احتلت الهند مؤخراً مركز الصدارة من خلال استضافة النسخة الثانية من قمة صوت الجنوب العالمي في 12 – 13 تشرين الثاني، مما يؤكد التزامها الثابت تجاه الجنوب العالمي. بناءً على نجاح الحدث الافتتاحي الذي عقد في يناير 2023، شهدت هذه القمة مشاركة نشطة من 125 دولة، مما يوفر منصة قوية للحوار الهادف حول الأولويات المشتركة.
لقد دافعت الهند عن اهتمامات بلدان الجنوب العالمي خلال رئاستها لمجموعة العشرين، مما يضمن أخذ أولوياتها في الاعتبار عند مواجهة التحديات العالمية الحرجة. وفرت القمة منصة لتبادل النتائج الرئيسية من مختلف اجتماعات مجموعة العشرين التي عقدت خلال رئاسة الهند مع دول الجنوب العالمي. بالإضافة إلى ذلك، شارك المشاركون في مناقشات حول التحديات التي تفرضها التطورات العالمية. وكانت القمة أيضًا بمثابة منتدى لاستكشاف استراتيجيات الحفاظ على الزخم المتولد نحو رؤيتنا المشتركة لنظام عالمي أكثر شمولاً وتمثيلاً وتقدماً.
نتج عن القمة عشر جلسات متميزة، حيث استضاف رئيس الوزراء مودي الجلستين الافتتاحية والختامية. وشهدت هذه الجلسات رفيعة المستوى حضور العديد من رؤساء الدول والحكومات. وركزت الجلسة الافتتاحية للقادة على موضوع “معا من أجل نمو الجميع بثقة الجميع”، في حين ركزت الجلسة الختامية للقادة على موضوع “الجنوب العالمي: معا من أجل مستقبل واحد”.
علاوة على ذلك، عُقدت ثماني جلسات أخرى على مستوى الوزراء، غطت مجموعة من المواضيع المهمة: ناقش وزراء الخارجية دور الهند في تمكين الجنوب العالمي، وبحث وزراء التعليم استراتيجيات إعداد القوى العاملة في المستقبل، وتناول وزراء المالية نماذج التمويل للتنمية الشاملة، وناقش وزراء البيئة الحلول المستدامة للمرونة المناخية وتمويل المناخ. وبحثت جلسة وزراء الخارجية حول “الجنوب العالمي والتنمية الواحدة” في استراتيجيات تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة في جميع أنحاء الجنوب العالمي.
تناولت جلسة وزراء الطاقة حول “التحول الشامل والميسور التكلفة في مجال الطاقة من أجل التنمية المستدامة” التحديات والفرص في التحول إلى مصادر الطاقة المستدامة في البلدان النامية. وقد عرضت جلسة وزراء الصحة حول “حلول من الجنوب العالمي من أجل صحة واحدة” حلولاً مبتكرة ناشئة من الجنوب العالمي لمواجهة تحديات الصحة العامة. أما جلسة وزراء التجارة حول “الجنوب العالمي وسلاسل التوريد المرنة” فركزت على تعزيز مرونة واستدامة سلاسل التوريد في البلدان النامية.
خاطب رئيس الوزراء ناريندرا مودي زعماء الجنوب العالمي، مشددًا على الحاجة إلى صوت وعمل جماعي. وسلط الضوء على الأثر غير المتناسب للتحديات العالمية على البلدان النامية، ودعا إلى اتباع نهج يركز على الإنسان في التنمية، وعدم ترك أحد يتخلف عن الركب. وتهدف رئاسة الهند لمجموعة العشرين، تحت عنوان “أرض واحدة، أسرة واحدة، مستقبل واحد”، إلى إيصال أصوات الجنوب العالمي وتعزيز الحوكمة العالمية العادلة. وحث رئيس الوزراء مودي على وضع أجندة عالمية تركز على “الاستجابة والاعتراف والاحترام والإصلاح”، داعيا إلى الشمولية والمسؤوليات المتباينة واحترام السيادة والإصلاح المؤسسي. وأعرب عن تفاؤله بالمستقبل، داعيا إلى حلول بسيطة وقابلة للتطوير ومستدامة لتحويل المجتمعات والاقتصادات. وأعلن أن قمة صوت الجنوب العالمي هي جهد جماعي لتوليد أفكار نبيلة من أجل مستقبل مشترك.
