تحليل سوق لليوم عن رانيا جول، محلل أسواق في الشرق الأوسط في XS.com
٨ يوليو ٢٠٢٤
يتداول سعر الذهب حول مستوى 2372 دولار خلال تعاملات اليوم الاثنين، بعد تراجعه عن ذروته عند 2393 دولار يوم الجمعة الماضي بعد صدور بيانات سوق العمل الأمريكية الأضعف بشكل عام في تقرير الوظائف غير الزراعية والتي زادت التوقعات بأن يبدأ الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في وقت أبكر مما كان متوقعا في السابق، وهو أمر إيجابي لأسعار الذهب، لكن السعر بدأ في الانخفاض وهذا من وجهة نظري بسبب “موقف ترامب” المؤثر بشكل كبير في أسواق السندات.
فقد انخفض الذهب اليوم تماشيا مع معظم السلع الأساسية، والتي تتراجع بسبب المخاوف بشأن مستقبل النمو العالمي بعد بيانات التوظيف الأمريكية التي جاءت دون المستوى المتوقع الأسبوع الماضي.
فقد يؤدي ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية، نتيجة لزيادة احتمالات فوز الرئيس السابق دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر، إلى ضعف سعر الذهب أيضاً. حيث يتوقع السوق أن يخفض ترامب الضرائب لكنه سيحافظ على الإنفاق، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة وهو أمر سلبي بالنسبة للأصول غير المدرة للفائدة، كالذهب.
بالإضافة إلى ذلك، أعتقد أن السعر في المدى القصير يمر حالياً بمرحلة جني الأرباح بعد الارتفاع بنسبة 1.45% الذي شهدناه يوم الجمعة، ونظراً لعلامات الاستفهام حول قدرة الرئيس جو بايدن على تولي منصبه وعدم وجود بديل شعبي له، يُنظر إلى ترامب بشكل متزايد على أنه المرشح الأكثر ترجيحًا للفوز بالانتخابات الرئاسية.
ومن المرجح أن تؤدي سياساته المالية، المعروفة بخفض الضرائب والاقتراض لتغطية العجز، إلى إبقاء التضخم مرتفعًا، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة. وهذا له تأثير سلبي على سندات الخزانة الأمريكية ويدفع العائدات إلى الارتفاع، والتي ترتبط عكسياً بسعر الذهب. كما يستفيد الدولار الأمريكي من التوقعات ويزيد من الضغط على الأسعار ، خاصة السلع المقومة بالدولار في المقام الأول.
ومع ذلك، من رأيي أنه ربما يواصل الذهب اكتساب بعض الدعم من عوامل جيوسياسية واقتصادية كلية أخرى.فلا تزال الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط وأوكرانيا تشكل عوامل تدفع المستثمرين القلقين إلى تخزين ثرواتهم في الذهب.
وتستمر محاولات منظمة البريكس الحكومية الدولية لإلغاء هيمنة الدولار في دعم التوقعات طويلة الأجل للذهب، والذي يُنظَر إليه باعتباره البديل الأكثر واقعية للدولار. وتحاول مجموعة البريكس إيجاد بديل للدولار الأميركي بسبب الطريقة التي استخدمت بها الحكومة الأميركية العملة كسلاح ضد الدول غير الصديقة لها. ولو لم يكن الدولار منتشراً على نطاق واسع، لكانت العقوبات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة أقل تأثيراً.
كما أعتقد أن الطلب المرتفع من جانب البنوك المركزية، والذي يمثل ما يقرب من ربع حجم سوق الذهب، هو عامل إضافي يدعم احتمالات ارتفاع سعر الذهب. خاصة بعد التعزيز غير المتوقع للدولار الأمريكي في الربع الأول من عام 2024، والذي دفع البنوك المركزية الآسيوية للبدء في تجميع وتخزين سبائك الذهب لاستخدامها كتحوط ضد انخفاض قيمة عملاتها المحلية مقابل الدولار الأمريكي.
وبالعودة للبيانات الاقتصادية، فقد أدى ضعف سوق العمل إلى زيادة التوقعات بخفض أسعار الفائدة قريبًا، مما عزز شهية المخاطرة . لكن هذا التأثير لن يكون مستداماً، ذلك لأن كل السلبية في الاقتصاد الكلي لا تؤدي فعلياً إلى انكماش التضخم. وعلى العكس من ذلك، شهدنا تأكيدًا لنمو الأجور بـ 4.1٪ على أساس سنوي، وقراءة التضخم جاءت بـ 3.3٪ على أساس سنوي. وفي الوقت نفسه، وصل معدل البطالة إلى أعلى مستوى له في 31 شهرًا.
وهذا من وجهة نظري يعني إن الوضع الاقتصادي يتدهور بسرعة أكبر من تباطؤ التضخم. وفي هذه الحالة فإن خفض أسعار الفائدة الرئيسية سيكون بمثابة محاولة لدعم النمو الاقتصادي وليس إزالة التشدد المفرط في السياسة النقدية. وهذا يعني أيضاً أن احتمالات خفض أسعار الفائدة لأسباب “سيئة” وليس لأسباب جيدة بالنسبة للأسواق تتزايد، وهو ما يؤثر سلبا على شهية المخاطرة في المدى المتوسط.
وحتى الآن، وصل الذهب حتى الآن إلى مستوى مقاومة عند 2390 دولار، وهو ما تسبب أيضاً في الانعكاس الحالي. ولا يمكن استبعاد المزيد من التحسن في شهية المخاطرة في الأسواق المالية العالمية. وقد تكون قدرة الذهب على اكتساب القوة فوق 2390 دولار بمثابة إشارة سعرية مهمة، تنذر باختبار جديد لأعلى مستوياته التاريخية بالقرب من 2450 دولار.
لكن يمكننا أن نرى احتمالات وجود فرصة أكبر لمزيد من الضغوط الهابط على سعر الذهب. ونرى أن اختراق دعم متوسط المتحرك لمدة 50 يومًا عند 2340 دولار هو الإشارة الأولى للهبوط. وقد يتراجع السعر بعد ذلك بسرعة إلى منطقة 2300 دولار، وهي منطقة دعم رئيسية لتحديد حركة سعر الذهب على مدى الأشهر المقبلة. وسيكون الانخفاض دونها كسر للاتجاه الصعودي منذ أكتوبر والذي بدأ عندما أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي لأول مرة إلى استعداده لخفض أسعار الفائدة.