تحليل أسواق لليوم عن سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
٣٠ يناير ٢٠٢٤
يسلك اليورو اليوم مساراً عرضياً أمام الدولار الأمريكي (EUR/USD) ويستقر بالقرب من مستوى 1.083. إلا أن اليورو استطاع التماسك والارتداد بعد أن بلغ الأمس أدنى مستوى له مقابل الجنيه الإسترليني (EUR/GBP) منذ أغسطس الفائت وبلغ مستوى 0.85474 في ذروة ارتفاعات اليوم.
يأتي استقرار اليورو اليوم مع مزيج من البيانات المختلطة لأداء منقطة اليورو إضافة إلى ترقب الأسواق لمخرجات اجتماع اللجنة الفيدرالي للسوق المفتوحة والتي سنشهدها غداً.
كما تأتي مكاسب اليورو أمام الجنيه الإسترليني مع تزامن الأرقام المتباينة لأداء منطقة اليورو مع الأرقام الضعيفة لسوق الرهن العقاري في انكلترا.
حيث شهدنا اليوم سلسلة من أرقام الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو والتي كانت متباينة ما بين أداء ضعيف في كل من كبرى اقتصادي الإقليم، ألمانيا وفرنسا، والنمو الأسرع من المتوقع في كل من اسبانيا وإيطاليا.
البداية كانت اليوم مع فرنسا والتي، كما كان متوقعاً، لم يسجل اقتصادها أي تغيير خلال الربع الرابع من العام السابق مقارنة مع الربع الثالث من العام نفسه، إلا أن النمو كان أعلى بنسبة 0.7% بالمقارنة مع الربع الرابع من العام 2022. أما عن العام 2023 بأكمله، فقد نما الناتج المحلي بنسبة 0.9% مقارنة بما كان عليه في العام 2022 والذي سجل بدوره نمواً بنسبة 2.5%.
في التفاصيل، فقد استطاع الإنتاج من الصناعات التحويلية الانتعاش وتحقيق نمو بنسبة قليلة عند 0.1% خلال الربع الأخير بعد انكماش بنسبة 0.2% في الربع الذي سبقه وذلك بدعم زيادة الإنتاج من وسائط النقل. في حين كانت الإنتاج من الخدمات مستقراً دون تغيير بعد أن سجل نمواً طفيفاً بنسبة 0.1% في الربع الثالث. فيما قد واصل الإنتاج في قطاع الانشاء في الانكماش على نحو متسارع بنسبة 0.7% ارتفاعاً من انكماش سابق بنسبة 0.3% في الربع الثالث.
أما في أهم نشاطات الاقتصاد، الاستهلاك، فقد تقلص نمو إنفاق المستهلكين، بما يتماشى مع التوقعات، إلى 0.3% في ديسمبر الفائت من 0.6% في نوفمبر. إلا انه قد تقلص بنسبة 0.6% في الربع الرابع مقارنة مع الربع الثالث الذي سجل نمواً بنسبة 0.6%.
فيما كان هذا النمو للأنفاق الاستهلاكي في الشهر الأخير من العام بدعم زيادة الانفاق على الطاقة والسلع المصنعة بمقابل انخفاض الانفاق على الطعام. كما استمر نمو الانفاق على السلع المعمرة في ديسمبر وذلك بدعم مشتريات السيارات وذلك بمقابل انخفاض الاستهلاك من الأساس المنزلي.
ما كان لافتاً اليوم هو النمو الأسرع من المتوقع للناتج المحلي الإجمالي الاسباني وذلك بنسبة 2% في الربع الرابع من العام الفائت عن الربع المقابل من العام الذي سبقه و0.6% مقارنة مع الربع الثالث من نفس العام. كما سجل الاقتصاد نمو بنسبة 2.5% في العام 2023 بأكمله. ليس هذا فحسب، فقد تسارعت وتيرة نمو التضخم بشكل أكبر من المتوقع إلى 3.4% في ديسمبر على أساس سنوي 0.1% على أساس شهري.
الاقتصاد الإيطالي قد سجل أداءً أفضل من المتوقع خلال الربع الأخير وذلك مع النمو بنسبة 0.5% في الربع الرابع على أساس سنوي و0.2% مقارنة مع الربع الثالث.
في ألمانيا، وكما كان متوقعاً، فقد تقلص الناتج المحلي بنسبة 0.3% في الربع الرابع مقارنة مع ما كان عليه في الربع الثالث وهي أسرع وهي أسرع وتيرة من الربع الرابع من العام 2022. اما بالمقارنة مع الربع المقابل من العام 2022، فقد أبطأ الاقتصاد وتيرة تقلصه إلى 0.2% بعد أن سجل اسوء أداء منذ أكثر من عامين في الربع الثالث مع التقلص بنسبة 0.4%. أما عن العام 2023 بأكمله، فقد انكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.3% في العام 2023.
أما في عموم منطقة اليورو، فقد نما اقتصاد الإقليم على نحو طفيف، وإن كان غير متوقعاً، بنسبة 0.1% خلال الربع الرابع على أساس سنوي فيما لم يسجل أي نمو بالمقارنة مع الربع الثالث من العام 2023 وهو الذي سجل بمجمله نمواً بنسبة 0.5% بالمقارنة مع العام 2022.
تؤكد أرقام اليوم بمجملها على هشاشة اقتصاد منطقة اليورو التي كان عليها خلال العام 2023، كما توحي أرقام مدري المشتريات للشهر الأول من العام الجديد التي شهدناها الأسبوع الفائت إلى أن استعادة النمو قد تبدو غير قريبة وذلك على ضوء الطلب الضعيف عموماً. في المقابل من ذلك، فلا زلنا نرى أداءً أفضل من المتوقع للاقتصاد الأمريكي في العديد من قطاعاته إلى متانة سوق العمل. على ذلك كله، فقد تكون منطقة اليورو هي الأسرع في سباق خفض سعر الفائدة هذا العام على ضوء التفاوت الواضح في الأداء الاقتصادي عبر ضفتي الأطلسي، إلا أن المخاطر الصعودية للتضخم قد ترسم مساراً مختلفاً تماماً.