الانهيار والتضخم حلقة مفرغة ولبنان يتأكل

أعياد الميلاد ورأس السنة هي مناسبة للفرح والامل بسنة جديدة. لكن ما يجري من حرب دمار وأبادة في غزة والجنوب اللبناني يدفعنا كجمعية المستهلك ان نتمنى لشعوبنا الصمود في وجه المستعمر الاسرائيلي الذي حوّل منذ مائة عام المنطقة الى ساحة مفتوحة للحروب والصراعات، كما نتمنى للبنان بناء الدولة العادلة وبعض الفرح لشعوبنا وللأطفال بشكل خاص.

في نفس الوقت تأبى الوقائع الا ان تذكرنا بحالة البلاد المزرية. اعلان البنك الدولي عن حجم ارتفاع أسعار الغذاء في لبنان، بين ايلول 2022 و أيلول 2023، الذي وصل الى %239، يضع لبنان في المرتبة الثانية عالميا بعد فنزويلا. نهاية عام 2022 بلغ سعر صرف الدولار 60 ألف ليرة ليصل نهاية 2023 الى معدل 89 الف ليرة. أي ان سعر المواد الغذائية أرتفع بحوالي خمسة أضعاف سعر صرف الدولار. ولو أضفنا معدل ارتفاع اسعار الغذاء العالمي بين 5 و 10% فهذا لن يغير شيئا من واقع التضخم الكارثي في لبنان، خاصة وأن الغذاء يشكل العبئ الاكبر للأكثرية الساحقة من السكان. منذ أكثر من أربع سنوات من الانهيار وأسعار الغذاء ترتفع بلا توقف وبشكل منفصل تماما عن سعر صرف الدولار. أنه مؤشر عن فشل السلطة على كل الاصعدة: في السياسة والاقتصاد والاجتماع وتأمين الحد الادنى من الخدمات (خاصة الكهرباء والماء والاتصالات والمواصلات والصحة والزبالة). الحلول موجودة ومعروفة وقد شاركت جمعية المستهلك في طرحها في عشرات المناسبات لكن فساد رجال السلطة كان دائما يعطل كل الحلول.

مثال اعلان وزير الاقتصاد في أول أذار 2023 اعتماد الدولرة “لأنها تصب في مصلحة المستهلكين” يؤكد أنفصال سلطة الطوائف عن الواقع وعن مصلحة اللبنانيين. لقد حذرت جمعية المستهلك أنذاك من هذا القرار الاعتباطي المنعزل عن أية معالجة شاملة، لأنه لن يخدم الاّ التجار، خاصة وانه سيؤدي الى توسع الدولرة السائدة في السلع المستوردة، لتطال السلع المحلية والخدمات، وهذا ما حصل فعلا.

اليوم بماذا ستجيب السلطة المستهلكين بعد ان وعدتهم بالمعجزات؟ من سيحاسب الحكومة والمصارف والحاكم سلامة وكل نظام الفساد الذي نهب البلاد؟ من سيؤمن لأكثر من 80% من سكان لبنان غذائهم؟ هي أسئلة تطرحها جمعية المستهلك على أحزاب الطوائف وعلى الدولة والمؤسسات والقضاء والاعلام الذين يستجدون، منذ تأسيس الكيان، الحلول من رعاتهم في الخارج.

أكثر من أربع سنوات مرت على الانهيار المصرفي والمالي وأفلاس المصارف. وقد منعت أحزاب الطوائف والمصارف المؤسسات التي تسيطر عليها (خاصة الحكومة، المجلس نيابي، القضاء) من  أتخاذ أية قرارات لمعالجة الانهيار الشامل. في نفس الوقت نشاهد كذب المؤسسات الدولية في ادعاءاتها بوجود قوانين ترعى المؤسسات المالية في العالم. ألم يسكت البنك الدولي نفسه عن مخالفات الحاكم سلامة (المحتفى به في بورصة نيويورك) والحكومة عام 2016، عندما أخفى الجزء الاساسي من تقريره عن لبنان والذي كان يمكن ان يوقف الانهيار الشامل في حينه لو تم نشره؟ وماذا فعل صندوق النقد الدولي سوى الحرد من سياسي لبنان؟

بؤس السلطة وبؤس أولياء الامر الحاكمين.

بيروت 27/12/2023

جمعية المستهلك- لبنان

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أسواق الإمارات تحت ضغط التوترات الجيوسياسية

تحليل السوق التالي عن ميلاد عزار، محلل الأسواق المالية لدى XTB MENA اختتمت أسواق الأسهم الإماراتية ...

أسعار النفط تستأنف التراجع وسط المعنويات الضعيفة في أوروبا مع المخاوف حول الحروب التجارية

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com تعود أسعار النفط إلى التراجع اليوم وتنخفض ...

توقعات الداوجونز US30: أسواق الأسهم تتجاهل التحديات الاقتصادية وتستعيد الزخم

كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com شهد مؤشر داو جونز (US30) أمس ...