اربكت مسودة مشروع قانون موازنة العام 2022 الوسطين المالي والوسط السياسي ، وشكلت مادة خلافية ستظهر معالمها واضحة خلال جلسات مجلس الوزراء التي ستخصص لمناقشة مشروع القانون المقترح، مع ارجحية ادخال تعديلات جوهرية على المشروع الاساسي الذي يبدو انه لن يمر دون ادخال تعديلات جوهرية عليه.
تعرض مشروع قانون الموازنة منذ لحظة الاعلان عنه ردود فعل سلبية واسعة من سياسيين وخبراء ماليين وباحثين ، وكانت لهؤلاء ملاحظات بالجملة على مسودة مشروع القانون ، فرأى بعض هؤلاء ان المشروع يفتقد الى الرؤية والى الاصلاحات ، وقال اخرون ان المشروع هو عبارة عن سلة ضريبية تصيب المواطن والمستهلك وتحمي المصارف وكبار المودعين والمكلفين..
في قراءتي الاولية لمسودة مشروع القانون توصلت الى تسجيل العديد من الملاحظات السلبية على ما هو مقترح ، لا سيًما انني لم الحظ جديدا في المشروع يختلف وان بنسبة معينة عن مشاريع الموازنات العمومية السابقة ، اي ان ما هو مطروح في موازنة العام 2022 لا يتناسب ابداً مع الوضع المالي والاقتصادي الاستثنائي الذي نشهده منذ العام 2019.
من بين ابرز نقاط الضعف التي تمكنت من رصدها في مشروع قانون الموازنة الجديد:
– غياب النظرة الاصلاحية او الحس الاصلاحي في كل بنود الموازنة ، وهذا الامر يتعارض تماما مع مطلب صندوق النقد الدولي الذي هو ايضا مطلب المجتمع الدولي.
– التركيز على زيادة الضرائب لزيادة الواردات ، وهذه الضرائب تصيب المواطن المستهلك وتحمي برأي البعض المصارف وكبار المودعين والمكلفين.
– خلو الموازنة من اي انفاق اجتماعي او صحي ، وترحيل جميع البرامج والمشاريع الاستثمارية وتاجيل تطوير البنى التحتية.
– تكريس بدعة تعدد اسعار الصرف ، ومنح وزير المالية صلاحيات تشريعية استثنائية لمدة سنتين في مجال تحديد اسعار الصرف والمعدلات المتعلقة بالضرائب.
– الزام المصارف بتسديد الودائع الجديدة بعملتها ، ما يعني عدم الزامها بتسديد الودائع القديمة بنفس العملة.
على العموم ارى كما يرى غيري من المحللين الماليين والمصرفيين ضرورة اعادة النظر بمشروع الموازنة المقترحة لسد الثغرات التي جاءت في غير محلها والتوجه مباشرة باتجاه الاصلاحات التي طلبها المجتمع الدولي من لبنان ، وزيادة الانفاق الاستثماري واعطاء دعم اكبر للقطاعات الاستثمارية وتطمين المودعين عوضاً عن تخويفهم ، والتخفيف من التوجه الضريبي، كما انه من الضروري تخفيض نسبة العجز المرتقب 10 آلاف مليار ليرة في حين ان هذه النسبة لم تتجاوز الـ 5 آلاف مليار ليرة في موازنة 2021, التي لم تتضمن هذا الكم من الضرائب المقترحة في موازنة 2022.
.. يبقى اخيرا طرح السؤال الاهم وهو، هل يجسد مشروع القانون المقترح شروط ومطالب صندوق النقد الدولي لانجاح المفاوضات مع الدولة اللبنانية؟ ام انه وضع على الطريقة اللبنانية المعتادة ، اي بما يرضي المنظومة؟.
لننتظر قليلا ونرى.