نظم قسم حفظ وترميم الملكية الثقافية والفن المقدس في كلية الآداب والعلوم في جامعة الروح القدس- الكسليك معرضًا بعنوان “Peace by Piece”، برعاية السفيرة الإيطالية في لبنان نيكولاتا بومبارديير وحضورها، في المتحف الأثري في الجامعة. كما حضر الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي هادي محفوظ، رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب طلال هاشم، ممثلة نقيب المهندسين في بيروت المهندسة ديفينا أبو جودة، إضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة وعدد من الشخصيات الدبلوماسية والتربوية والثقافية وأصحاب الأعمال الفنية.
افرام
بدايةً، كانت كلمة افتتاحية لغيا افرام أشارت فيها إلى أنّ “هذا المعرض يسلّط الضوء، أولاً، على أهمية برنامج حفظ وترميم الملكية الثقافية والفن المقدس الذي بدأ في الجامعة منذ العام 2018 بهدف تعزيز الإرث الثقافي في بلدنا عبر إعداد مهنيين ذوي خبرة وفق المعايير الأوروبية، وثانيًا، على التعاون بين إيطاليا ولبنان في مجال الإرث الثقافي وأهمية إعطاء المرممين الشباب فرصةً حيث أظهروا من خلال هذه التجربة الدولية أنّ الترميم يمكن أن يكون أيضًا فرصةً للأجيال الشابة اللبنانية”.
باراتيني
ثم تحدثت البروفسورة لورا باراتيني من جامعة أوربينو مشددةً، بدورها، على “أهمية هذا البرنامج الذي يجمع عددًا من المرممين الشباب حول حفظ الملكية الثقافية وترميمها، الأمر الذي يطوّر ثقافة الحفظ وثقافة الإرث. ولا بد من التنويه بعمل الزملاء الإيطاليين الذين لم يدّخروا أي جهد في سبيل الوصول إلى هذه النتيجة المميزة وبعمل الطلاب اللبنانيين الذين حصلوا على فرصة فريدة للمشاركة في هذا العمل والتعرّف عن كثب على قيمة الإرث والملكية الثقافية. إنّ هذا المشروع من شأنه أن يحافظ على الشباب في بلدهم الأم وأن يطوّر لهم مهنة شغوفة”.
ترونكوني وبوفاني
أما المرممتان فيرونيكا ترونكوني وأرييانا بوفاني فقد شرحتا عملية الترميم والمراحل التي مرت بها معتبرتين أنّه “ليس هناك طريقة واحدة للترميم، بل تتنوع التقنيات وتختلف الطرق. وفيما خصّ الأعمال الفنية التي بين يدينا، قررنا اتّباع التدخل بحدّه الأدنى بهدف ضمان أفضل حماية للقطع الفنية في المستقبل والقيام بالأعمال الضرورية فحسب. كما اعتمدنا على طريقة علمية وليس على ذوقنا الخاص في تنفيذ عملية الترميم. إنّ عملية الترميم هذه قد أظهرت الحاجة إلى دراسات لحالات أخرى بغية الوصول إلى أفضل عملية تدخّل في سياقات أزمات الإرث الثقافي. ونظرًا إلى أهمية الإرث اللبناني وغناه وجماله، ندعو إلى إعداد مرممين محترفين قادرين على العمل على الأرض ورفع التوعية حول موضوع الحفظ. من هنا، لا يسعنا سوى أن نسلّط الضوء على أهمية تأسيس أول كلية للحفظ والترميم في الشرق الأوسط في جامعة الروح القدس- الكسليك في ظل اتفاقية دولية بين إيطاليا ولبنان تسعى إلى إنقاذ الفن اللبناني”.
