تحليل سوق لليوم عن رانيا جول، محلل أسواق في الشرق الأوسط في XS.com
٣١ يوليو ٢٠٢٤
سجلت أسعار النفط الخام (WTI) ارتفاعًا ملحوظًا حيث يتداول اليوم الثلاثاء عند حوالي 76.58 دولار للبرميل، بعد أن كان قد انخفض إلى أدنى مستوى له في ثمانية أسابيع عند 74.24 دولار. وفي الوقت نفسه، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 1.39 دولار، أي بنسبة 1.8%، لتصل إلى 80.02 دولار للبرميل. وبرأيي هذا الارتفاع يعزى بشكل كبير إلى التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، والتي أثارت مخاوف بشأن استقرار إمدادات النفط العالمية.
ومن وجهة نظري، يعود أساس الارتفاع في أسعار النفط بشكل رئيسي إلى التصعيد الأخير في التوترات بمنطقة الشرق الأوسط. فقد أثار اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في إيران تصعيدًا في النزاع الإقليمي، مما زاد من احتمالية حدوث اضطرابات في إمدادات النفط.
كما أعلنت إسرائيل عن قتل قائد كبير في حزب الله خلال غارة جوية على بيروت أمس، وهو ما جاء كرد فعل على هجوم صاروخي عبر الحدود استهدف إسرائيل يوم السبت. ومن الجدير بالذكر أن هذه التطورات جاءت على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلها مسؤولون من الولايات المتحدة والأمم المتحدة لمنع تصاعد النزاع إلى مستوى أكبر، والذي قد يزعزع استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
ولا يمكنني إغفال النزاعات الجيوسياسية في أوروبا والتي تزيد من تعقيد المشهد في الأسواق. فبالإضافة إلى التوترات في الشرق الأوسط، هددت سلوفاكيا الحكومة بوقف إمدادات الديزل لأوكرانيا إذا لم تستأنف كييف نقل النفط عبر خط الأنابيب من شركة لوك أويل الروسية إلى أوروبا الوسطى. وبرايي هذا النزاع جاء بعد أن فرضت كييف عقوبات تمنع نقل النفط عبر هذا الخط، وهو ما يهدد بإحداث نقص في الإمدادات في بودابست التي تعتمد على روسيا في 70% من احتياجاتها النفطية.
لكن أعتقد أنه وعلى الرغم من أن أسعار النفط شهدت بعض الدعم من التوترات الجيوسياسية، إلا أنها لا تزال تحت ضغط بسبب مخاوف بشأن ضعف الطلب، خاصة من الصين. فالتباطؤ الاقتصادي في الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، يستمر في التأثير على أسعار النفط. حيث أظهر البيانات الاقتصادية الأخيرة أن نشاط التصنيع في الصين انكمش للشهر الثالث على التوالي في يوليو. وهذا التباطؤ يعزز المخاوف من أن الطلب على النفط في الصين قد يتراجع، مما يحد من قدرة الأسعار على الصعود لمستويات جديدة.
وفي الولايات المتحدة، تترقب الأسواق قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. ومن المتوقع أن يبقي البنك على أسعار الفائدة الحالية، ولكن هناك توقعات متزايدة بشأن احتمال خفض الفائدة في سبتمبر. ومن وجهة نظري أي تخفيض محتمل قد يعزز النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، مما يدعم الطلب على النفط.
ومع اقتراب اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها (أوبك+) المقرر عقده يوم الخميس، من المتوقع عدم إجراء تغييرات كبيرة على سياسة الإنتاج الحالية. ومن المقرر أن تبدأ المجموعة في تخفيف بعض تخفيضات الإنتاج اعتبارًا من أكتوبر المقبل. ومع ذلك، أعتقد إن أي تطورات غير متوقعة في الشرق الأوسط أو تغييرات في السياسة الاقتصادية العالمية قد تؤدي إلى تقلبات مفاجئة في أسعار النفط في المدى القريب والمتوسط.
أيضاً ستصدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تقريرها الأسبوعي عن تغير مخزونات النفط الخام في وقت لاحق من اليوم، حيث تتوقع السوق انخفاضًا قدره 1.60 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 26 يوليو، بعد انخفاض قدره 3.741 مليون برميل في الأسبوع السابق. وبرأيي هذا الانخفاض في المخزونات قد يقدم دعمًا إضافيًا للأسعار في حال تجاوز التوقعات.
وفي النهايه أرى أن أسعار النفط الخام تتجه إلى الاستمرار في الصعود على المدى القصير بفعل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط واضطرابات الإمدادات في أوروبا. لكن المخاوف بشأن ضعف الطلب العالمي، خاصة من الصين، ستبقى تشكل عامل ضغط مستمر على السوق. لذا ستبقى الأوضاع في السوق النفطية مرهونة بالتطورات الجيوسياسية والاقتصادية في الأيام والأسابيع القادمة