق لها. فمجموعة هذه الأزمات تظهر الصورة الحقيقية لواقع القطاع اليوم”.
وتحدث عن ميزة القطاع التربوي عبر التاريخ في لبنان حيث “لم يكن هناك إنفاق كبير على التربية، بل استثمار في هذا القطاع، ما سمح في الحفاظ عليه. وإذا وجدت الحلول إلى جانب بيئة قانونية وإدارية ناجعة، هناك أمل أن نستلحق هذا الفاقد التعلّمي الموجود في كل العالم من جرّاء كورونا. علينا أن نتفاءل لمواجهة التحديات الكبيرة المفروضة على القطاع وعلى كل العاملين فيه”.
وشدد على أهمية اللامركزية في هذا القطاع وتفويض صلاحيات الى المناطق التربوية التي تشرف مباشرة على المدارس لتسهيل وتسريع الأمور لحل المشاكل اليومية المتعددة في القطاع واعطاء حرية الحركة ومزيد من الصلاحيات المالية والتربوية لمديري المدارس.
كما تحدث عن أهمية التربية في المجتمع، معتبرًا “أن القطاع التربوي يشكّل أساس الحراك الاجتماعي في لبنان، ومتسائلا: “وفي ظل هذه الأزمات، لأي مدى نحن نستطيع الحفاظ على هذا القطاع ليكون منتجًا؟”.
وبعدما عدد التحديات التي يواجهها القطاع التربوي وخصوصًا الرسمي، شدد على ضرورة “عدم الاتكال على النجاحات الفردية وخلق مجموعة مهارات وكفاءات جماعية للنهوض بالتعليم، إضافة إلى تأمين الإطار القانوني والتشريعي والإداري لضمان تعليم مستدام”، معربًا عن إيمانه أن الحل الوحيد لإنقاذ جزء من هذا البلد يكمن في تعزيز التعليم.
صيّاح
وفي إطار عما إذا كانت اللامركزية التربوية في لبنان ممكنة، اعتبر الدكتور صيّاح “أنه في الواقع، إن اللامركزية التربوية هي الأجدى أن تطبق، نظرًا لاهتمام اللبناني بتعليم أبنائه اهتمامًا كبيرًا، مما يجعله يولي أهمية كبرى لهذا التعليم. وهذا ما يدفع اللبناني لمتابعة المدارس التي يوكل إليها أمر تعليم أبنائه”. وأضاف: “إن اللامركزية التربوية التي نشجّع على اعتمادها تفترض أن تكون هناك بعض الميادين التي يجب أن تبقى مركزية، كالتقييم التربوي والأبحاث والمناهج، وما عدا ذلك، يجب أن يكون لامركزيًا ويوكل الى المناطق أو الوحدات الإدارية التي تنشأ بفعل نظام اللامركزية”.
وأشار إلى “أن اعتماد اللامركزية التربوية يؤدي إلى تنافسية حميدة في الميدان التربوي، تلبية لمتطلبات سوق العمل المحلي والعالمي”.