تحليل سوق لليوم عن رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤
في ظل الظروف الاقتصادية والجيوسياسية الحالية، يبدو أن زوج العملاتEUR/USD يمر بمرحلة حرجة، حيث يهدف إلى استعادة مستوى 1.1200. رغم التباطؤ الواضح في ضغوط التضخم في ست ولايات في ألمانيا خلال سبتمبر، حيث يبقى اليورو في نطاق تداول ضيق، مما يعزز احتمالية حدوث ضغط حاد وتغيير في سعر الصرف في وقت قريب.
ومن الواضح أن الأسواق تنتظر المزيد من التوضيحات من جانب البنك المركزي الأوروبي حول سياسة أسعار الفائدة. فبالنسبة لكريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، قد تشير في خطابها القادم إلى نوايا البنك بخصوص خفض أسعار الفائدة في أكتوبر. ومن وجهة نظري، هذه الإشارة قد تكون حاسمة في تحديد الاتجاه المستقبلي لليورو، خصوصًا إذا ما ظهرت إشارات جديدة تعزز التوقعات بخفض آخر للفائدة.
وعلى الجانب الآخر، تنتظر الأسواق بفارغ الصبر خطاب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، والذي قد يقدم نظرة أكثر وضوحًا حول حجم الخفض المتوقع لأسعار الفائدة في نوفمبر. وزوج اليورو/الدولار الأمريكي ارتفع اليوم الاثنين نتيجة الضغط على الدولار الأمريكي، وذلك قبل خطاب باول المقرر في الساعة 17:00 بتوقيت جرينتش. حيث يتوقع المستثمرون أن يقدم باول إشارات جديدة حول قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي، وقد تكون هذه الإشارات حاسمة في توجيه الأسواق نحو اتجاه معين.
كما أن احتمالية خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر إلى نطاق 4.25%-4.50% قد تراجعت إلى 41.6%. وهذه النسبة تمثل تراجعًا عن الاحتمال السابق الذي بلغ 53.0% يوم الجمعة الماضي بعد إصدار تقرير مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي(PCE) في الولايات المتحدة لشهر أغسطس.
حيث يعتبر التباطؤ في التضخم السنوي إلى 2.2%، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير 2021، قد أضعف احتمالات خفض كبير للفائدة. ومن جهة أخرى، كان التضخم الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي – الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة – قد تسارع إلى 2.7%، مما يوازن تأثير التباطؤ ويقلل من احتمالية خفض أسعار الفائدة مرتين في الاجتماع المقبل من وجهة نظري.
كما أرى أن الأسواق حالياً في حالة ترقب شديد، ويميل المستثمرون إلى الحذر نظرًا لعدم وضوح الرؤية بشأن السياسات النقدية المستقبلية في كل من أوروبا والولايات المتحدة. والتركيز على البيانات الاقتصادية الأمريكية المتعلقة بالوظائف، مثل تقريرADP وقوائم الرواتب غير الزراعية، سيكون حاسمًا في تحديد كيفية تعامل الاحتياطي الفيدرالي مع التباطؤ الاقتصادي المتزايد.
كما أن العملة الأوروبية الموحدة بقيت في نطاق ضيق خلال الأسابيع الخمسة الماضية، وهو ما يؤكد شكوكنا السابقة حول قدرتها على الاستمرار في الارتفاع. وعلى الرغم من أن اليورو تمكن من اختراق مستوى 1.1200 الأسبوع الماضي، إلا أن فشله في الاستقرار فوق هذا المستوى يشير إلى ضعف الزخم الصعودي. برأيي، الارتفاعات الحالية لا تزال عرضة للتصحيح، خاصة مع استمرار التفاوت في الأداء الاقتصادي بين الاقتصادات الكبرى.
ومن المهم القول أنه وعلى الرغم أن الاقتصاد الألماني يعاني من الركود، إلا أن تأثيره على منطقة اليورو ككل لا يمكن التقليل منه. خاصة بعد أن أظهرت البيانات استمرار التباطؤ، فقد يضغط ذلك على اليورو ويدفعها نحو مزيد من التراجع.
كما إن خطاب جيروم باول سيكون له تأثير كبير على الدولار الأمريكي. فإذا أشار إلى خفض كبير للفائدة في نوفمبر، فقد نرى تراجعًا أكبر للدولار، مما قد يمنح اليورو فرصة للارتفاع مجددًا. ومع ذلك، يبقى الخطر الرئيسي هو أن الفجوة في الفوائد بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو لا تزال لصالح الدولار، مما يجعل من الصعب توقع صعود مستدام لليورو فوق مستويات 1.1200 من الناحية الأساسية.
ومن رأيي لا تزال الأسواق المالية العالمية تراقب عن كثب التطورات القادمة في البيانات الاقتصادية الرئيسية مثل التضخم والنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. وعلى الرغم من بعض التباطؤ في ضغوط الأسعار في أوروبا، إلا أن مخاوف الركود لا تزال تثقل على اليورو. وأعتقد أن السيناريو الأكثر احتمالية هو استمرار الضغط على اليورو في المدى القريب، إلا في حالة ظهور مفاجآت إيجابية من البيانات الاقتصادية أو تصريحات داعمة من البنك المركزي الأوروبي.
في النهاية، يبقى السيناريو الأقرب هو استمرارية التقلبات في حركة العملات والأسواق المالية حتى تتضح ملامح السياسات النقدية بشكل أكبر من جانب البنوك المركزية الكبرى.