بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، نظّمت “مؤسسة ديان” حوار الطاولة المستديرة تحت عنوان “٨/٨ نساء رائدات التغيير: تضامن في زمن الأزمات” بقيادة ثماني شخصيات رائدة في مجال تمكين المرأة، وذلك في جامعة القديس يوسف USJ في بيروت – حرم الإبتكار والرياضة، وسط حشد من النساء والرجال وممثّلي المؤسسات، الجمعيات والمنظّمات التي تؤمن بدور المرأة الفعّال في المجتمع وبقضيتها. تخلّل الحدث مداخلات ومناقشات شيّقة من المتحدّثين الثمانية وهم: ديانا صفير فاضل، علي خليفة، مي الخليل، مديحة رسلان، ميشال الحلو، سارة اليافي، ترايسي شمعون وجويل أبو فرحات.
يندرج هذا الحدث في إطار تنفيذ مهمّة “مؤسسة ديان” ألا وهي التوعية المدنية وتعزيز روح المواطنة من جهة، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر من جهة أخرى. من خلال هذه المبادرة، تهدف المؤسسة إلى المساهمة في تطبيق الهدف الخامس منها (SDG5) وهو “تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كلّ النساء والفتيات”.
ديانا فاضل، مؤسسة ورئيسة “مؤسسة ديان”
في البداية، كانت كلمة إفتتاحية للسيدة فاضل سلّطت فيها الضوء على دور المرأة الفعّال في المجتمع وخصوصاً في ظلّ الأزمات. وأكملت: “إنّ وضع المرأة في بلدنا تعيس وحقوقها منتهكة. بِكَفّي نتطلّع على قوانین الأحوال الشخصیة، ونعِدّ كم في مرا بِمجلس النوّاب”. من هذا المنطلق، دعت النساء إلى التضامن لأنّ في اتّحادهنّ قوّة لا تخرق! وركّزت على قدرة المرأة على إنعاش الوطن وإعادة بنائه بدءاً بالمطالبة بوصول المرأة الى البرلمان وبالدفاع بشراسة عن حقوقها. وختمت:”وقت اللّي المرأة بتشكّل ٥٢٪ من عدد الناخبين، فيا بأصواتا الحرّة تنتخب نص البرلمان! يلّا يا أحبّائي. خلّونا إيد بإيد نصنع التاريخ ونوصل نحنا النساء للموقع اللي لازم نكون فيه… موقع الكرامة، الإستقلالية، المسؤولية، السلطة، والقرار”.
علي خليفة، باحث وأستاذ في التربية على المواطنة البيئية في الجامعة اللبنانية
تحدّث خليفة عن تراجع وضع المرأة بالنسبة لحقوقها السياسية كالمشاركة في السلطة، وحقوقها المدنية المنتقصة في ظلّ أنظمة الأحوال الشخصية الدينية، قال: “إنّ تقرير المنتدى الإقتصادي العالمي ٢٠١٨ حول التمكين السياسي للمرأة في البلدان العربية وضع لبنان في المراتب الأخيرة، علماً أنّ لبنان أعطى المرأة الحقّ في الترشّح والإنتخاب في العام ١٩٥٢، أي قبل الكثير من البلدان العربية”. ورأى أنّ على المرأة اللبنانية أن تتشجّع على الترشّح للإنتخابات لكي تصبح في صلب المشهد السياسي وتتمكّن من إجراء إصلاحات جندرية ضرورية لكي يتقدّم وضع المرأة في لبنان، وبالتالي يتقدّم معها الوضع السياسي عموماً. ختم حديثه مركّزأ على أهمية كسر الصورة النمطيّة للمرأة التي تبدأ من التربية في البيت والمدرسة.
مي الخليل، رئيسة جمعية “ماراتون بيروت”
شدّدت مي الخليل على أهميّة دور المرأة في مجال الرياضة قائلة: “بعكس المعتقدات التقليدية، تتمتّع المرأة بقدرة جسديّة عالية، لذا أطلقنا سباق السيّدات السنوي بالإضافة الى البرامج التدريبية”. يهدف هذا السباق الى تمكين المرأة ودعم صحتها النفسية والجسدية، والمساهمة في تحقيق ذاتها. اختتمت: “قرارنا هو أن نستمرّ في مسيرتنا كسيّدات من أجل الحياة والامل، ومن أجل المرأة. فلكل سيّدة وامرأة اقول، طريقك قرارك. ما تخلّي حدا يوقف بدربك. كلنا معك داخل البرلمان وخارجه.”
مديحة رسلان، رئيسة “جمعية السيدات القياديات”
تحدّثت رسلان عن جمعية النساء القياديات (WLA) التي تهدف الى تشجيع المرأة على الإستثمار خاصةَ أنَ “أقلّ من 5% من الشركات الخاصّة اللبنانية تمتلكها سيدات، وهو رقم مخجل. ان أهم ما أنجزناه مؤخّراً هو مشاركتنا في إكسبو دبي من خلال تنظيم مؤتمر تحت عنوان “أنا لبنانيّة – عربيّة” استطعنا من خلاله اختراق حضور عربي كثيف في زمن الحصار الإقتصادي على لبنان. كما وقمنا بتوقيع إتفاقية تعاون مع إتحاد غرف التجارة العربية نتج عنها إنشاء شبكة جديدة لتمكين المرأة تحت إسم Arab Women Entrepreneurs Network هدفها تعزيز دور لبنان عربيّاً عبر بوّابة المرأة”.
