تحليل الأسواق لليوم عن سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
١١ أكتوبر ٢٠٢٤
يتداول الجنيه الإسترليني على ثبات نسبياً مقابل الدولار الأمريكي مع مكاسب بقرابة 0.05% صباح اليوم وذلك بعد أن بلغ الأمس أدنى مستوى له في شهر.
التحركات المحدودة للجنيه تأتي بعد الأرقام المتباينة لقطاعات الاقتصادي البريطاني لشهر أغسطس. فحتى إن لم تحمل البيانات تلك المفاجئة الإيجابية القادرة على إعادة احياء التيار الصاعد للجنيه، إلا أنها توحي بأن الاقتصاد لا يزال مستقراً على الرغم من بيئة معدلات الفائدة المرتفعة نسبياً.
في القراءات الشهرية، كان قد نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في أغسطس بما يتوافق مع التوقعات. فيما كانت قد عكست قطاعات الانشاء والإنتاج الصناعي والتحويلي الانكماش السابق إلى نمو أفضل من المتوقع، باستثناء الانشاء الذي نما بأقل من المتوقع. في حين كان قد تباطأ نمو الخدمات على نحو أسرع من المتوقع من 0.4% إلى 0.1%.
أما للقراءات السنوية، فقد كانت الأرقام أكثر تبايناً، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بأقل من المتوقع من 0.9% إلى 1.0%. كما أن الإنتاج الصناعي قد انكمش على نحو أسرع من المتوقع وذلك في مقابل النمو غير المتوقع لقطاع الانشاءات وانكماش الإنتاج التحويلي بأقل من المتوقع.
عودة الاقتصاد إلى النمو مجدداً، وإن كانت ليس بنفس الوتيرة التي شهدناها خصوصاً في الربع الأول من العام، من شأنها أن تعطي الراحة لبنك إنكلترا فيما إذا قرر العودة إلى نهجه الحذر في خفض أسعار الفائدة خصوصاً مع عودة المخاطر الصعودية للتضخم إلى الواجهة مجدداً.
كما أن ارتفاع معدلات التعثر الائتماني خلال الربع الثالث كان أقل مما كان متوقعاً بعد الربع الثاني وفق مسح بنك إنكلترا لظروف الائتمان الذي نشر الأمس، وهذا من شأنه أيضاً أن يعزز من السردية السابقة، وذلك أنه هذا قد يعكس الاستقرار المالي للاقتصاد.
تلك المخاطر الصعودية للتضخم تأتي تحديداً من الشرق الأوسط وسط المخاوف حول إمكانية عودة أسعار الطاقة إلى الارتفاع في حال تفاقم التصعيد في الحرب الإقليمية. فمن المحتمل يؤدي استهداف المنشآت النفطية الإيرانية من قبل إسرائيل والرد المقابل إلى عرقلة الامدادات من الإقليم. في حين أن هذا التصعيد قد يتسع ليلحق الضرر بمصالح الدول الأخرى المصدر للنفط في الإقليم، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست.
لكن في المقابل، وعلى ضوء تحدثت به آكسيوس الأمس نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، فإن الولايات المتحدة باتت أقل قلقاً من الخطوة التي سيتخذها الجانب الإسرائيلي وبأن الفجوات ما بين الحلفيين قد تضيقت بما يخص توقيت ونطاق الرد الذي سيكون قريباً. فيما أن الولايات المتحدة كانت قلقة من إمكانية استهداف المنشآت النفطية والنووية الإيرانية مخافة خروج التصعيد عن السيطرة ويؤدي إلى تأجيج التضخم مجدداً بالتزامن مع بداية الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل.
مع هذا كله، لا يزال من المتوقع أن يقوم بنك إنكلترا بخفض المعدلات بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر المقبل خصوصاً بعد حديث أندرو بيلي لصحيفة الغارديان الأسبوع الفائت حول إمكانية اتخاذ نهج أكثر حدة في الخفض. كما قد تحدثت صحيفة وول ستريت جورنال في ذات الأسبوع عن أن تغيير موقف كبير اقتصادين البنك المركزي هيو بيل ودعمه لخفض سعر الفائدة، بعد أن كان صوت ضد الخفض الأخير، من شأنه أن يعزز من احتمالية الخفض في نوفمبر.
بعيداً، في الولايات المتحدة، فقد عززت القراءات المفاجئة لمؤشر أسعار المستهلك الامس فرضية عدم تحقيق أكثر من نصف نقطة مؤية من الخفض لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي حتى نهاية هذا العام. حيث يتوقع أن يقوم الفيدرالي بخفضين بمقدار 25 نقطة أساس في كل من الاجتماعين المقبل في نوفمبر وديسمبر وذلك باحتمالية بأكثر من 80%، وفق CME FedWatch Tool.
فيما أعتقد هذا الانحسار للتوقعات المتفائلة السابقة حول وتيرة سريعة لخفض المعدلات من قبل الفيدرالي خصوصاً بعد الخفض الكبير في سبتمبر إضافة إلى تعزيز الدولار الأمريكي لمكانته كملاذ آمن وسط التوتر الجيوسياسي المتصاعد من شأنه أن يشكل المزيد من الضغط على الجنيه للتراجع.