تحليل سوق لليوم عن رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
٦ سبتمبر ٢٠٢٤
انخفض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) صباح اليوم الجمعة إلى مادون مستويات 101.00 نقطة ثم عاد للارتفاع بتواضع حيث يتداول الآن بالقرب من 101.07 نقطة، ذلك بعد أن شهدت أسواق الصرف الأجنبي تذبذبات ملحوظة خلال الليلة الماضية، مدفوعة ببيانات اقتصادية أمريكية متباينة. فقد جاء مؤشر التوظيفADP أقل بكثير من التوقعات، حيث سجل 99 ألف وظيفة مقارنة بالتقديرات التي بلغت 145 ألفًا، مما أدى إلى ضعف ملحوظ في الدولار الأمريكي.
إلا أن الطلبات الأسبوعية لإعانة البطالة سجلت 227 ألف طلب مقارنة بـ 230 ألفًا متوقعة، مما دفع الدولار إلى التعافي لبعض الوقت. ومع ذلك، لم يستمر هذا الانتعاش طويلاً، حيث تراجع الدولار مجددًا بعد أن جاءت بيانات الخدمات من معهد إدارة التوريدات متوافقة بشكل عام مع التوقعات.
من جهة أخرى، أدلى جولسبي، عضو في بنك الاحتياطي الفيدرالي، بتصريحات تشير إلى أن الاتجاه نحو تخفيض أسعار الفائدة ليس قريبًا فقط، بل يتوقع أيضًا تخفيضات متعددة على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة، وفقًا لأحدث المخططات الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي. وأشار جولسبي إلى علامات التحذير المتزايدة التي تشير إلى تباطؤ سوق العمل، محذرًا من أن هذا التباطؤ قد يتحول إلى وضع أسوأ. ومع ذلك، أكد أيضًا على عدم الاعتماد بشكل كبير على بيانات التوظيف لشهر واحد فقط عند اتخاذ القرارات.
ومن وجهة نظري، تتركز الأنظار الآن على تقرير الرواتب غير الزراعية NFPالمنتظر اليوم، حيث أتوقع أن يكون هذا التقرير هو المحرك الأساسي لتداولات السوق خلال الأسبوع المقبل. مع توقعات بأن يأتي التقرير إما بنتائج أعلى بكثير من المتوقع أو بمعدل بطالة أقل بشكل ملحوظ، وقد يؤدي ذلك إلى تعزيز الدولار الأمريكي وتراجع التوقعات الميسرة بشأن سياسات الفائدة. وبالمقابل، فإن أي نتائج ضعيفة بشكل ملحوظ قد تزيد من المخاوف حول تباطؤ سوق العمل، مما قد يؤدي إلى تقلبات كبيرة في السوق وضغوط على العملات ذات المخاطر العالية.
ومن رأيي البيانات التي تتماشى مع التوقعات ستكون “حالة ليست جيدة وليست سيئة” للأسواق، وهي ما يدعم سيناريو “الهبوط الناعم” الذي ينتظره الفيدرالي. وفي ظل هذا السيناريو، قد تجد الأسهم الأمريكية مجالًا لتحقيق مكاسب جديدة، بينما قد يعود الدولار إلى أدنى مستوياته. وعلى الرغم من أن هذا السيناريو قد يبدو الأقل تحدوثًا في الأسواق من وجهة نظري، إلا أن الوضع العام يشير إلى استمرار ضعف الدولار ، مما يجعل الاتجاه الهبوطي للمؤشر هو المسار الأقل مقاومة. ومع ذلك، فإن تقرير الوظائف المتفائل حسب توقعاتي قد يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في الدولار نتيجة تغطية المراكز القصيرة، إلا أن هذا الارتفاع قد يكون محدودًا وقد ينتهي بسرعة.
وبرأيي التحدي الحقيقي للاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي يتمثل في تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر أغسطس. مع توقع توظيف 164 ألف شخص في الشهر الماضي، فإن هذا الرقم قد يكون العامل الأساسي في تحديد اتجاهات السوق في المدى القريب. لكن في حال حدوث نتائج غير متوقعة، قد تنقلب الأمور رأسًا على عقب، تمامًا كما حدث في تقرير شهر يوليو. فقراءة أعلى بكثير من التوقعات قد تعني أن الاقتصاد الأمريكي لا يحتاج إلى دعم إضافي من الاحتياطي الفيدرالي، مما يقلل من مخاوف الركود. أما التقرير الأضعف بكثير فقد يؤدي إلى اضطراب الأسواق، مما يجبر الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ إجراءات أكثر حدة بشأن تخفيض أسعار الفائدة.
وفي الوقت نفسه، شهدت سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات انخفاضًا في العائد إلى 3.70%، مخترقة مستوى الدعم الرئيسي عند 3.739%. وبرأيي يعكس هذا الانخفاض تزايد الطلب على الأصول الآمنة وسط توقعات ببيانات تضخم أضعف. ومع بقاء العائد تحت المتوسط المتحرك الأسي لـ 50 يومًا عند 3.814%، يشير ذلك إلى مزيد من المخاطر الهبوطية، مع وجود الدعم التالي عند 3.667%. وهذا الانخفاض في عائدات السندات يؤدي عادةً إلى ضعف الدولار، حيث يقلل من جاذبيته للمستثمرين الدوليين الذين يبحثون عن عوائد أعلى.
لذا يمكن لهذه التطورات أن تضعف الدولار الأمريكي، مما يجعله أقل تنافسية في الأسواق العالمية، بينما قد تستفيد الأصول الحساسة للمخاطر مثل الأسهم والسلع الأساسية من هذا الاتجاه في المدى القصير