ميشال الحلو، مرشّح الكتلة الوطنية – بعبدا في الإنتخابات النيابية المقبلة
أكّد الحلو أنّ “نضال حقوق المرأة هو نضالنا جميعاً، والمستفيد هو المجتمع ككلّ، الرجال ضمناً”. وأعطى مثالاً عن قوة الإتحاد الأوروبي الذي ترأسه ثلاث نساء والقرارات الصعبة التي تتّخذها في ظلّ هذه الأزمة الإستثنائية، أي الحرب الروسيّة – الأوكرانية. “هذه الصورة القويّة للنساء في مراكز السلطة تنهي كل الشكوك حول قدرة المرأة أن تصل إلى أهمّ مراكز السلطة وتتولى الحكم.” وشرح عن الفجوة الكبيرة بين تقدّم المجتمع اللبناني والقوانين الحالية الغيرعادلة التي تحدّ من هذا التقدّم.
“بحسب تجربتي الصحافية، إنّ المواضيع التي تختصّ بحقوق المرأة تجذب عدد كبير من القرّاء، ممّا يعني أنّ المجتمع اللبناني هو مستعدّ للتغيير.” وختم: “رسالتي لكلّ النساء الراغبات بالترشّح، ما تفكّروا، ترشّحوا. اليوم وطننا بحاجة لأم تحميه!”
ترايسي شمعون، سياسيّة وسفيرة لبنان السابقة في المملكة الأردنية
في حديثها، سلّطت شمعون الضوء على الإحتكار الذكوري في القطاع السياسي. قالت: “توحّد النوّاب – الذين يتحاربون عادةً – وصوّتوا ضدّ الكوتا النسائية”. وأضافت: “إنّ اللبنانيين في وضع صعب، وللمرأة واجب ودور وطني. على السيدات أن يتشجّعن للترشّح، لرفع سقف مستوى المرأة في السياسة، الذي حتى يومنا هذا ما زال يحرم النساء من الوصول الى مراكز صنع القرار”. وشدّدت على أهمية تعديل التعابير الذكورية بما يختصّ بالألقاب السياسية. وشرحت، منطلقةً من تجربتها كسفيرة سابقة في الأردن، عن الخطوة الجريئة التي قام بها المشرّعون الأردنيون ألا و هي تعديل الدستور لإحقاق المساواة ما بين الجنسين. كما وأعطت مثالاً عن الحرب الطائفية الإيرلندية التي لما كانت انتهت لولا توحّد ونضال النساء.
سارة اليافي، مستشارة في السياسات العامّة وناشطة سياسّية
وضّحت اليافي بعض المفاهيم الخاطئة كالنسويّة (feminism)وحقوق المرأة خاصة أنّ فئة من المجتمع تعتقد أنّ المرأة لا يمكنها أن تطالب بالمساواة مع الرجل كونهما يختلفان بيولوجياّ. وأكّدت أنه بسبب هذا المفهوم للإختلاف بين الجنسين، يتمتّع الرجل بإمكانية الوصول إلى جميع مواقع السلطة وفرص المال وكتابة التاريخ. قدّمت اليافي مقاربة تاريخية لوضع المرأة عبر السنين مؤكّدةً أنّه لم يتمّ التطرّق لموضوع المساواة منذ زمن أفلطون وإيبيكور ٣٠٠-٤٠٠ ق.م. وصولاً للقرن الثامن عشر.
“٢٢ قرن من الحضارة الإنسانية والتقدّم الخالية تماماً من أي كلمة عن المساواة! بل أكثر، تمّ تشويه صورة المرأة وتجريدها من السلطة ومن كرامتها”. وختمت حديثها مؤكّدةً أنّ كل المجتمعات التي لا تكرّس المساواة هي أعنف وأفقر وأقلّ ثبات من غيرها ،غير متطوّرة إقتصاديّأ وثقافياً …ومصيرها الزوال!
جويل أبو فرحات، رئيسة منظمة “خمسون خمسون”
تطرّقت أبو فرحات في حديثها إلى أهميّة تحويل الغيرة عند النساء إلى منافسة شريفة في ما بينهنّ. أضافت: “إحتلّ لبنان المرتبة ال ١٨٣ عالميّاً من أصل ١٨٧ بلد لجهة تمثيل النساء في البرلمان، والمرتبة ١٥ من أصل ١٧ عربيّاً، كونه البلد العربي الوحيد الذي لم يتّخذ أي تدبير جدّي لدعم المرأة.” وحثّت النساء على المشاركة بكثافة في الإنتخابات النيابية المقبلة لتحديث القوانين المجحفة بحقّها. وشدّدت على مسؤولية أحزاب السلطة والأحزاب الناشئة في طرح لوائح إقتراع تتضمّن ٥٠٪ من النساء. وأخيراً، سلّطت الضوء على أهمية الصوت التفضيلي في تغيير الحقائق و إيصال المرأة للبرلمان.