بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
سجل الذهب اليوم المزيد من المكاسب التاريخية في التعاملات الصباحية الباكرة ولامس مستوى 2714 دولاراً للأونصة في التعاملات الفورية قبل أن يتراجع قليلاً.
مكاسب الذهب تأتي وسط تجدد عدم اليقين الجيوسياسي القادم من الشرق الأوسط مع علامات الاستفهام المتزايد حول مسار الصراع في الإقليم بعد مقتل يحيى السنوار. كما أن تزامنت مكاسب الذهب في الجلسة الآسيوية مع البيانات من الصين التي أظهرت المزيد من تباطؤ نمو الاقتصاد وانكماش أسعار المنازل.
شهد الأمس تحولاً جوهرياً في مسار الحرب في الشرق الأوسط مع مقتل القائد العسكري لحماس. ففي حين أن هذا الحدث نظر إليه على أنه بمثابة فرصة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة ووقف الحرب، وهو ما قد يمثل فرصة للتوصل إلى تهدئة شاملة في الإقليم.
هذا ما تتحدث به الإدارة الامريكية على لسان جو بايدن وكاميلا هارس وغيرهم من المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين الذين تحدثوا لوسائل الاعلام. لكن في المقابل، يرى البعض الآخر أن هذه فرصة لتشكيل المزيد من الضغط العسكري لتحقيق “الانتصار الشامل”، بمعنى آخر المزيد من التصعيد المحتمل في الأفق.
هيئة التحرير في صحيفة وول ستريت جورنال في مقال للرأي ترى أن أفضل طريقة لردع أعداء إسرائيل هو اظهار الانتقام الشرس، وأنها على ضوء ما حدث الامس تستحق المزيد من الدعم من الولايات المتحدة. واعتقد أن هذه السردية هي ما سيحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترسيخها الأن.
أضف إلى ذلك، يتشاءم توماس فريدمان في مقال للرأي في صحيفة نيويورك تايمز بقدرة هذا الحدث على الدفع نحو وقف الحرب وذلك على ضوء رفض الائتلاف الحاكم في إسرائيل لأي اتفاق أ ومسار يؤدي إلى وقف الحرب أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية. هذا صحيح، فقد تحدث الوزراء الأشد تطرفاً، اتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الأمس عن ضرورة مواصلة الضغط العسكري.
علاوة على هذا الضغط العسكري، فإن ما حدث قد يعطي المزيد من الزخم لخطة الإسرائيليين لاستيطان شمال غزة. وهذا إن نجح، فقد يتم تطبيقه في الجنوب أيضاً، وفق ما نقلته Politico في وقت سابق هذا الأسبوع. هذا لا يتماشى أيضاً مع فرضية الدفع نحو وقف الحرب.
وفي كل الأحوال فإن موت السنوار سيترك الإقليم في حالة من عدم اليقين لجهة مسار التفاوض والحرب وذلك نظراً إلى أن القرار في حماس كان يتخذ عبره. كما قال مسؤول عربي لصحيفة واشنطن بوست أنه لا إجابة حول مصير المفاوضات الأن، وقال مسؤول عربي آخر للصحيفة أيضاً أنه هناك توقعات ضئيلة بأن يشكل موت السنوار نقطة تحول باتجاه السلام.
على هذا كله، فلا أعتقد أن إسرائيل قد تتجه إلى اتخاذ أي خطوة من شأنها تخفيف التوتر في الإقليم، فيما قد تتجنب التصعيد الهائل فقط خلال فترة الانتخابات في الولايات المتحدة تلبية لرغبات الإدارة الامريكية الحالية.
كما أن هذا يأتي مع ترقب الهجوم الإسرائيلي على إيران رداً على الهجوم الصاروخي غير المسبوق. فيما يُعتقد أن إسرائيل قد تقوم بهجوم يستفز إيران للقيام برد مضاد أشد قوة من الرد السابق وهذا ما بدوره سيقود إلى سلسلة من الهجام والهجمات المضادة بما سيترك الإقليم بأكمله في حالة من عدم اليقين. فيما أن هذا ما قد يحدث فعلاً بعد الانتهاء من الانتخابات الأمريكية.
بعيداً عن الشرق الأوسط، وعلى الجانب الاقتصادي، فقد شهدنا سلسلة أخرى من البيانات الاقتصادية من الصين. حيث تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث إلى 4.6% على أساس سنوي من 4.7%. إضافة إلى ذلك فقد انكمشت أسعار المنازل للشهر السادس عشر على التوالي في سبتمبر الفائت. كان تلك الأرقام في مقابل تسارع نمو الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة على نحو أكبر من المتوقع.
فيما يبدو أن استمرار انكماش أسعار المنازل من شأنه أن يعزز من جاذبية الذهب كوجهة استثمارية أكثر آمناً في ظل المعنويات المنخفضة لدى الاسر وهذا من شأنه أن يبقي على الطلب مرتفعاً على المعدن الأصفر.
أما في الولايات المتحدة، فقد شهدنا أيضاً الأمس بيانات أفضل من المتوقع لمبيعات التجزئة لشهر سبتمبر في مقابل انكماش أسرع من المتوقع للإنتاج الصناعي. إلا أن تلك الأرقام لم تستطع أن تغير من توقعات الأسواق حول المسار المتحمل لأسعار الفائدة لبيقة هذا العام وهذا ما قد افسح المجال للذهب لمتابعة مكاسبه القياسية على الرغم من قوة الدولار وارتفاع عوائد السندات.
في حين لا يزال من المرجح أن يقوم الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل من الاجتماعين المقبلين في نوفمبر وديسمبر المقبلين، وفق CME FedWatch Tool.
كما أن خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة الامس قد يعزز من التفاؤل حول استمرار البنوك المركزية في مسار الخفض حول العالم وهذا الذي من شأنه أن يعزز من جاذبية الذهب أيضاً. كان هذا الخفض على الرغم من توقعات البنك بارتفاع التضخم مجدداً بل عودته إلى مساره المطلوب وبقاء الضغوط التضخمية من نمو الأجور.