تحليل سوق اليوم عن سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
27 أكتوبر 2023
يحاول الذهب اليوم الاحتفاظ بمستوياته المرتفعة نسبياً ويتجه إلى الإغلاق على مكاسب لثالث أسبوع على التوالي. حيث يتماسك سعر الذهب الفوري ضمن مستويات 1980-1985 دولاراً للأونصة. فيما لا تزال العقود الآجلة للذهب في بورصة COMEXمحتفظة بمستوى 1990 دولاراً للأونصة.
فيما جاءت تحركات الذهب اليوم بعد سلسلة من الأرقام من الاقتصاد الأمريكي والذي كان آخرها أرقام مؤشر أسعار الانفاق الشخصي الاستهلاكي لشهر سبتمبر الفائت. حيث جاءت القراءة الأساسية للمؤشر (core PCE) مع نمو بنسبة 3.7% على أساس سنوي وذلك بما يتماشى مع توقعات المحللين. كما شهدنا نمواً بنسبة 0.3% خلال سبتمبر مقارنة مع أغسطس الفائت وبما يتماشى مع التوقعات أيضاً.
لا يبدو أن هذه القراءات الأخيرة، والتي ستكون المقياس الأول للتضخم لدى الاحتياطي الفيدرالي في اجتماع خلال الأسبوع القادم، قد أثرت في توقعات الأسواق حول قيام اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بإبقاء معدلات الفائدة بدون تغيير. في ذات الوقت، فإن القراءة الحالية تعني أن التضخم لا يزال بعيداً عن مستهدف البنك المركزي، وبذلك قد نشهر ثبات لأسعار الفائدة عن مستوياتها الحالية لفترة طويلة خلال العام القادم.
إضافة إلى ذلك، عززت جملة البيانات التي شهدناها يوم أمس فرضية أسعار الفائدة لفترة أطول من المتوقع. حيث قد سجل الناتج المحلي أعلى وتيرة نمو لم نراها منذ حوالي العامين وذلك عند 4.9% خلال الربع الثالث مقارنة مع الربع المماثل من العام الفائت.
كما أعتقد أن النمو الأعلى من المتوقع الأمس لطلبيات السلع المعمرة خلال سبتمبر الفائت يعكس ثقة المستثمرين وأصحاب الأعمال بقدرة الاقتصاد الأمريكي على الانتعاش وتجنب الركود، وعند النظر بشكل أعمق في الأرقام نجد فسنرى نمواً بنسبة 0.9% للطلبيات على الآلات ونمو بنسبة 5.2% لطلبيات معدات الاتصالات. في المحصلة، فقد سجلت القراءة الأساسية نمواً بنسبة 0.5% على أساس شهري.
وعليه، لا أرى ما قد يدعم الارتفاعات المستمرة للذهب في الوقت الحالي باستثناء المخاوف حول خروج الصراع الدائر في الشرق الأوسط عن السيطرة ليشمل العديد من الدول في الإقليم بما قد يهدد المصالح الأمريكية ويعطل جزء جوهري من إمدادات الطاقة للعالم. في حين نشهد المزيد من الحديث والتقارير حول إمكانية اتجاه أطراف الصراع إلى خفض التصعيد، وفي جميع الأحوال لا أرى أي نية من تلك الأطراف أو الأطراف المؤثرة من دول أخرى لدفع الصراع إلى خارج حدوده الحالية.
علاوة على ذلك، وعلى الرغم من الارتفاعات الأخيرة للذهب، تستعد كبرى صناديق الذهب المادي لتسجيل أسبوع آخر جديد من صافي التدفقات السلبية. حيث يتجه صندوق iShares Gold Trust (IAU) إلى الأسبوع الخامس عشر على التوالي من صافي التدفقات الخارجة. أما أكبر صناديق الذهب، SPDR Gold Trust (GLD)، فيتجه أيضاً إلى تسجيل صافي تدفقات سلبية للأسبوع الثاني على التوالي، في حين كان سيسجل ثامن أسبوع على التوالي من التدفقات الخارجة لولا التدفقات بأكثر من 940 مليون دولاراً في 20 من أكتوبر الجاري والذي دفعت الصندوق لتسجيل تدفقات موجبة عند 70 مليون دولاراً في الأسبوع المنتهي في 16 من أكتوبر.
في المحصلة، فقد سجل كلا الصندوق صافي تدفقات سلبية بأكثر من 5.8 مليار دولار منذ بداية العام. انظر إلى الرسم البياني أدانه لصافي التدفقات المجمعة لكلا الصندوقين:
المصدر: ETF.com
أعتقد أن استمرار نزوح التدفقات من صناديق الذهب تعكس المعنويات السلبية للمستثمرين حول الذهب وهو ما قد يعيق المعدن الأصفر من الاحتفاظ بمكاسبه الحالية لوقت مطول. حيث أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قوياً ويظهر المزيد من علامات الانتعاش وساعدت النتائج الإيجابية لمعظم الشركات عن الربع الثالث في تعزيز هذه الصورة.
كما أعتقد أن استمرار أسعار الفائدة في الثبات عند مستوياتها المرتفعة قد لفترة مطولة بالتزامن مع يقين الأسواق من أن الفيدرالي قد انتهى فعلاً من رفع أسعار الفائدة قد يقود إلى المزيد من التدفقات باتجاه صناديق السندات والتي تشهد بالفعل تدفقات موجبة منذ أشهر في أغلبها وهو ما قد يزيد من الضغط على الذهب. ذلك أنه قد نشهد اتجاه المستثمرين لتوظيف أموالهم في الأصول المدرة للعوائد مع استغلال معدلات الفائدة القياسية الحالية بالتزامن مع وصول تلك صناديق السندات إلى قاعها بعد سلسلة التراجعات الحادة.