وتعديل الرواتب، في ظل غياب الإصلاح والرقابة، لايغير بالأمر شيء لأن هناك من يطارد لقمة عيشك وأمان معيشتك!
الموظف يبيع مهاراته مقابل راتب ويوظف راتبه في تمويل فاتورة الإستهلاك (بكل مكوناته) وفي الإدخار الإحتياطي لتأمين السيولة للمفاجأت في الحياة وللشيخوخة.
هذا حال معظم الناس، والإرباك الحاصل اليوم هو نتيجة الضبابية التي تخيم على حاضرنا، وغياب الرؤية في مستقبلنا. نوظف قدراتنا بأخلاق ومهنية، أما راتبنا يدفع بالدولار السخيف، وإستهلاكنا يصرف بالدولار الظريف الحقيقي، و مستقبلنا يرصد له بالدولار المريب! إليكم التفاصيل:
أ. توظيف المهارات حقيقي ويأتي من اللحم الحي ويكفي مانتكلف من أعباء للوصول إلى اماكن عملنا والمواظبة على العمل.
ب. أما الراتب وما أدراك ما الراتب …
– إن كان بالليرة للبنانية، فهو بعملة فقدت أكثر من ٨٠% من قيمتها.
– وإن كان بال “لولار” – الدولار اللبناني، فهو دولار مركب وفق مزاج مصرف لبنان
– وإن كان بالـ “دولار الفريش”، فهو فقد اليوم، بسبب الهندسة المالية المستجدة من قبل مصرف لبنان، جزء من قيمته الحقيقية في السوق المحلي لأنه يُصرف على سعر الـ ٢٢٠٠٠ ليرة او أقل، وهو سعر نشاط المضاربة المركبة والمصطنعة، لا يعكس السعر الحقيقي الذي يُعتمد في تسعير سلع الإستهلال (بين الـ ٣٣٠٠٠ و ال ٣٥٠٠٠ ليرة).
ج. فاتورة الإستهلاك يتم تسعيرها على الدولار الحقيقي الذي يعكس كلفة النشاط الإقتصادي (تأمين سلع الإستهلاك للسوق) وتُدفع من قبل المستهلك (نحن) على هذا السعر.
ه. الإدخار الإحتياطي أصبح مصيبة المصايب بسبب فشل السلطات (المالية والسياسية والنقدية) في إدارة الأزمة في لبنان حتى أصبحت أزمات متراكمة ومتشابكة. مع فقدان الثقة بالمؤسسات المالية، خيارنا الوحيد هو النقد الورقي:
– إذا إخترت الإدخار بالدولار، فقيمة أموالك تتأرجح مع تأرجح الدولار؛ تفرح عندما يُصبح ٣٥٠٠٠ ليرة وتحزن عندما يَهبط الى ال ٢٠٠٠٠ ليرة والمصيبة الأكبر عندما يحصل ذلك خلال أيام قليلة. يستوطن الخوف في قلبك وتتحول بين ليلة وضحاها الى مضارب يراهن على لقمة عيشه: تهرع للبيع عندما يرتفع وللشراء عندما ينخفض الدولار؛ وتخسر صعوداً وهبوطاً! هذه هو الدولار المريب!
– وإذا كان لا خيار لديك وكانت مدخراتك بالليرة، فهو خيار خاسر في ظل الفشل السياسي في إدارة البلاد. تحسن القيمة الشرائية لليرة مرهون بالمستحيل!
هذه قصة المستهلك صاحب الدخل المحدود في لبنان. واقع يعيشه كل لحظة من حياته ويتفاقم عند وجود ظرف إستثنائي في حياته (أطفال صغار، أو حالة صحية تستوجب شراء أدوية بإنتظام)، ولكن هذا الواقع غائب كلياً عن أعين وضمير أصحاب القرار في لبنان.