كُتب بواسطة: رانيا جول ، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يشهد زوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني حالة من الاستقرار بعد التذبذبات الحادة التي شهدها مؤخراً. وبرأيي يُعتبر هذا الاستقرار انعكاسًا لتفاعل السوق مع التطورات الأخيرة في السياسة النقدية لكل من الولايات المتحدة واليابان. ومع بداية تعاملات اليوم الجمعة يتداول الزوج عند 148.65 بانخفاض قدره 0.28%. ومن وجهة نظري هذا التراجع الطفيف يعكس ارتياح الأسواق بعد الخسائر الأخيرة التي تكبدها الين الياباني.
ومن الواضح أن الأحداث المحيطة باجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في سبتمبر الماضي لها تأثير كبير على حركة الدولار مقابل الين. حيث كان هذا الاجتماع محوريًا، حيث شهدت الأسواق حالة من الغموض بشأن مقدار خفض أسعار الفائدة المتوقع. وفي النهاية، قرر الاحتياطي الفيدرالي تخفيض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو قرار لم يكن بالإجماع الكامل.
فقد أظهر محضر الاجتماع بعض التردد بين أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، حيث كان هناك بعض الأعضاء الذين فضلوا خفضًا تدريجيًا بمقدار 25 نقطة أساس فقط. ويُظهر هذا التباين والانقسام في الآراء أن هناك حالة من الحذر داخل الفيدرالي بشأن وتيرة تخفيض أسعار الفائدة، وهو ما قد يؤثر على توقعات السوق لحركة الدولار في المستقبل.
ومن وجهة نظر اقتصادية أوسع، سيلعب التضخم في الولايات المتحدة دورًا محوريًا في توجيه قرارات الفيدرالي المقبلة. وقد جاء تقرير مؤشر أسعار المستهلك لشهر سبتمبر ليؤكد أن التضخم ما زال فوق التوقعات، حيث سجلت النسبة العامة للتضخم 2.4%، وهو أعلى من المتوقع. كما ارتفع التضخم الأساسي الذي يستثني العناصر المتقلبة مثل الطاقة والغذاء. وهذه البيانات برأيي تشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يجد نفسه في موقف صعب؛ فعلى الرغم من ضعف بعض بيانات التوظيف مؤخرًا، إلا أن ضغوط التضخم المتزايدة قد تحد من خياراته فيما يتعلق بخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر. هذه التحديات تزيد من تعقيد الصورة بالنسبة لحركة الدولار في مقابل العملات الرئيسية الأخرى، بما في ذلك الين الياباني.
ومن جانب آخر، يتبنى بنك اليابان سياسة نقدية متساهلة نسبيًا مقارنة بنظيره الأمريكي. ويبدو لي أن البنك المركزي الياباني متردد في رفع أسعار الفائدة، على الرغم من الضغط الدولي لمواجهة التضخم والظروف الاقتصادية الصعبة. كما تشير التوقعات إلى أن بنك اليابان سيبقي على أسعار الفائدة في نطاق 0-0.25% خلال اجتماعه المرتقب في نهاية أكتوبر.
وفي الوقت نفسه، يحاول رئيس الوزراء الجديد، شيجيرو إيشيبا، الحفاظ على توازن دقيق في موقفه تجاه السياسة النقدية، خاصةً مع اقتراب الانتخابات المبكرة. ويبدو أن تصريحاته المتحفظة حول الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة تعكس رغبة في تجنب أي تحركات مفاجئة قد تؤثر سلبًا على الأسواق قبل الانتخابات.
ومن منظور التحليل الأساسي، أعتقد أن الفارق بين السياسة النقدية في الولايات المتحدة واليابان هو المحرك الرئيسي لحركة زوج الدولار/الين. ففي حين يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي ضغوطًا متزايدة للتعامل مع التضخم عن طريق خفض أسعار الفائدة بشكل متدرج، يبقى بنك اليابان ثابتًا في موقفه بشأن الحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة. وهذا الفارق في التوجهات يمكن أن يدعم قوة الدولار مقابل الين على المدى القصير إلى المتوسط. إلا أن هناك عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار، مثل التطورات الاقتصادية والسياسية في اليابان، خاصة مع اقتراب الانتخابات.
