“الإنكار الكبير” … من توصيف أداء رجال السياسية إلى وصف سلطنة رجال المصارف

كتب محمد فحيلي، خبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد

باتت بيانات جمعية مصارف لبنان تُظهر المصارف والطبقة السياسية وكأنهم وجهان لعملة واحدة،  إنجازاتهم لاتتعدى حدود توزيع الأدوار للإستمرار والإستفحال في هلاك المودع.

بيان جمعية مصارف لبنان الصادر في 4 تشرين الأول 2022، في محاولة للرد على مشروع الحكومة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، لا يعكس حجم أو طبيعة الأزمة المصرفية، أو/و إلى ما آلت إليه الأمور بين المصارف والمودعين اليوم. إنه بيان أشبه ب “الإنكار الكبير”!

لا شك عند أي مودع بأن الطبقة السياسية فاسدة وإستفحلت بالفساد وهدرت المال العام ومن بين هذا الكم من المال الذي هُدْر وسُرق كان أموال المودعين. وكل المودعين على يقين بأن الطبقة السياسية تتنصل من المسؤولية وتحاول بشتى الوسائل الهروب من تحملها هذه المسؤولية من خلال:

– عدم إقرار قانون الكابيتال كنترول

– عدم السير بشفافية ومهنية بالتدقيق الجنائي

– إقرار موازنة العام 2022 بتأخير 12 شهر ومن دون قطع حساب للعام 2021

– عدم الإتفاق على خطة تعافي تعالج الأزمات التي يتخبط بها المواطن اللبناني كل يوم

– إقرار تعديلات بقانون السرية المصرفية تحصن الفاسد وتعطيه الذخيرة للهروب من المسألة والمحاسبة

– الوقوف سداً مانعاً أمام إقرار الإصلاحات التي تم الإتفاق والموافقة عليها بين الحكومة وفريق عمل صندوق النقد الدولي.

وهناك الكثير من الوقائع التي تضع الطبقة السياسية، ومن دون أي شك، في قفص الإتهام. المودعين ليسوا بحاجة الى جمعية مصارف لبنان لتبيان ما هو واضح وضوح الشمس.

تقذف الإتهامات بين الطبقة السياسية والمصارف أصبح العنوان الأكبر والأهم في إستراتيجية التواصل عند جمعية مصارف لبنان منذ إنطلاقة الأزمة.

كمتابع ملتزم لمجريات الأمور مصرفياً ونقدياً، أقرأ هذه البيانات وكأن من أعدها لا يعيش في لبنان و/أو لا يتابع عن كثب مجريات الأمور وخصوصاً على الصعيد المصرفي. جمعية مصارف لبنان لا تبادر أو عاجزة عن المبادرة؛ وهنا أحكم بالأفعال والأعمال وليس بالنوايا. الحد الأدنى من التواصل الإيجابي بين إدارات المصارف ومودعينها مفقود كلياً! هذا الواقع بات يسبب الكثير من الأذى للقطاع المصرفي وخصوصاً للمصارف القادرة على الإستمرار في خدمة الإقتصاد؛ المصارف المؤهلة. نعم هناك مصارف مؤهلة ومصارف غير مؤهلة وآن الأوان لإظهار هذا الواقع المر. مرارة الحقيقة أجمل وأوفر من حلاوة النفاق!

في كل محطة تتحول قرارات مصرف لبنان و/أو خطة الطبقة السياسية إلى مشروع فتنة بين المصارف والمودعين. هكذا كانت في البداية وهكذا هي اليوم والسبب هو لأن القيمين على جمعية مصارف لبنان أو/و المصارف التجارية في لبنان ما زالوا مقيمين في زمن تشرين 2019؛ لا يراقبون ولا يبادرون وهذا هو “الإنكار الكبير”!

إلى المصارف المؤهلة، تحرروا وإنتفضوا واستنفروا قدراتكم ووظفوها في ترميم الثقة بينكم وبين زبائنكم. ما ينتظركم إن نجحتم:

1. سوف يطمئن المودع على أمواله تحت رعايتكم وسوف يتوقف عن المطالبة الفورية لتحريرها

2. الأوراق النقدية المحفوظة في الخزنات الحديدية في المنازل سوف تجد طريقها من جديد إلى مصارفكم

3. الحسابات الفريش المفتوحة تحت أحكام التعميم الأساسي لمصرف لبنان رقم 150

4. العودة الى المصارف والإبتعاد عن شركات الصيرفة لطلب الخدمات المالية. وفرص ذهبية للحصول على كم وافر من العمولات من خلال تعزيز الخدمات المصرفية والعودة إلى الإعتماد على وسائل الدفع المتاحة عبر المؤسسات المصرفية.

وهناك الكثير من الفرص والمنفعة للإقتصاد اللبناني للتعافي والنهضة إذا سارعت هذه “المصارف المؤهلة” إلى إطلاق عجلة ترميم الثقة بينها وبين مودعينها.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وسام فتوح: إعادة الثقة بالليرة اللبنانية حجر الأساس لتحقيق الاستقرار الاقتصادي

وعملية إعادة الإعمار في سوريا فرصة هامة للبنان أعلن الامين العام لاتحاد المصارف العربية الدكتور ...

النفط يكمل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي وسط التفاؤل حول حزم الدعم الصينية

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com تعود أسعار الخام إلى الارتفاع اليوم بعد ...

البيتكوين تواجه صعوبة استكمال المكاسب في موسم العطلات

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com تعود البيتكوين إلى التراجع الملحوظ اليوم بقرابة 2% ...