يشهد سوق العقارات متعدد الأوجه في المملكة العربية السعودية حاليًا توسعًا ديناميكيًا عبر جميع القطاعات، وفقًا لشركة الاستشارات العقارية العالمية نايت فرانك، وهو اتجاه إيجابي مدعوم بالبيانات الحديثة والمقنعة وتحليلات الخبراء. حيث يشهد قطاع المكاتب، ولا سيما في المركز التجاري الرياض، ارتفاعًا غير مسبوق في الطلب مع ارتفاع مستويات الإشغال إلى 97٪ لمساحات المكاتب من الفئة أ.
ومن ناحية أخرى وفقًا لتحليل شركة نايت فرانك، يبدو أن قطاع السكن يواجه ضغوطًا متزايدة للتخفيض إلى معدلات يمكن تحمل تكاليفها.
النجم الصاعد: تسليط الضوء على قطاع المكاتب في السعودية
يشهد قطاع المكاتب في المملكة العربية السعودية تعزيزًا مستمرًا في الطلب عبر مدنها الثلاث الرئيسية الرياض وجدة ومنطقة الدمام الحضرية. وتحديدًا المركز التجاري الرياض يشهد طلبًا غير مسبوق ومستويات إشغال للمكاتب من الفئة أ وب تصل إلى 97٪ و85٪ على التوالي، بالتالي يعتبر قطاع المكاتب هو النجم الحقيقي للسوق.
أوضح فيصل دوراني، الشريك ورئيس أبحاث الشرق الأوسط، قائلاُ: “يبقى النجم الحقيقي للسوق قطاع المكاتب. مع استمرار تدفق الأعمال إلى المملكة من جميع أنحاء العالم حيث ارتفع عدد تراخيص الأعمال الصادرة بنسبة 54٪ خلال عام 2022، تظل الإيجارات الرئيسية تحت ضغط تصاعدي حيث ارتفعت بنسبة 19٪ في الرياض خلال العام الماضي وبنسبة 9٪ تقريبًا في جدة. كما ظلت معدلات الشواغر هامشية عند 6٪ في جدة و3٪ فقط في الرياض.
أدى النمو الاقتصادي القوي في العام الماضي والذي بلغ حوالي 9٪، أعلى مستوى لأي اقتصاد رئيسي، إلى خلق معدلات فرص العمل في المراكز الرئيسية مثل الرياض مما أدى إلى انخفاض سريع في المخزون. علاوة على ذلك، لا يزال خط الإمداد ضئيلًا فعلى سبيل المثال تم التخطيط لحوالي 800,000 متر مربع من المكاتب الجديدة في الرياض بحلول عام 2025. ونحن نتوقع أن يتجاوز الطلب ذلك الرقم بكثير، لا سيما مع استمرار تركيز الأعمال على أفضل المساحات من الدرجات الأولى، الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى ارتفاع أداء إيجارات الفئة أ و ب.
في الوقت الحالي، قلة توفر المساحة يعني أن بعض الشركات لم يعد لديها خيار سوى التفكير في خيارات الفئة ب، مما أدى إلى ارتفاع إيجارات هذه الفئة بنسبة 15٪ في الرياض و6٪ في جدة على مدى الاثني عشر شهرًا الماضية.”
ثورة قطاع التجزئة
يشهد قطاع البيع بالتجزئة في المملكة العربية السعودية تحولًا مثيرًا، حيث يتجه نحو نموذج تجريبي أكثر مع التركيز بشكل خاص على مجال الأغذية والمشروبات وتطورات مراكز البيع بالتجزئة المواكبة لنمط الحياة. تنعكس هذه التغييرات في زيادة عدد الزوار وارتفاع زمن التواجد والتي تكون في أعلى مستوياتها في مؤسسات التجزئة المتخصصة في قطاع الأغذية والمشروبات. لا يعني هذا التحول نهاية مراكز التجزئة التقليدية، بل يشير إلى التكيف مع تفضيلات المستهلك المتطورة وديناميكيات السوق.
وفقًا للتقرير السعودي من شركة نايت فرانك، يفضل الأصغر سنًا (الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا) مراكز البيع بالتجزئة العصرية المتوافقة مع نمط الحياة الحالي (33٪) والتسوق عبر الإنترنت (22٪ مقارنة بـ 5٪ لمن هم فوق 45 عامًا). يشير هذا التحول الجيلي في اتجاهات البيع بالتجزئة إلى ضرورة إعادة ابتكار مراكز البيع بالتجزئة التقليدية وتعزيز تجربة التسوق داخل المتجر، وبالتالي مزج الخطوط بين قطاع متاجر التجزئة الرقمية والتقليدية.
علق جوناثان باجيت، رئيس قسم استشارات البيع بالتجزئة في المملكة العربية السعودية قائلاً: “يشهد قطاع التجزئة في المملكة العربية السعودية تطورًا واضحًا نحو نموذج تجريبي. ومع نمو الفئة العمرية الشابة، فإن الطلب على مراكز البيع بالتجزئة التي تقدم مزيجًا متنوعًا من التسوق والترفيه وتجارب الطهي. على الرغم من أن المستقبل يتسم بالطابع الرقمي إلى حد كبير، تشير بياناتنا إلى أنه لا يزال هناك مكان مهم لمراكز البيع بالتجزئة، شريطة أن تتكيف وتقدم للمستهلكين تجربة تسوق محسّنة ومتعددة الجوانب.”
تحول القيادة: قطاع الضيافة
يمثل الكشف الأخير عن التقويم السعودي على مدار العام نقطة تحول كبيرة لقطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية. يعد هذا التقويم الشامل الذي يضم مجموعة متنوعة من الفعاليات الثقافية والموسيقية والترفيهية وجهة جاذبة لجمهور واسع من السكان المحليين والسياح الدوليين. والهدف ليس مجرد ترفيه، بل هو تعزيز التبادل الثقافي الغني الذي يعكس حيوية المشهد الثقافي السعودي.
تعد المبادرة المبتكرة لخطة رؤية السعودية 2030 بمثابة تغيير لقطاع الضيافة. مع أكثر من 400 فعالية من الحفلات الموسيقية إلى البرامج الترفيهية التي تقام في جميع أنحاء البلاد في مناسبات متنوعة مثل عيد الفطر، تجتذب فئات عمرية واسعة من السكان مما يؤدي إلى نمو السياحة المحلية بشكل كبير. هذه الزيادة في النشاط ليست مجرد دفعة مؤقتة، بل تضمن تدفقًا مستمرًا للسياح على مدار العام. بالتالي نتوقع تأثيرًا إيجابيًا على أداء الفنادق، لا سيما مع زيادة العرض المتوقعة بحلول عام 2025، 27٪ في الرياض، و7٪ في جدة و21٪ في منطقة الدمام الحضرية.