تحليل سوق اليوم عن سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
11يناير 2024
شهد سوق العملات المشفرة ليلة متقلبة للغاية. حيث تقلبت البيتكوين ما بين مستويات 44,800 و47,730 دولاراً. الايثريوم أيضاً استطاعت التقدم وتسجيل المزيد من المستويات القياسية التي لم نراها منذ مايو من العام 2022 وذلك مع بلوغها مستوى 2644.
جاءت تحركات سوق العملات المشفرة مع الحدث التاريخي لموافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات على إطلاق جملة من صناديق البيتكوين الفورية.
في حين أن تراجع البيتكوين بعد إعلان الخبر بقليل جاء ضمن ما يمكن أن يكون “شراء الاشاعة وبيع الخبر”. حيث أن الأسواق كانت تسعر هذا الخبر منذ أكتوبر الفائت تقريباً عندما كانت البيتكوين بالقرب من مستوى 25,000.
في التفاصيل، فقد وافق الهيئة على إطلاق 11 صندوقاً للبيتكوين الفورية والتي تقدم بها العديد من كبار مدراء الأصول منذ أشهر وذلك إضافة إلى الموافقة على تحويل Grayscale Bitcoin Trust (GBTC) إلى صندوق متداول بعد صراع طويل في أروقة المحاكم. أما اليوم، يتوقع أن تستقبل البورصات الامريكية معظم الصناديق الجديدة في اليوم الأول من التداول.
فيما قاد هذا الخبر إلى المزيد من الصراع ما بين المشترين والبائعين والذي أدى في النهاية إلى استمرار التصفيات الضخمة نسبياً للمراكز المفتوحة في العملات المشفرة الممتدة منذ بداية العام الجديد.
خلال الـ 24 ساعة الماضية، قد تم تصفية حوالي 280 مليون دولاراً من المراكز المفتوحة والتي انقسمت ما بين المراكز الشرائية والبيعية على حد سواء، وذلك وفق للبيانات المقدمة من CoinGlass. بطبيعة الحال، استحوذت البيتكوين على الجزء الأكبر من هذه التصفيات مع حوالي 87 مليون دولاراً كان للمراكز الشرائية التي قد تم تصفيتها حصة 53 مليون دولاراً.
في تلك الاثناء، ومع هذا الحدث التاريخي، شهدت هذه الخطوة ترحاباً واسعاً علاوة على المزيد من الانتقادات حتى من متخذي القرار أنفسهم.
حيث يعتقد الرئيس التنفيذي في Grayscale Investments، Michael Sonnenshein، أن البيتكوين ستكون قادرة على تغيير العالم وعبر عن سعادته بتوفير إمكانية الوصول لها عبر آلية مرخصة في الولايات المتحدة.
الرئيس التنفيذي Ripple Labs، Brad Garlinghouse، أيضاً يرى أن هذه الخطوة قد تفسح المجال أمام المزيد من التبني من المستثمرين المؤسسين وذلك مع انتقال التركيز على البيتكوين من أصل مضاربي إلى عملة مشفرة ذات استخدام على أرض الواقع.
في المقابل، استمرت البيتكوين في تلقي المزيد من الانتقادات من معارضيها التقليديين. رئيس الهيئة، Gary Gensler، والذي صوت بنفسه على الموافقة على إطلاق تلك الصناديق قد أصدر بياناً حذر فيه من خطورة البيتكوين. كما قال إنه وعلى الخلاف من صناديق المعادن التي يتم استخدامها على أرض الواقع، فإن البيتكوين هي أصل مضاربي ومتقلب ويستخدم في الأنشطة غير المشروعة.
عضو الهيئة أيضاً، Caroline Crenshaw، والتي صوت ضد قرار الموافقة، قد عبرت عن مخاوفها من تدفق هذه المنتجات إلى حسابات التقاعد والذين قد لا يتحملون عبئ الخسائر التي قد تلحق بهم نتيجة أعمال الاحتيال والتلاعب التي تؤثر على السوق وذلك من دون الرقابة الكافية.
كما استمر أحد أبرز منتقدي العملات المشفرة، الرئيس التنفيذي للمجموعة المصرفية JPMorgan Chase، في توجيه انتقاداته بعد إعلان القرار وأكد من جديد على أن البيتكوين لا تحمل أي قيمة وأن الاستعمال الحقيقي لها هو في الأنشطة غير المشروعة.
المتداول الشهير والمناصر للذهب في عادته والمعارض للعملات المشفرة، Peter Schiff، أكد أن هذه الصناديق ليست إلا طريقة جديدة من العديد من الطرق للمقامرة على البيتكوين. أضاف أيضاً أنه لم يعد للمشرين الآن ما قد يراهنون عليه.
اليوم والأيام القادمة سيخبروننا عن تطلعات السوق بكافة فئاته، سواء الافراد أو المستثمرين المؤسسين، عن تطلعاتهم لمستقبل البيتكوين عبر مراقبة أداء الصناديق في جلساتها الأولى. ذلك أن هذه الصناديق ستقدم الفرصة لجميع فئات المستثمرين على حد سواء للاستثمار في البيتكوين.
كما أن اتساع قاعدة المستثمرين في هذا السوق قد يقلل من تأثير المضاربات والتحركات المفاجئة في السوق ويحول التركيز أكثر على أساسيات السوق من ناحية. من ناحية أخرى قد يعمق الشفافية مع العديد من الإفصاحات الإلزامية التي سيقدمها مدراء الأصول بما يخص الصناديق.
أساسيات السوق ليست بالضرورة أن تكون سليمة بالضرورة مع هذا الحدث التاريخي الذي يعكس التبني الواسع للعديد من كبار الفاعلين المؤسسين في السوق.
على الجانب الإيجابي، يتحول التركيز في الأشهر القادمة على حدث الـ halvingللبيتكوين والذي من المتوقع أن يحدث في وقت ما في الربع الثاني من هذا العام والذي عادة ما يكون علامة إيجابية للسوق. كما سنراقب ما إذا سيتم تبني تكنولوجيا العملات المشفرة على نطاق أوسع عبر استخدامات حقيقة.
في الجانب المقابل، لا تزال البيئة التنظيمية والتشريعية غير الواضحة إلى حد كبير تشكل أهم العوائق أمام التبني الواسع لتكنولوجيا العملات المشفرة. ربما تلك الموافقة تعكس بعض الليونة في موفق الهيئة إلى حد ما ليس بكبير. فلا زالت العملات المشفرة تلقى معارضة واسعة من متخذي القرار كما رأينا ولا زالت هناك العديد من القضايا العالقة سواء على جانب انفاذ وتفسير القانون أم من الناحية التشريعية الناظمة مباشرة لهذا السوق.
إضافة إلى ذلك، قد يبقى أداء العملات المشفرة وصناديق البيتكوين رهينة المزاج العام للأسواق إلى حد ما. حيث لا زلنا نرى أداءً متبايناً في سوق الأسهم خلال الأسابيع الأخيرة وذلك مع المخاوف من إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول من المتوقع وهو ما قد يعيق النمو وتدفقات أموال المستثمرين إلى السوق بمختلف فئاته.