رأى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى ان :”المقاومةَ الثقافية لا تقلُّ أهميةً عن النزال العسكري، ولهذا وجب علينا كلبنانيين وكعرب، بعد غزةَ ومآسيها، أن نعملَ على إرساءِ استراتيجيةٍ ثقافية تشتركُ فيها جميع عناصرِ القوة التي نمتلك، بما فيها نعمةُ الاختلاف، وهي في عمقها وجوهرِها قيمةٌ إنسانيةٌ مناهضٌة للأحاديةِ”
كلام الوزير المرتضى جاء خلال اطلاقه فعاليات طرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024 في معرض رشيد كرامي الدولي برعاية رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وحشد من الوفود والسفراء العرب
ومما جاء في كلمة الوزير المرتضى إعلان طرابلس عاصمةً للثقافةِ العربية للعام 2024،
حدثٌ في تاريخ المدينة ولا أبهى، يُزَفُّ إليها، وهي ولبنانُ والمنطقةُ في الظروفِ القاسيةِ التي تعلمون. لن أتركَ للشجنِ أن يتسرَّبَ إلى مفاصل يومنا الطرابلسيّ السعيد، لكن لا بدَّ من قولِ يقينٍ لا يتزحزح، بأنه ينبغي لهذه المناسبة أن تكون فرصةً تستعيدُ فيها المدينةُ كاملَ موقعِها على خريطة التنمية المستدامة، نظرًا لما تحتويه من مرافق اقتصادية ومقدّرات ثقافية، ومن إمكانياتٍ بشريةٍ ذاتِ كفاءاتٍ عاليةٍ في جميع الميادين.”
وأضاف:”فطرابلس التي احتضنت العروبةَ ولبنان والإنسان، علينا اليوم أن نحتضنَها نحن، لتعلنَ عن حقيقتِها المضيئة، أنّها منارةٌ على شاطئِ الغدِ، ومختبرٌ لكيمياءِ العيشِ في المعيَّةِ على أُلفةِ الآخَر، زَنْدًا بزَندٍ وقلبًا إلى قلب، في فضاءِ الفكرِ الحرِّ والإيمانِ السّمحِ ولقاءِ الإنسان بالإنسان.
وتابع المرتضى:”وهذا بالحقيقةِ مغزى الثقافة وغايتُها، كما عاشتها الحضارةُ العربية ووزَّعَتْها على العالم أجمع. إنّها تلك التي تبني الحياةَ بكامل تجلياتِها الماديةِ والمعنوية، وتسعى إلى إرساءِ السلام بين الأنام على مبدأ “لكي تعارَفوا”. وهي تشهدُ اليوم صراعًا ملتهِبًا وداميًا بينَها وبين العنصريةِ الصهيونية التي تقومُ على رفضِ الآخر حتى قتلِه وإبادتِه وتدمير وجودِه. وهذا ما يحدثُ في غزةَ والجنوبِ وغيرِهما من بلادِنا المقدَّسة. وإذا كان لجبهات القتال العسكرية مع هذه العنصرية الحاقدة أن تتأيَّدَ بعزائم المقاومين وتضحياتِهم، فإن المقاومةَ الثقافية لا تقلُّ أهميةً عن النزال العسكري، ولهذا وجب علينا كلبنانيين وكعرب، بعد غزةَ ومآسيها، أن نعملَ على إرساءِ استراتيجيةٍ ثقافية تشتركُ فيها جميع عناصرِ القوة التي نمتلك، بما فيها نعمةُ الاختلاف، وهي في عمقها وجوهرِها قيمةٌ إنسانيةٌ مناهضٌة للأحاديةِ العنصرية التي يعيشُ بها ويقتاتُ منها هذا الكيانُ المغتصب.”
واستطرد المرتضى:”أعودُ إلى طرابلس لأشهد لها شهادةَ من لمسَ وعاينَ، بأن فيها من الطاقات ما لا يُعَدُّ ولا يُحَدّ. إنها عاصمةٌ بحقٍّ، جديرةٌ بأن تطيل الجلوسَ على عرشِ المدائن، وعلى عرشِ القلوب.
فعندما أُهملت، وهُمِّشَتْ وهُشِّمَتْ لم يتضرر أبناؤها وحدهم بل جميعُ اللبنانيين الذين حرموا الاستفادة من مقدّراتها ومن دورها ودور أهلها الخلاصي على صعيد الوطن كله.
واذا كانت طرابلس، يا صاحب الدولة، لم يتسنَّ لها تكون العاصمة السياسية للجمهورية اللبنانية، -وهي التي كانت وما برحت تستأهلُ ذلك-، فإن وزير الثقافة، بصفته القيّم على الملف الثقافي في لبنان، يعلن من باذنك يا دولة الرئيس، من ههنا، من معرض الرئيس الشهيد رشيد كرامي، هذه المدينة الدرّة، عاصمةً اولى ودائمة للثقافة في وطننا، اعتباراً من تاريخه، مع ما يترتب على ذلك من نتائج.
بورك في طرابلس وفي اهلها،
وختم وزير الثقافة قائلًا:”مبارك هو عرسها،
وأهلًا وسهلًا بكم ايها الأشقاء الأحبّة في بهوِ سُلطانِها وبَلاطِ محبَّتِه، والشكر الجزيل لكم على حضوركم ومحبتكم وتجشّمكم عناء القدوم الى لبنان في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، لا سيما للأخ العزيز معالي الدكتور ولد أعمر والفرقة التراثية الجزائرية عدلان فرقاني للمالوف التي سنستمع بالاستماع اليها بعد قليل، والشكر والتقدير ايضاً لمن بذل الجهود فيما مضى لتنال طرابلس هذا الشرف عنيت به سعادة المدير العام السابق لوزارة الثقافة الأستاذ فيصل طالب اطال الله بعمره ومدّه بالصحة والعافية والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.”.