أطلق رئيس الوزراء ناريندرا مودي مركز داكشين، وهو مركز عالمي للتميز مخصص للجنوب العالمي، خلال القمة الثانية لصوت الجنوب العالمي. وتعكس هذه المبادرة التزام الهند تجاه الجنوب العالمي وتعهدها بإطلاق قمر صناعي لمراقبة الطقس والمناخ. وشدد رئيس الوزراء مودي أيضًا على استخدام الهند المسؤول للتكنولوجيا، لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي، وأعلن عن قمة الشراكة العالمية المقبلة للذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، سلط الضوء على جهود الهند لمعالجة مخاوف الجنوب العالمي ونجاحها في تأمين العضوية الدائمة لمجموعة العشرين للاتحاد الأفريقي.
دعا وزير الشؤون الخارجية الهندي الدكتور إس جايشانكار إلى الاعتماد على الذات بين دول الجنوب العالمي من خلال تنويع الإنتاج، وبناء سلاسل توريد موثوقة، وتعزيز الحلول المحلية للتغلب على الاعتماد على البلدان البعيدة. كما سلّط الضوء على التزام الهند تجاه الجنوب العالمي من خلال مشاريعها التنموية في 78 دولة، وأكد أن الهند ستعطي الأولوية للجنوب العالمي في شراكاتها الدولية.
وشدّد د. جايشانكار أيضًا على الحاجة إلى معالجة الضغوط المتزايدة على الاقتصاد العالمي، وسلط الضوء على النتائج الرئيسية لرئاسة الهند لمجموعة العشرين، بما في ذلك الجهود المبذولة لتسريع التقدم في أهداف التنمية المستدامة، وميثاق التنمية الأخضر، والمبادئ الطوعية بشأن الهيدروجين الأخضر، ومبادئ ديكان بشأن مبادئ الأمن الغذائي والتغذية. وأشار أيضًا إلى إدراج الاتحاد الأفريقي كعضو دائم في مجموعة العشرين، مما يمنح صوتًا لـ 1.4 مليار شخص في أفريقيا.
وجمعت القمة التي عقدت في نيودلهي وزراء التعليم من 14 دولة لمناقشة موضوع “جعل الموارد البشرية جاهزة للمستقبل”. وتبادل الوزراء وجهات النظر حول سياسة التعليم الوطنية في الهند 2020 (NEP) كنموذج للتحول الشامل، مع التركيز على أهمية التطلعات المشتركة والاستراتيجيات المشتركة في التعليم وتنمية المهارات. واتفقوا على الحاجة إلى تعليم متاح ومنصف وشامل، والاستثمار في تنمية رأس المال البشري، ومعالجة فجوة المهارات العالمية، والتغلب على الفجوة الرقمية، وتعزيز جودة التدريس والتعلم، وتعزيز التعاون الأكاديمي. وأعرب الوزراء عن التزامهم بتعزيز التعاون فيما بين بلدان الجنوب من أجل الرفاهية العالمية ومستقبل أكثر إشراقا.
اختتمت قمة صوت الجنوب العالمي الثانية برسالة واضحة: إن الجنوب العالمي يسعى إلى الاستقلال الذاتي وهو مستعد لتحمل مسؤوليات أكبر في الشؤون العالمية. وأعلن رئيس الوزراء مودي، في الجلسة الختامية للقمة، إطلاق مؤتمر دولي سنوي في الهند ابتداء من العام المقبل، يركز على أولويات التنمية في الجنوب العالمي. ويهدف المؤتمر إلى تحديد الحلول العملية لتحديات التنمية في المنطقة. وشدد مودي على مشاركة قادة من حوالي 130 دولة، مما يدل على استعداد الجنوب العالمي لتحمل قدر أكبر من المسؤولية والاستقلال.
وقد دافعت الهند، تحت رئاستها لمجموعة العشرين، عن اهتمامات الجنوب العالمي وتحدياته وتطلعاته، مع إعطاء الأولوية للنمو الشامل، والابتكار الرقمي، والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، والوصول العادل إلى الصحة العالمية. وأعرب مودي عن اعتزازه بوضع صوت الجنوب العالمي على أجندة مجموعة العشرين.