نظمت نقابات المهن الصحية وقفة تضامنية ضد العنف الذي يتعرض له العاملين في القطاع الصحي وعقد مؤتمر صحافي اليوم، الثلاثاء 29 آذار 2022 حيث تحدث فيه نقباء المهن الصحية عن موضوع العنف وتداعياته والخطوات المطلوبة للحد منه ولتأمين بيئة عمل آمنة ومؤاتية وتزامن المؤتمر مع وقفة تضامنية للعاملين في القطاعات الصحية من مراكز عملهم.
أكد نقيب أطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف أبو شرف ان ثقافة العنف تزداد انتشاراً يوماً بعد يوم ما ينذر بعواقب وخيمة. وحذر من الخطر الذي يطال القطاع الصحي ”الذي لم يتوان في جائحة كورونا عن تقديم القرابين، واستشهد 48 طبيبا” جراء اصابتهم بالجائحة أثناء قيامهم بواجبهم المهني. وأقر مجلس النواب قانون اعتبارهم شهداء الواجب اسوة بشهداء الجيش. وفي الرابع من آب المشؤوم عملوا على معالجة ٦٠٠٠ جريح وأصيب واستشهد العديد منهم”.
واسف:”رغم كل الجهود ما زال العاملون الصحيون يتعرضون للعنف الجسدي واللفظي والنفسي في مراكز عملهم وخاصة في طوارئ المستشفيات وأقسام العناية الفائقة والصيدليات، ما يهدد إمكانية استمرارهم في العمل، خاصة في الأقسام التي تعاني من نقص حاد في طاقمها وتعمل بشكل شبه مجاني”.
كما حذر من هجرة ما لا يقل عن ٣٠٠٠ طبيبا” وعدد مماثل من الممرضات، لافتا” الى انه “قد طلبنا مرارا” من أعلى المراجع السياسية والأمنية والعسكرية، تأمين الحماية اللازمة للعاملين الصحيين في مراكز عملهم وبخاصة في المستشفيات، لكن الجواب كان دوما فقدان الإمكانيات الضرورية. لذلك عملنا في نقابة الأطباء على إرسال مشاريع قوانين إلى مجلس النواب لحماية العاملين الصحيين أثناء القيام بعملهم، وسجن كل من يعتدي عليهم، وتغريمهم، وقد اقر جزء من هذه القوانين مؤخرا” في الهيئة العامة التشريعية ونأمل اقرار المشاريع الباقية”.
واكد ابو شرف: “قد لا نستطيع إلغاء العنف إلا بأساليب التوعية وإزالة الظلم والفوارق الاجتماعية بين طبقات المجتمع. ولن تستطيع القوى الأمنية والسياسية والقضائية فرض الأمن خارج نظام اجتماعي واقتصادي عادل، كما ان فقدان العدالة سيؤدي دومًا الى العنف”.
وخلص الى “أن الحلول تقتضي من جميع المسوؤلين العمل بجدية للجم الفوضى، وضمان كرامة القطاع الصحي وأمنه، وهذا يتطلب إجراءات واضحة ووجود خدمات نوعية، وتأمين حقوق الناس، وتطبيق القانون عبر السلطة القضائية والأمنية، وعدم ترك الأمور على هذا النحو المدمر الذي يترك انعكاسات مدمرة على القطاع الصحي.”
أمّا نقيبة الممرضات والممرضين في لبنان، د. ريما ساسين قازان فأشارت في كلمتها ان اجتماع اليوم هو لاطلاق صرخة اعتراضية مشتركة مع باقي المهن الصحية ضد العنف الذي يتكاثر في الآونة الاخيرة بشكل كبير.
واضافت انه لم يعد مقبولاً الاستمرار في هذا المسار الانحداري الخطير لانه بدأ فعلاً يهدد حياة العاملين في القطاع الصحي ويزيد من معاناتهم ويدفعهم الى ترك المهنة او الهجرة وفي الحالتين سيدفع المريض الثمن.
وقد عرضت الخطوات المطلوبة للحد من ظاهرة العنف وهي:
- وضع البروتوكولات والإجراءات الوقائية لإدارة مخاطرالعنف وخطط السلامة الفعالة من قبل كل المؤسسات الصحية ،
- إبلاغ الأجهزة المختصة فور وقوع العنف وذلك من قبل المؤسسة التي يعمل فيها المعتدى عليه،
- التشدد في محاسبة المعتدين من قبل السلطة القضائية وتوقيفهم فوراً باعتبار الاعتداء على القطاع الصحي والتمريضي في هذه المرحلة الدقيقة هو بمثابة اعتداء على أمن المواطن والمريض مما يستدعي تحريك الحق العام،
- إعتماد خطة أمنية طارئة للمستشفيات من قبل المسؤولين والمعنيين وعلى رأسهم معالي وزراء الصحة العامة والداخلية والدفاع،
- إطلاق حملة إعلامية حول منع العنف في مكان العمل في كل المؤسسات الصحية من قبل وزارة الصحة،
- تقديم الدعم القانوني والنفسي للممرضات والممرضين ضحايا أعمال العنف من قبل أرباب العمل والوزارات المعنية والنقابة وتأمين خدمات الدعم والمشورة لهم أثناء الشكاوى والمطالبات بالتعويض.
وختمت بدعوة الممرضات والممرضين الى “عدم الخوف وعدم الرضوخ للسلوكيات العدوانية وعدم السكوت عن الحق. وطالبت المعنيين وإدارات المؤسسات الصحية تأمين بيئة عمل آمنة ومؤاتية من الناحيتين النفسية والجسدية من اجل احترام كرامة الانسان.”