ومن الجدير بالذكر أن تحركات سوق العمل في الولايات المتحدة تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مستقبل السياسة النقدية الأمريكية، وبالتالي تؤثر على حركة الدولار. وقد جاءت تقارير التوظيف الأخيرة أضعف من المتوقع، ما دفع بعض الأعضاء المتساهلين في الاحتياطي الفيدرالي إلى دعم تخفيضات أكبر في أسعار الفائدة. لكن مع التحسن النسبي في تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر سبتمبر، قد يتبنى الفيدرالي نهجًا أكثر حذرًا في الاجتماعات المقبلة، حيث تتوقع الأسواق الآن خفضًا أقل حدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط أو ربما التثبيت في نوفمبر.
وفي المقابل، يبدو أن السياسة النقدية اليابانية ستظل على حالها في المستقبل القريب. فالتحفظ الياباني على رفع أسعار الفائدة يعزز من احتمال استمرار ضعف الين مقابل الدولار، خاصة في ظل الفارق الواضح بين عوائد السندات في كلا البلدين.
وفي النهاية، يتضح من التحليل أن استقرار زوج الدولار مقابل الين ليس سوى استراحة مؤقتة في مسار طويل من التذبذبات المحتملة. فالفارق الكبير بين السياسات النقدية في الولايات المتحدة واليابان، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي يواجهها كل بلد، سيبقى برأيي عاملًا رئيسيًا في توجيه حركة هذا الزوج في المستقبل. بينما قد تستمر قوة الدولار في التفوق على الين على المدى القريب، إلا أن تطورات غير متوقعة، سواء من ناحية التضخم أو التوظيف أو حتى السياسة، قد تغير من هذا المسار وتؤدي إلى تذبذبات غير متوقعة.
التحليل الفني لـ أسعار الدولار/الين (USDJPY):
فنياً إذا تجاوز زوج الدولار الأميركي/الين الياباني مستوى 150، فقد يؤدي ذلك إلى موجة بيع للين، وهو ما قد يلحق الضرر بالأسر اليابانية التي تعاني بالفعل من التضخم. ويحرص الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم على تجنب هذا السيناريو، لذا فقد وعد بتقديم حزمة تحفيزية بعد الانتخابات لتخفيف العبء عن المستهلكين.
ولنتذكر أن اجتماع بنك اليابان في الحادي والثلاثين من أكتوبر سيكون محوريا. فقد تعمل توقعات التضخم المحدثة على تهدئة التوقعات برفع أسعار الفائدة في وقت قريب، ولكن التركيز الأكبر يظل منصبا على بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والانتخابات الأميركية المقبلة. وقد يؤدي فوز ترامب، المعروف بتشدده في السياسة المالية إلى ارتفاع زوج الدولار الأميركي/الين الياباني إلى ما يزيد عن 150 نقطة، بدعم من ارتفاع عائدات السندات لأجل عشر سنوات، وهذا ما يؤثر في فنيات الزوج وسط استقراره الحذر.
الرسم البياني لأسعار الدولار / الين (USDJPY) MT4 –– XS.com
وعلى الرسم البياني اليومي زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني محايد إلى متحيز نحو الارتفاع بعد تجاوز مستويات المقاومة الرئيسية مثل المتوسط المتحرك لمدة 50 يومًا (DMA) ودخول سحابة إيشيموكو (كومو). وتشير الزخم إلى أن المشترين ما زالوا يسيطرون على السوق من خلال مؤشر القوة النسبية (RSI) ومن الجدير بالذكر أن مؤشر القوة النسبية لا يزال بعيدًا عن ذروة الشراء، وهو ما يشير إلى أن الزوج قد يمدد مكاسبه.
وإذا تمكن زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني من تمديد مكاسبه فوق أعلى مستوى سجله في 15 أغسطس عند 149.39، فسوف يستهدف مستوى المقاومة النفسي عند 150.00. وفي حالة اكتساب المزيد من القوة، فقد يختبر الزوج المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم عند 151.39.
ومن ناحية أخرى، سيحتاج سعر زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني إلى الاستقرار تحت أدنى يومي له، وهو أدنى مستوى في 8 أكتوبر عند 147.35. وبمجرد تجاوزه، قد يختبر الزوج قاع مؤشر سحابة ايشيموكو عند 146.40 و 146.60، قبل الدعم الرئيسي عند 145.50 في المدى المتوسط.
مستويات الدعم: 148.33 – 147.96 – 147.35
مستويات المقاومة: 149.08 – 149.45 – 150.06