نفّذت نقابة الممرضات والممرضين يوم الثلاثاء الواقع فيه 25 تموز 2023 إعتصاماً أمام مقر نقابة المستشفيات الخاصة بحضور عدد كبير من العاملين في المهنة يتقدّمهم نقباء التمريض السابقين وأعضاء المجلس واللجان وممثلين عن نقابات المهن الصحية.
وكانت كلمة للنقيبة د. ريما ساسين قازان كالتالي:
“لم نكن نتوقع أن الممرضات والممرضين الذين ضحّوا منذ إنطلاق الأزمة المالية مروراً بجائحة كورونا وإنفجار مرفأ بيروت سيضطرون الى النزول الى الشارع للمطالبة بحقوقهم.
لم نكن نتوقع أن الممرضات والممرضين الذين كان لهم الفضل الأكبر في صمود المستشفيات والقطاع الصحي في لبنان في السنوات الماضية رغم الظروف القاسية سيضطرون الى إستجداء حقوقهم في حياة كريمة والدفاع عن لقمة عيشهم.
لم نكن نتوقع أن المستشفيات والمؤسسات الصحية ستتعاطى بهذا الإستهتار والإستخفاف مع مطلب تصحيح رواتب القطاع التمريضي الذي يتقاضى الراتب الأدنى بين كافة المهن ويعمل في ظروف غير مؤاتية رازحا” تحت ضغط العمل.
كم كنا نتمنى في ظل هجرة 3300 ممرضة وممرض من أصحاب الخبرة والكفاءة أن تهتز الضمائر ويتحمل كل مسؤول مسؤوليته ويتم إعلان حالة طوارئ صحية، لكن بكل أسف الحقيقة في مكان آخر.
منذ سنوات ونحن نطالب بإنصاف القطاع التمريضي وتحسين رواتبه فكانت حجة المستشفيات عدم قبض المستحقات من الجهات الضامنة والدولة والضمان الإجتماعي، أما اليوم أصبحت المستشفيات تتقاضى كلفة الإستشفاء بالدولار الأميركي النقدي وتسدد الرواتب للممرضات والممرضين بالعملة اللبنانية التي لم تعد تكفي لأبسط مقوّمات العيش المحترم ولا يوجد تغطية صحية في ظل عجز الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.
وبكل أسف نقول أن المستشفيات التي كانت طرفاً في المفاوضات حول تصحيح الأجور برعاية معالي وزير الصحة إنقلبت على الإتفاق وأبلغتنا بكتاب خطي رفض مبدأ التصحيح ولم تكلّف نفسها عناء المطالبة بتغيير الأرقام، الأمر الذي إعتبره الممرضات والممرضين رفضاً بالمطلق لمبدأ تصحيح رواتبهم وهذا هو سبب وجودنا واعتصامنا هنا اليوم.
إن ما طرحته النقابة في مؤتمرها الصحافي بمناسبة يوم الممرض/ة العالمي هو الحد الأدنى للمطالب وهي زيادة تدريجية للأجور تأخذ بعين الإعتبار قدرة المستشفيات وترتكز على راتب 2019 وإعطاء جزء منه بالدولار الأميركي على ثلاثة مراحل لغاية نهاية عام 2025.
وبصراحة لم يكن هذا الإتفاق مثالياً بالنسبة للنقابة لأن الدراسات دلّت أن الراتب يجب أن يكون بحدّه الأدنى 800 دولار أميركي نقداً لكن الشعور بالمسؤولية المهنية والوطنية فرض الإتفاق على مبدأ وسطي يراعي إعتبارات المستشفيات والممرضات والممرضين في آنٍ معاً.
أمّا اليوم أصبح الأمر مختلفاً، والمطالب أصبحت واضحة وسقطت جميع الأقنعة وأصبحت النوايا معروفة ولم يعد بالإمكان إعادة عقارب الساعة الى الوراء وبات المطلوب واحد: تصحيح رواتب الممرضات والممرضين وفق الإقتراح الذي أعلنته النقابة بحضور ورعاية وزير الصحة العامة قبل فوات الأوان.
وإذا كانت المستشفيات تعتقد أن بإمكانها الإستمرار بدون الممرضين فهي مخطئة إذ لا يمكن التغاضي عن أهمية دورهم في تحقيق رؤية المؤسسة وأهدافها. إن الممرضين يستحقون أجورًا تعكس المسؤولية والجهود التي يبذلونها يومًا بعد يوم، لأن النزف مستمر والمستقبل سيحمل معه مفاجآت غير سارة وكل العاملين في المهنة أصبحوا مشروع هجرة والعناية التمريضية لم تعد في أحسن حال والوضع الصحي يزداد سوءاً ونحن من موقع مسؤولياتنا ندقّ ناقوس الخطر ولن نبقى مكتوفي الأيدي نتفرج على تقهقر ممرضاتنا وممرضينا وغياب العناية الصحية التي كان لبنان يتغنى بها.
أن ساعة الحقيقة قد إقتربت وليتحمل كل واحد مسؤوليته وخاصة نقابة المستشفيات الخاصة التي كانت مواقفها ملتبسة أثناء المفاوضات وإنقلبت تحت ضغط المستشفيات دون الأخذ بعين الإعتبار ضغط الممرضات والممرضين الذين يضحوا بحياتهم وبصحتهم للعناية بالمرضى. نرغب في أن نشعر أن جهودهم تُقدَّر ولهم الحق في الحصول على أجور منصفة تعكس قيمتهم وتضحياتهم المستمرة.
كفى أن نكون مكسر عصا، لم نشارك المستشفيات يوماً في أرباحها ولسنا مجرد أرقام في تقاريرها المالية، ولنقولها بصراحة اليوم أن المستشفيات تدفع بالممرضات والممرضين الى الهجرة ولتتحمل مسؤولية تدنّي مستوى العناية وإزدياد عدد الاخطاء والوفيات وهذه الحقائق نضعها بتصرف المجتمع والرأي العام.
لم يعد السكوت من ذهب.
إنها اليوم الصرخة الأخيرة، إسمعوا صرخة الممرضات والممرضين قبل فوات الأوان. وأنقذوا القطاع التمريضي!”
وقد إنضم إلى المعتصمين النائب الياس جرادي وكان له كلمة أكد فيها وقوفه إلى جانب حقوق الممرضات والممرضين ودفاعه عنهم لأن المجتمع لا يستقيم والصحة لا تصمد من دونهم. وأبدى استعداده لدعم أي مشروع قانون لموارد صندوق التقاعد من أجل حماية صحية وإجتماعية للعاملين في المهنة.
وقد رفع المعتصمون شعارات تندد بموقف نقابة المستشفيات وتدعو الى تصحيح فوري للرواتب وقد عبّروا عن إمتعاضهم ورفضهم للواقع الأليم الذي وصل اليه التمريض في لبنان وناشدوا المسؤولين وعلى رأسهم معالي وزير الصحة التدخل من أجل الحصول على الحقوق المشروعة.