“إن قضايانا الإنسانية المشتركة، ونضالنا من أجل النهضة العربية، هي عناصر تجمع شملنا العربي وتسمو بنا فوق الخلافات والانقسامات التي أوجعتنا أكثر من أي عدوان أو استهداف خارجي لأمتنا، فنحن مسؤولون جميعا أن نعيد لوطننا العربي نهضته ووحدته وأن نناضل من أجل نصرة القضايا العادلة لشعوب العالم كلها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”. بهذه الكلمات خاطب الدكتور كامل مهنا رئيس مؤسسة عامل الدولية، الحاضرين خلال الإطلاق الإقليمي لتقرير حالة التطوع في العالم لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين 2022، والاستراتيجية العربية لدعم العمل التطوعي للجامعة تحت عنوان بناء مجتمعات متساوية وشاملة.
الحدث الذي انطلق من مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، أقيم بحضور السفيرة هيفاء أبوغزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، د. نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، ونائبة السفير اللبناني السيدة رحاب أبو زين المستشار جمانة الغول من مندوبية فلسطين بالجامعة العربية، إضافة إلى إلينا بانوفا، المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة بمصر ود. كامل مهنا منسق عام تجمع الهيئات الأهلية التطوعية اللبنانية والعربية ورئيس مؤسسة عامل الدولية، ومندوبون عن الدول العربية والأمم المتحدة وهيئات المجتمع المدني العربية والعالمية.
وقد أشار مهنا في مداخلته أن مؤسسة “عامل” المدنية غير الطائفية، هي مؤسسة تطوعية في بنيتها وفلسفتها، فهي جمعية مدنية غير طائفية، وهي تناضل بقيادة 1400 متفرغ ومتطوع يعملون بتفانٍ والتزام، بهدف تمكين الناس لأخذ مصيرهم بيدهم، وذلك من خلال تمكين قدرات المجتمع المحلي وتهيئة الظروف لبناء دولة ناهضة وعادلة في لبنان، وفي جميع أنحاء العالم. وتتمحور فلسفة “عامل” حول رفض المعايير المزدوجة التي يستخدمها الغرب في “دول الجنوب”، والسعي نحو التوزيع العادل للثروات على الصعيدين الوطني والعالمي. وهي تسعى للدفاع عن القضايا العادلة للمضطهدين في كل العالم، وفي المقدمة قضية الشعب الفلسطيني، والفئات المهمشة الأخرى التي لا يتوفر لها الدعم الذي يصون كرامتها وحقها في تقرير المصير، إضافة إلى النضال البيئي من أجل انقاذ الأرض في ظل كوارث التغير المناخي الذي يؤثر على الجميع وخصوصاً الفئات الأكثر ضعفاً، والسعي من أجل أن يكون القطاع الإنساني كقوة مكملة للقطاع العام وعامل ضغط من أجل تصويب السياسات الاجتماعية.
وأكد مهنا أن “عامل” قد حرصت خلال مسيرتها على اقتران القول بالفعل بعكس الثقافة المهيمنة في العالم، فمع انتشار شعار “التنمية المستدامة” كان الفقراء يزدادون فقراً والأغنياء غنى، وفي خضم انتشار خطاب حقوق الإنسان والمساواة نشهد أعنف مظاهر عنصرية واشتداد للحرب في العالم، ما يعني أن هناك فجوة حقيقية بين القول والممارسة، لذلك اعتمدت عامل على الخبرة الميدانية مع الناس لاستخلاص الدروس والعبر والممارسات الفضلى، وهو ما ساهم في ريادة تجربتها المحلية التي أصبحت دولية وفاعلة على الصعيد العالمي في أوروبا وآسيا وقريباً في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، تحت شعار “التفكير الإيجابي والتفاؤل المستمر”، حيث خصصت المؤسسة برامج مصممة للنهوض بالإنسان والمجتمع معتمدة توجه مثلث الأضلاع: (خدمة – تنمية – حقوق).
كما أوضح مهنا أنّ المقاربة الأساسية التي توجّه كل برامج مؤسسة “عامل” وخططها هي تقديم النموذج، في إيجاد الحلول المستدامة، وليس الغرق في معالجة النتائج فقط، حيث تتولى مراكز “عامل” وعياداتها العمل على أفضل البرامج التنموية، لتمكين بسطاء الناس في أكثر المناطق تهميشاً، للوصول إلى حقوقهم الأساسية في الصحة والتعليم والحماية، مشيراً إلى أن توزّع مراكز “عامل” في كل المناطق اللبنانية، بغض النظر عن أي انتماء ديني أو حزبي، هو بمثابة رسالة جوهرها أن حاجة الناس هي المحرك لكل عمل إنساني، لا المصالح الضيقة ومفهوم الرعوية المتخلّف الذي يرزح تحته اللبنانيون. وإن مهمة “عامل”، هي تحرير الناس من التبعية، من خلال تمكينهم في أخذ مصيرهم بيدهم نحو التغيير.
وختم مهنا بالقول أن هوية التطوع هي هوية إنسانية كونية، تجمع الطاقات الإنسانية الخلاقة والمعطاءة في سبيل مساعدة أصحاب الحاجة، وتحسين فرصهم في الحياة، وهي بالنسبة لمؤسسة عامل، تعني أن يكون الإنسان متمكناً بذاته، فاعلاً في نهضة مجتمعه ومتطلعاً إلى بناء عالم أكثر عدالة وأكثر إنسانية، وهو ما نطمح أن يكونه الإنسان العربي، الإنسان الناهض بمجتمعه الملهم للأمم الأخرى.
جدير بالذكر أن التقرير الذي اعتمد على دراسة نماذج تطوعية رائدة في العالم العربية ومن بينها تجربة مؤسسة عامل الدولية، يهدف إلى تسليط الضوء حول دور المنظمات الإنسانية التطوعية في نهضة المجتمعات العربية، وصياغة استراتيجية لتعزيز العمل التطوّعي استناداً إلى الإستراتيجية الإقليمية للتطوّع الخاصة بجامعة الدول العربية. وتهدف الإستراتيجية الإقليمية للتطوع الخاصة بجامعة الدول العربية، التي وُضعت بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان وبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين، إلى زيادة تعزيز دور العمل التطوعي من أجل التنمية الوطنية، ولتحقيق إنجازات أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية، وبناءً على ذلك، تعمل العديد من بلدان المنطقة بنشاط ونجاح على تعزيز العمل التطوعي من خلال المبادرات الوطنية، والانتقال من التطوع الإغاثي إلى التطوع التشاركي التنموي الحقوقي.