الأب طلال هاشم
بعد ذلك، ألقى رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب طلال هاشم كلمة أثنى فيها على “هذا المشروع الذي وضع الطلاب، بمساعدة المرممتين، في اتصال مباشر مع الحدث الذي هزّ العالم، أي انفجار مرفأ بيروت، وجعلهم يساهمون في عملية الشفاء الخاصة بإرثنا الثقافي ويبتكرون أفكارًا جديدة. هذا وتتميز جامعة الروح القدس- الكسليك بإيلائها أهمية كبيرة لطريقة التعليم والتعلّم. ومن خلال هذا العمل والتعاطي مع الأعمال الفنية، تعلّم طلابنا بأنه، بالرغم من الأضرار التي شهدها مجتمعنا وكل التحديات والصعوبات التي نواجهها، ألاّ يستسلموا وأن يعملوا بجهد وأن يمضوا قدمًا. إنّ هذا العمل هو رسالة محبة وسلام”. وفي الختام توجّه بالشكر لكل من ساهم في هذا المشروع بدءًا من السفيرة الإيطالية على إيلاء الاهتمام لهذا الموضوع المهم، وصولًا إلى المعهد الثقافي الإيطالي وجامعة أوربينو الإيطالية على التفاني والالتزام بالتعاون مع الجامعة في دعم هذا المشروع. كما شكر عميد كلية الآداب والعلوم في الجامعة المهندس باسكال دميان ورئيس قسم حفظ وترميم الملكية الثقافية والفن المقدس في الكلية المهندس جوزيف زعرور على مساهمتهما في تحقيق هذا المشروع المهم.
السفيرة بومبارديير
وختامًا، كانت كلمة للسفيرة الإيطالية في لبنان نيكولاتا بومبارديير قالت فيها: “نجتمع، اليوم، حول إنجاز كبير، من صنع مرممتين شابتين يعكس خبراتهما الكبيرة بالرغم من صغر سنّيهما. ولا يسعني هنا سوى أن أفتخر بالاختيارات الصحيحة التي نتخذها وبهذا التعاون الذي أنتج برنامجًا هو الأول من نوعه والوحيد في المنطقة الذي يُعنى بحفظ الملكية الثقافية وترميمها. ومنذ سنوات عدة، تعمل إيطاليا على حماية الإرث، وسنستمر في هذه الرسالة، بالرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهنا لأنّ حماية الإرث تعني حماية الهوية. إنّ هذا العمل قد أظهر ما يمكن للشباب أن يقدّمه، لا سيما لناحية الخبرات والمواهب على حد سواء”.
عن المعرض
يتضمن المعرض خمسة أعمال فنية تضررت خلال انفجار مرفأ بيروت، تم أخذها من ثلاث فيلّات في حي سرسق وتم ترميمها على يد المتخصصتين الإيطاليتين فيرونيكا ترونكوني وأرييانا بوفاني في مختبرات جامعة الروح القدس- الكسليك. أما الأعمال الفنية المرممة فهي: لوحتان زيتيتان على القماش من فيلا سرسق منسوبتان إلى كل من فاكارو أندريا وريبييرا؛ لوحة زيتية من فيلا الريس بعنوان Panorama Astratto؛ لوحة زيتية من فيلا سليم بعنوان Paesaggio Campestre؛ ومنحوتة خشبية متعددة الألوان من فيلا سليم بعنوان Saint.
يهدف هذا المعرض، الذي يُظهر أولى نتائج مشروع “Saving the Artworks of Beirut”، إلى تسليط الضوء على ترميم أعمال فنية مهمة والإرث الثقافي اللذين تضررا جرّاء انفجار المرفأ في العام 2020 وذلك في إطار اتفاقية التعاون (Projet SOAB) المبرمة بين جامعة أوربينو الإيطالية والمعهد الثقافي الإيطالي في بيروت وجامعة الروح القدس- الكسليك. وتجدر الإشارة إلى أنّ برنامج حفظ وترميم الملكية الثقافية والفن المقدس في جامعة الروح القدس – الكسليك هو الوحيد من نوعه المتوفر في لبنان والشرق الأوسط. وقد أتاح عمل الترميم هذا في مختبرات الجامعة فرصة مهمة للطلاب المسجلين في هذا البرنامج لمتابعة دورات مع المرممتين واكتساب خبرة عملية من خلال الانخراط في أعمال الترميم العملية.