بقلم “روهان شوبرا”، رئيس الاستدامة والخدمات والحلول في “جونسون كونترولز”
لا ينحصر تأثير المسؤولية البيئية والاستدامة على بقاء المؤسسات فحسب، بل تؤثر أيضاً على نمو أعمالها وتطور عملياتها. وفي الواقع، شهدت الشركات التي تركز على الاستدامة نتائج مالية أفضل مقارنة بنظيراتها.
ويكشف تطبيق الاستدامة عن فرص تتجاوز الكفاءة والامتثال، حيث إن الشركات التي تتبنى المبادرات الخضراء أو المستدامة ستكسب ثقة المساهمين كما ستكسب ميزات تنافسية عديدة في الأسواق التي تتواجد فيها. وتشير دراسة أجرتها مؤسسة “فوريستر ريسيرش” للأبحاث إلى أن الاستدامة كانت على رأس أولويات الشركات. وكشف %80 من المشاركين في الاستطلاع أن تطبيق الاستدامة يمثل هدفاً رئيسياً بالنسبة لهم. وبالنسبة لـ 70% من المشاركين في الاستطلاع، فإن جذب العملاء الذين يتخذون قرارات الشراء بناءً على قيم الشركة المستدامة شكل عاملاً رئيسياً في تقديم مبادرات مستدامة. وأفاد ما يقارب من نصف المشاركين في الاستطلاع (48%) أن مؤسساتهم لديها هدف طويل الأجل يتمثل في خفض استهلاك الطاقة في مبانيها بنسبة 50% على الأقل.
وذكرت “فوريستر” كذلك بأن العائد على الاستثمار في الاستدامة يمتد إلى ما هو أبعد من النوايا الحسنة، حيث تشهد الشركات التي تعمل بشكل مستدام فوائد من تحسين الكفاءة بنسبة (96%)، وتحسين الامتثال (95%) وتحسين توظيف و/أو الاحتفاظ بالموظفين (90%)، وتقليل الهدر (90%). كما يرى الكثيرون منهم فوائد تحسين سمعة العلامة التجارية (89%)، وانخفاض التكاليف (89%) وتحسين جذب العملاء و/أو ولائهم (86%) ونمو الايرادات (83%).
وتدرك الشركات الميزة التنافسية التي يمكن أن تقدمها الاستدامة وتتطلع إلى تمييز نفسها من خلال الالتزام بإزالة الكربون. وتعتبر شركة “جونسون كونترولز” مثالاً رائعاً للجمع بين التكنولوجيا وأهداف خلق حلول هادفة تساعد العالم على تحقيق التقدم وتلبية احتياجات اليوم وتشكيل غدٍ أفضل. ويؤدي وجود تحول مستدام جيد إلى تحقيق ميزة تنافسية تعود بالفائدة على جميع أصحاب المصلحة. ومن منطلق إقامة فعاليات مؤتمر الأطراف COP28 في دولة الامارات هذا العام، فإن جهود الشركات في مجال الاستدامة سوف بدون شك تعزز من سعي دولة الامارات لتحقيق أهدافها في الوصول الى الحياد الكربوني.
وبالنسبة للعديد من شركات السوق المتوسطة التي تحرص على تبني ممارسات أكثر استدامة، يكمن التحدي في فهم الإجراءات التي يجب اتباعها، وكيفية دمج أمثال الحد من الكربون والتنوع والمسؤولية الاجتماعية بشكل أكثر فاعلية في نماذج الأعمال.
وفي ذات السياق، هناك بعض الملاحظات التي يجب أن توضع في الاعتبار خلال رحلة الاستدامة:
– تبني المسؤولية الاجتماعية التي تتماشى مع طبيعة الأعمال لتعزيز العمليات وإحداث تأثير اجتماعي.
– خلق وظيفة مخصصة للاستدامة في المؤسسة وتعيين فريق عمل يتمتع بالخبرة المناسبة لقيادتها، ويكون مسؤول أيضاً عن خلق ثقافة الاستدامة داخل المؤسسة.
– زيادة الشفافية في مبادرات الاستدامة المؤسسية وجعلها عنصراً عملياً وقابل للتنفيذ لجميع العاملين في المؤسسة.
– استخدام الاستدامة كمؤشر أداء رئيسي لتقييم الأداء لفريق قيادة المؤسسة.
– العمل مع المؤسسات المماثلة في التفكير أو شركاء المرافق لتحسين استخدام الطاقة النظيفة. مراجعة الشركاء الحاليين للتأكد من انهم ملتزمون بممارسات الاستدامة.
– قياس ومراقبة البصمة الكربونية للمنتجات والعمليات. ومن المهم تحديد مبادرات إزالة الكربون إلى جانب التحليل المالي.
– تحسين كفاءة الطاقة في المباني ومساحات العمل. بالإضافة إلى إشراك القوى العاملة للتطوع في مجالات التأثير الرئيسية.
– الاستثمار في التكنولوجيا المبتكرة المؤثرة والشركاء الذين يعززون مبادرات الاستدامة الخاصة بالمؤسسة.
وتشير الدراسة التي أجرتها “فوريستر” إلى أن الشركات المشاركة تمضي قدماً في تبنيها لحلول ذكية عالية التأثير. على سبيل المثال فإن 54% منها تستخدام الابتكار الهندسي لتحسين استدامة مواردها، و47% منها تستثمر في الاقتصاد الدائري وإعادة تدوير الأصول، و48% تستخدم تحسين الطاقة المدفوع بالذكاء الاصطناعي. وهذه الأنواع من الحلول لا تؤثر على البيئة فحسب ولكنها غالباً ما تعزز ثقافة الابتكار.
ويساعد ربط الاستدامة بهدف أساسي في تحويل الأعمال إلى ميزة تنافسية كما يساعد على إعادة تشكيلها. وبالتالي من الضروري تقييم الفرص وتسلسل الاستدامة في كافة النواحي في المؤسسة. والأهم من ذلك هو تحديد المقاييس والأساليب لتقييم تأثير مبادرات الاستدامة على الشركة. وتشمل العوامل التي يجب قياسها تقليل تكاليف التشغيل من خلال كفاءة استخدام الطاقة والكهرباء والإضاءة، وتمكين العمليات المستدامة. وبالإضافة إلى التركيز على التعامل مع الشركاء المعتمدين والموثوق بهم الذين يستوفون شروط استخدام مواد خام وموارد مستدامة. وأخيراً وليس آخراً، على الجميع التحرك وتحديد خارطة الطريق للمضي قدماً في رحلة الاستدامة.