من تصميم هيرتزوغ ودي ميرونصور حديثة ومقطع فيديو لتفاصيل جديدة عن متحف للفنون عالمي المستوى ومركز دولي للفكر والبحث قيد الإنشاء في مدينة لوسيل
أصدرت متاحف قطر اليوم صورًا جديدة ومقطع فيديو افتراضي لمتحف لوسيل المستقبلي، كاشفةً عن تفاصيل جديدة لمبنى هذه المؤسسة عالمية المستوى المتخصصة في الفنون، والمزودة بمركز دولي للفكر والبحث، من تصميم هيرتزوغ ودي ميرون، المعماريين السويسريين الحائزين على جائزة بريتزكر.
سيستكشف متحف لوسيل، بفضل مجموعته منقطعة النظير من الفن الاستشراقي، انتقال الأشخاص والأفكار في جميع أنحاء العالم، في الماضي والحاضر، ما يساعد على تبديد الانقسامات الحاصلة في العالم، عبر الحوار والفن والابتكار. كما سيتيح المتحف، بمشاركة نخبة من الباحثين، والفنانين، وصانعي السياسات، وقادة الفكر وقيِّمي المعارض الفنيين وغيرهم، فرصًا لمستوى عالٍ من التباحث، والنقاش والحوار والوساطة بشأن القضايا العالمية المهمة. يُجسد تصميم المتحف الذي أبدعه المكتب المعماري الحائز على جائزة بريتزكر، هيرتزوغ ودي ميرون، رسالة التلاقي والحوار في مبنى أنشئ ليكون “سوقًا تقليدية ذات توسع رأسي، أو مدينة مصغرة داخل مبنى واحد”. وسيشكل المتحف المحور الثقافي لمدينة لوسيل، المدينة المستدامة التي يجري تطويرها شمال الدوحة حاليًا.
كانت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، قد ناقشت تصميم المتحف مع جاك هيرتزوغ في أولى حلقات “سحر الثقافة”، سلسلة مدوناتها الصوتية “بودكاست”، التي تبحث التطور الثقافي الحديث في قطر، والتي بُثت أول مرة في ديسمبر 2023. في الحلقة، استعرض هيرتزوغ منهجه المعماري، والإلهام الذي استوحاه في تصميم متحف لوسيل من المواد التقليدية، علاوة على الأهمية التاريخية لموقع المتحف بالقرب من المنطقة التاريخية التي اختارها الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني طيب الله ثراه، مؤسس دولة قطر الحديثة، لتكون مستقرًّا له في أواخر القرن التاسع عشر.
سيتخذ متحف لوسيل مقره على الطرف الجنوبي لجزيرة المها، وسيكون معلمًا بارزًا في الجزيرة. يأخذ مخطط المتحف شكل دائرة، تنقل في آن واحد طابعًا عالميًا ولمسة خاصة من تقاليد البناء في الشرق الأوسط عامة والدوحة خاصة. وتُكون ثلاثة أشكال كروية حجم المبنى وتُقسمه إلى جزأين متميزين: أحدهما شبيه بالبدر والآخر بهلال يلتف حوله. ترسم الانحناءات المزدوجة الناتجة عن الكرات، فضاءً داخليًا مميزًا على شكل هلال مُضاء بشكل طبيعي من الأعلى، ويعمل كطريق رئيسية تربط مداخل المتحف بالبهو المركزي وأماكن الخدمات العامة الأخرى مثل المكتبة، وقاعة المحاضرات، والمتجر، والمقهى، والمصلّى.
أما مظهر المبنى الخارجي فيأخذ ملمسًا خشنًا، وترابيًا يشبه الرمل، ومتينًا نظرًا لموقعه الساحلي، فيبدو وكأنه جزء لا يتجزأ من الأرض الذي سيقام عليها. ويدخل الضوء إلى المساحات الداخلية من نوافذ مظللة وغائرة في واجهة المبنى، تحميها من أشعة الشمس المباشرة وتُبقي مشهد البحر ومدينة لوسيل المحيطين بالمتحف واضحًا. ومن شأن مشاريع التعاون مع الحرفيين المحليين والإقليميين أن تحيي الروابط مع تقنيات البناء التقليدية المحلية، وتعزز الحفاظ على المهن التقليدية وتعزيز التبادل الثقافي.
وسط مشهد المبنى القوي، تأتي الفضاءات التي أُدرجت كعناصر نقيضة، بمقياس ونوعية مختلفين، إثراءً لتجارب الزوار الحسية، فهناك درج مركزي مهيب من الجبس المصقول، ومصلى بجدران معدنية عاكسة للضوء، ومكتبة بألواح خشبية، وقاعة للمؤتمرات تفاصيلها رقيقة ودقيقة، وفتحات في الجدران بها مقاعد ووسائد من القماش في جميع الأرجاء، كلها عناصر يختلف ملمسها باختلاف المادة المستخدمة مثل الخشب، والمنسوجات، والمعادن، والخزف.
يختلف شكل الفضاءات وحجمها في طوابق صالات العرض باختلاف موقعها، ولكنها صممت بمرونة لتستوعب مختلف أنواع المعارض. وقد أُدرجت نسخ طبق الأصل لأربع عناصر معمارية من مبانٍ تاريخية مهمة في الطابق العلوي لصالات العرض كمساحات أساسية، والمباني هي: القبة التي تغطي جناح غرفة نوم مراد الثالث في قصر توبكابي في إسطنبول (1579)؛ وقبة المسجد الجامع في نطنز (1320)؛ وقبة نافورة الوضوء في صحن مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة (1296)، وقبة قصر الجعفرية في سرقسطة (1050)؛ وهي أربع قباب ذات هندسة وزخارف فريدة من تراث كل منطقة جغرافية على حدة. فالمثلثات الكروية، والأقواس المتقاطعة، والمقرنصات، والحنايا الركنية، هي المعالم الهندسية التي تميز بين أنواع القباب المختارة. وقد استخدمت هنا للخروج عن الشكل التقليدي لصالات العرض، وتهيئة أساس لصياغة محتوى المعارض والمواد التعليمية، وتقديم تجربة غير متوقعة لهذا الفضاء. أما القبة فجرى اختيارها لتكون نموذجًا معماريًا لكل من هذه الفضاءات الأربع الأساسية، والتي يعد كل فضاء منها عالميًا وخاصًا في نفس الوقت؛ عالميًا، لأن القباب ظهرت عبر الثقافات على مر العصور، وخاصًا لأن شكل القبة “المثالي” قد تطور وتأثر بالعوامل الجغرافية والثقافية المحلية من حوله.