وجاء في كلمة نقيب المستشفيات الخاصة، الأستاذ سليمان هارون “نعلم أن الجميع يعيش تحت ضغط نفسي كبير ولاسيما من ينقل مريضه الى المستشفى ولكن هذا لا يبرر باي شكل العنف اللفظي والجسدي ضد العاملين في المستشفيات لاسيما أقسام الطوارئ، خصوصاً انهم يعملون باذلين اقصى جهودهم في اسوأ الظروف التي يمر بها القطاع الاستشفائي في لبنان. والعنف ينعكس سلباً أولاً وبشكل مباشر على المريض نفسه، لانه من المستحيل على الممرضين والاطباء تقديم العلاجات المناسبة وهم يتلقون الضرب.
وفي مطلق الاحوال لا شيء اطلاقاً يبرر استعمال العنف اللفظي او الجسدي ضد العاملين في في القطاع الصحي وفي المستشفيات خصوصاً، واحدى النتائج المريرة لهذه الظاهرة هو اولاً امتناع عدد من الاطباء عن تلبية نداء الى الطوارئ خصوصاً في الليل وثانياً تردد الممرضات والممرضين بالعمل في اقسام الطوارئ وثالثاً هذه من الاسباب التي أدت الى هجرة الاطباء والممرضين لانهم ليسوا على استعداد لتحمل العنف والاهانات مقابل الاعمال الانسانية التي يقومون بها”
أمّا كلمة نقابة أطباء الأسنان في لبنان ألقاها النقيب د. رونالد يونس وجاء فيها:“يعتبر العنف ظاهرة فردية واجتماعية رافقت الانسان منذ بداياته، وهو قد يكون فعلاً قائماً بذاته أو ردّة فعل عدوانية نتيجة لظروف وضغوطات شديدة.
إن أهم الميزات الأساسية لكل حضارة هي الطريقة التي تدرك بها العنف وقدرتها على تنظيمه.
في المقابل تتميز المهن الطبية برسالتها الانسانية والتعامل مع الانسان في أشدّ لحظات ضعفه من أجل سلامته الجسدية والنفسية.
لذلك يبدو مستغرباً ومستهجناً أن يتعرض العاملين في هذه المهن للإعتداء والإهانة وصولاً إلى جرائم القتل وقد عشناها مؤخراً مع الجريمة المروعة والآثمة التي ذهب ضحيتها الدكتور إيلي جاسر في عيادته وأثناء تأدية واجبه.
إن هذه الظاهرة خطيرة ونتائجها سلبية للمجتمع عموماً لإنها تؤدي في حال عدم ردعها، الى تراجع الجسم الطبي وانكفاءه عن تأدية واجبه. لذلك لا بدّ من سلسلة خطوات تبدأ بالتوعية من خلال المؤسسات الاعلامية والمدارس، وصولاً إلى التشدّد في العقوبات، لردع من يفكّر بالإقدام على هذه الأفعال الشائنة ومنع أي ظروف تخفيفية عنه.
نتضامن جميعاً في وقفتنا اليوم، داعين المسؤولين إلى القيام بكل ما يجب للحد من هذه الظاهرة الخطيرة لنتمكن من القيام بواجباتنا على أكمل وجه، رغم كل الصعوبات الاقتصادية التي نتعرض لها ولم تمنعنا يوماً من إلتزاماتنا.”
وشدد نقيب الصيادلة، د. جو سلوم على أهمية دور الصيادلة وخاصةً في جائحة كورونا: “الشهداء الصيادلة، خط أمامي مع المواطنين دون اي احتياط أو حماية تذكر: في الصيدليات وسواها من قطاعات الصيدلة.”
وتحدث عن الصيادلة وازمة الدواء والسعي لتأمينه، والتواجد المستمر في الصيدليات على تماس مع المريض. واعتبر أن”حوادث التعدي المتكررة التي يتعرض لها الصيادلة ومنها اطلاق الرصاص في اكثر من مكان، والتعدي على الجسم الطبي للأسف أصبحت ثقافة اجتماعية، وانحلال في القيم مع انحلال معالم الدولة، وثقافة الاستقواء تحت الف مسمّى.”
وجاء في كلمة نقيب المعالجين الفيزيائين، د. ايلي قويق: “إستوقفني اليوم عنوان تجمُعنا التضامني “العنف ضد العاملين في القطاع الصحي” إذ أننا نأسف لوصولنا هذا الدرْك من قلةِ التقديرٍ والوفاء لأشخاصٍ يبذلون كل ما بوسعهم من أجل الإستمرار والبقاء في وطنٍ تجلّت فيه أقوى معاني الإجحاف وعدم الإنسانية.
نعم، شهدنا في الآونة الأخيرة إعتداءاتٍ طالتنا جميعاً، ربما الأسباب كثيرة، وربما في طليعتها تقاعس دولتنا الكريمة عن القيام بواجباتها والتي أثقلت كاهل مواطنيها من العوز والحرمان وعدم القدرة على تأمين التغطية الصحية، فظهرت ردّات فعلهم في مهاجمة الطواقم الصحية والإعتداء عليهم لفظياً، معنوياً وجسدياً أيضاً، في الوقت الذي تعاني الكوادر الصحية من الظروف نفسها، لا بل بنسبةٍ أكبر، من جرّاء الضغوطات النفسية التي تعترض سبيلهم كل يوم لتأمين متطلبات عملهم وديمومة عطائهم.” وأكّد أن” أملنا اليوم يبقى في تضامننا ووحدتنا لنطلق صرخة إستغاثةٍ لدولتنا الكريمة للحفاظ على ما تبقى من الكوادر الصحية والطبية للتمكن من تأدية الواجب الإنساني في ظل هذه الظروف القاهرة”.