تحليل الأسواق لليوم عن سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣
بعد تحقيق بعض المكاسب المبكرة صباح اليوم، عكس اليورو مساره وتراجع أمام الدولار (EUR/USD) بنسبة 0.16%.
تراجع اليورو اليوم تأتي وسط مزيج من البيانات التي أشارت إلى المزيد من تراجع التضخم بالتزامن مع انحسار التشاؤم لدى المستهلك الألماني إضافة إلى التراجع الحاد لعوائد سندات منطقة اليورو.
شهدنا اليوم أرقام مناخ المستهلك الصادرة عن GfK لشهر ديسمبر. حيث سجلت القراءة الرئيسية لمؤشر مناخ المستهلك أدنى مستوى منذ أغسطس الفائت عند 25.1- وهي ما كانت أعلى من التوقعات عند -27.
أشار تقرير GfK إلى أن المستهلك الألماني بات أقل تشاؤماً قياساً بالأشهر السابقة أو بالفترة المماثلة من العام الفائت وذلك فيما يتعلق بتوقعات الدخل والتوقعات الاقتصادية إلى أن لا يزال يرغب بالادخار أكثر نظراً لحالة عدم اليقين السائدة.
علق الخبير في معهد نورمبرغ لقرارات السوق (NIM)، Rolf Bürkl، على تقرير اليوم بالقول إن هذه الأرقام تمثل البداية نحو استعادة معنويات المستهلك. فيما قال إن مستويات المعنويات التي لا تزال منخفضة للغاية تأتي من الأزمات الجيوسياسية والحروب أسعار الغذاء المرتفعة إضافة إلى الخلاف السياسي حول موازنة العام القادم.
فيما جاء هذا الارتفاع في معنويات المستهلك بشكل رئيسي مع الارتفاع الملحوظ لتوقعات الدخل (الانخفاض في التشاؤم حول توقعات الدخل) هذا الشهر إلى -6.9 وهو تحسن ملحوظ قياساً مع – 16.7 في نوفمبر الفائت و -43.4 للفترة نفسها من العام الفائت.
هذا الارتفاع بدوره في توقعات الدخل جاء مع المزيد من توقعات النمو الملحوظ لدخل الأفراد من الرواتب والأجور وتعويضات التقاعد. فيما أنا هذا الارتفاع في توقعات الدخل تسبب في الارتفاع في النية للشراء أيضاً إلى -8.8 وهو تحسن ملحوظ أيضاً قياسياً بنوفمبر الفائت عند -15 وديسمبر من العام الفائت عند -16.3.
على الرغم من الارتفاع في الرغبة في الشراء وتوقعات الدخل إلى أن المستهلك الألماني لا يزال يرغب أكثر في الادخار، وذلك قد يكون بسبب استمرار حالة عدم اليقين تجاه مستقبل الاقتصاد والمنطقة. عامل أيضاً قد يكون مهماً هو معدلات الفائدة الحالية المرتفعة التي قد تشجع الأفراد أكثر على الادخار خصوصاً مع استمرار انحسار التضخم وهو الذي أوصل معدلات الفائدة الحقيقة إلى أعلى المستويات منذ العام 2007.
التوقعات الاقتصادية انتعشت أيضاً وتقترب شيئاً فشيئاً من الاتجاه إلى التفاؤل عوضاً عن التشاؤم الحالي والذي انخفاض إلى -0.4 قياساً مع -2.3 في الشهر الفائت -10.3 في ديسمبر من العام الفائت. إلا أن التقرير قد أشار إلى أن المستهلكين لا يزال ينتابهم الحذر حول مستقبل الاقتصاد الألماني.
فيما ان هذه التوقعات الاقتصادية التي لا تزال متشائمة تتماشى مع الأرقام الأخيرة التي أشارت إلى المزيد من الانكماش في الأنشطة الاقتصادية المختلفة إضافة إلى عودة الضعف إلى معنويات المستثمرين حول مستقبل الاقتصاد الألماني في النصف الأول من العام القام، وفق تقرير ZEWلمناخ الأعمال.
اليوم أيضاً، قدم الاقتصاد الألماني المزيد من الإشارات على اتجاه التضخم نحو المزيد من الانحسار وذلك مع قراءة أضعف من المتوقع لمؤشر أسعار المنتجين (PPI) لشهر نوفمبر. حيث سجل سجلت أسعار المنتجين أسرع وتيرة للتراجع الشهري منذ يوليو الفائت وذلك عند 0.5% وهو ما كون دون التوقعات بتقلص بنسبة 0.2%. أما على أساس سنوي فقد انكمشت الأسعار بنسبة 7.9% أيضاً.
جاء هذا التراجع في أسعار المنتجين مع التراجع الحاد لأسعار الطاقة والكهرباء والسلع الوسيطة خلال الشهر الفائت، وذلك بحسب تقرير Destatis.
حيث تراجعت أسعار الطاقة بنسبة 21.4% خلال نوفمبر على أساس سنوي و 1.4% على أساس شهري، وهي ذات الأرقام التي سجلتها تقريباً أسعار الغاز الطبيعي في التوزيع. أسعار الكهرباء تراجع بنسبة 30.8% على أساس سنوي و 1.5% على أساس شهري أيضاً.
في المقابل، فإن أسعار الغذاء لا تزال مرتفعة بنسبة 3.4% على أساس سنوي مع انخفاض بنسبة 0.1% على أساس شهري. كما سجلت أسعار السلع المعمرة سواء الاستهلاكية أم الرأس مالية المزيد من الارتفاع على أساس سنوي بنسبة 4% و 4.2% على التوالي.
أرقام التضخم المتراجع بالتزامن مع الانتعاش المستمر لثقة المستهلك من شأنها أن تعزز فرضية تحقيق الهبوط الناعم للتضخم في ألمانيا. ذلك أن استمرار زيادة نية الأفراد في الانفاق والشراء قد تستمر في دعم الاقتصاد الألماني والاستقرار المالي وذلك تمهيداً لاستعادة النمو دون المرور بمرحلة الركود، وهذا ما يؤكد عليه صناع السياسة النقدية أيضاً.
فيما شكل تراجع عوائد سندات منطقة اليورو إلى المزيد من أدنى المستويات منذ أشهر، إضافة إلى أرقام التضخم الألمانية، المزيد من الضغط على اليورو اليوم ودفعه للتخلي عن المكاسب التي سجلها خلال اليوم والاتجاه إلى الخسارة.
حيث سجلت عوائد السندات الألمانية لأجل عشرة أعوام المزيد من أدنى المستويات التي لم نشهدها منذ مارس الفائت وذبك مع بلوغها 1.973% وذلك بعد أن حاولت الانتعاش في وقت سابق من صباح اليوم.
عوائد السندات الإيطالية لأجل عشرة أعوام واصلت التراجع الحاد اليوم أيضاً وبلغت أدنى المستوى منذ أغسطس من العام الفائت عند 3.587%. أما عوائد السندات الاسبانية لذات الأجل فتتجه اليوم إلى محو كافة مكاسب العام الحالي وذلك مع بلوغها مستوى 2.922%. السندات الفرنسية أيضاً سجلت المزيد من أدنى المستويات منذ فبراير الفائت عندما بلغت مستوى 2.481% اليوم.