تحليل الأسواق لليوم عن سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
٧ أكتوبر ٢٠٢٤
شهدت عملة البيتكوين دفعة صعودية قوية لتتداول بالقرب من 63473 دولار، بعد صدور تقرير الوظائف الأمريكي القوي، والذي أظهر إضافة الاقتصاد الأمريكي 254 ألف وظيفة في سبتمبر، متجاوزًا التوقعات بكثير. وهذه البيانات دعمت شهية المخاطرة بين المستثمرين، وهذا برأيي دفع سعر البيتكوين للارتفاع إلى ما فوق 62000 دولار. ومع انخفاض التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي، اتجهت الأنظار نحو أصول المخاطرة مثل العملات المشفرة، ما عزز من الاتجاه الصعودي للبيتكوين. لكن أعتقد أن تأثير العوامل الاقتصادية الأوسع نطاقًا سيستمر في تشكيل توقعات المستثمرين حول مستقبل السياسة النقدية الأمريكية ودورها في دعم أسعار البيتكوين.
كما يشكل التباطؤ في عملة الإيثريوم تحديًا للسناريو الصعودي العام للعملات المشفرة. وفي نفس الوقت تراجعت العديد من العملات الرقمية الآخرى في الشهر الذي يعتبر تقليديًا صعوديًا لأسعار البيتكوين، وهذا يعكس حذرًا متزايدًا بين المتداولين في السوق، خاصة مع التراجع في سعر البيتكوين بعد وصوله إلى أعلى مستوياته. ومع ذلك، يمكنني القول بأن هذا التراجع قد يكون فرصة لتعافٍ محتمل في المستقبل القريب، مدفوعًا بالتفاؤل التاريخي المرتبط بشهر أكتوبر.
ومن وجهة نظري تعتبر الظروف السوقية المثالية لعملة البيتكوين الأفضل دائماً في أكتوبر . خاصة وأنه في هذا الشهر، بدأت الصين في ضخ 284 مليار دولار من الإنفاق التحفيزي في اقتصادها، مما يشير إلى دعم قوي لنمو السوق. كما خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي بنسبة 0.5%، مع تراجع التضخم إلى مستويات طبيعية. وتزامنت هذه الأحداث مع نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 3% سنويًا في الربع الثاني، مما يرجح توقعات خفض إضافي في أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي في العام المقبل.
لكن، على الرغم من هذه الظروف الإيجابية، انخفضت قيمة البيتكوين بنسبة 4.3% منذ أن كشفت الصين عن إجراءات التيسير الكمي في 25 سبتمبر، وارتفعت العملة المشفرة بنسبة 1.9% فقط بعد خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. وهنا تساءل الكثيرون: “ما الذي يحدث؟ أليس من المفترض أن يصل سعر البيتكوين إلى 100,000 دولار؟
من وجهة نظري، تظهر هذه الأرقام أن هناك شيئًا مفقودًا، وأن السوق لا يستجيب كما كان متوقعًا. ولعل أحد الأسباب هو التوترات الجيوسياسية التي تتسارع حدتها، وتصعيد الأعمال العدائية في الشرق الأوسط. فبدلًا من الاستفادة من هذه الظروف، يبدو أن المستثمرين يفضلون الملاذات الآمنة التقليدية، مثل الذهب، الذي حقق مكاسب بنسبة 29% هذا العام.
حيث يتفوق الذهب على صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين والأسهم الأميركية. لكن الاضطرابات الجيوسياسية يجب أن تؤثر بشكل إيجابي على البيتكوين أيضًا، أليس كذلك؟ وقد تم الإشارة إلى ذلك في تقرير بلاك روك الذي أشاد بعملة البيتكوين باعتبارها “منوعًا فريدًا” ضد المخاطر المالية والجيوسية “ملاذ آمن” لحفظ القيمة.
لكن هذه الفكرة القائلة بأن البيتكوين هو “الذهب الرقمي” لم تعد صحيحة تمامًا برأيي. فبدلًا من أن تظهر كأصل مستقل، تحركت البيتكوين بالتوازي مع السياسات النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي، مما يظهر أنه من المبكر تصنيفها كملاذ آمن قوي.
وعلى الرغم من ذلك، فإن التوقعات بشأن البيتكوين قد أصبحت أكثر تفاؤلاً، فلا يقتصر الأمر على بنك الاحتياطي الفيدرالي والصين، بل تشير بعض التغييرات التنظيمية إلى أن العملات المشفرة ستحصل على إعفاء من الحملة التي قادها جاري جينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
وفي حال فاز دونالد ترامب أو كامالا هاريس بالانتخابات، فقد يتبع كلاهما نهجًا أقل تشدداً تجاه هذه الفئة من الأصول. وأتوقع أن يدفع ذلك المستثمرين إلى العودة إلى سوق العملات المشفرة، خاصة مع زيادة التركيز على التبني الجماعي لها.
وبرأيي، رغم التحديات الحالية يبقى هناك مجال كبير للإيجابية بشأن البيتكوين. ففي الوقت الذي لا يحتاج فيه المستثمرون إلى مبررات منطقية أو أساسيات للشراء أو البيع، فإن الانتباه إلى الأحداث الجيوسياسية والتغيرات في السياسة النقدية قد يكون له تأثير كبير على سلوك السوق في المدى المتوسط والبعيد.
كما أعتقد أن حالة البيتكوين في أكتوبر 2024 ستبقى مزيجًا من التفاؤل والحذر. فقد تكون الظروف الحالية مثالية لنمو العملة المشفرة، لكن الأحداث الجارية تضفي طابعًا معقدًا على الصورة العامة. خاصة في ظل المخاوف من الأزمات الإقليمية والتوترات السياسية، ويبقى السؤال: هل ستنجح البيتكوين في إثبات نفسها كملاذ آمن في وجه هذه العواصف، أم ستظل أسيرة التقلبات المفاجئة؟ لننتظر ونرى.