بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يواصل الذهب حصد المكاسب التاريخية اليوم ولامس مستوى 2758 دولاراً للأونصة لأول مرة.
مكاسب الذهب تأتي عدم اليقين السياسي مع اقتراب بداية الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وذلك مع تقارب نتائج حظوظ المرشحين في الاستطلاعات. غياب أي افق قريب للتوصل لوقف إطلاق النار في أي من جبهات الشرق الأوسط المشتعلة يبقي على الجاذبية المرتفعة للمعدن الأصفر أيضاً.
في حين يبدو أن ارتفاع الذهب المستمر على الرغم من قوة الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد سندات الخزانة يعزز من فرضية أن هذا الارتفاع يأتي على ضوء عدم اليقين المتزايد أكثر من كونه يأتي من الأمل حول خفض أسعار الفائدة.
مع تبقي أقل من أسبوعين على بداية الانتخابات الرئاسية، نرى ألا تقدم مطلق لأي من المرشحين على الأخر. فيما أن كاملا هاريس متقدم بمقدار 1.7 نقطة مؤية عن المرشح الجمهوري دونالد ترامب في متوسط استطلاعات الرأي وفق أرقام FiveThirtyEight.
هذا التقارب الشديد في استطلاعات الرأي قد يقلل من الرهانات على الأصول الخطرة والتي قد تهتز بقوة بعد اعلان النتائج وفي ذات الوقت قد تعزز الطلب على الأصول الآمنة.
فخلال الجلستين السابقتين، كانت قد جذب أكبر صناديق الذهب المادي SPDR Gold Trust (GLD)صافي تدفقات موجبة بقرابة 580 مليون دولاراً، كما أن صندوق iShares Gold Trust (IAU) قد سجل قرابة 82 مليون دولاراً من التدفقات في نفس الفترة.
فيما لا يبدو أن وول ستريت تتشارك نفس وجهات النظر. حيث تحدثت وول ستريت جورنال عن الرهانات المتزايدة لصناديق تحوط على إمكانية فوز دونالد ترامب. حيث يراهن البعض على المزيد من قوة الدولار مع فرض ترامب للرسوم الجمركية وإعادة اشعال الحروب التجارية. هذا ما من شأنه أن يغذي التضخم وهو ما انعكس بدوره عبر ارتفاع عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل التي تعكس التوقعات برفع أسعار الفائدة مستقبلاً.
هذا بدوره ما قد يكون عاملاً سلبياً يضغط على الذهب لكبح مكاسبه، لكن في المقابل فإن صندوق النقد الدولي يرى بأن حالة عدم اليقين مرتفعة حول المستقبل. ذلك أن الحرب التجارية والتعرفات الجمركية من شأنها أن تعرقل سلاسل الامداد العالمية وتعيق النمو على المدى المتوسط.
بعيداً، في الشرق الأوسط، فقد شهدنا الحديث المتزايد من الإدارة الأمريكية حول الدفع باتجاه وقف إطلاق النار خصوصاً مع زيارة وزير الخارجية أنطوني بلينكن إلى إسرائيل. فيما لا اقتعد أن هذا سيؤدي إلى أي تقدم ملموس في اتجاه وقف الحرب في أي من جبهات الإقليم.
حيث كانت قدمت مصر مقترحاً مصغراً حول وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة. فيما لا يبدو أن هذا المقترح سيؤدي إلى شيء خصوصاً مع رفض وزراء اليمين المتطرف في إسرائيل له، وفق تحدث به مسؤولون إسرائيليون لآكسيوس سابقاً هذا الأسبوع. هذا بما يخص وقفاً مؤقتاً للحرب، فيما أن التوصل إلى اتفاق لوقف دائم وانهاء الحرب سيكون أكثر صعوبة. كما أن حماس قد لن تقبل بإعادة الرهائن مالم يتم وقف الحرب، وفق نيويورك تايمز.
أما فيما يخص لبنان أن فقد نقلت إسرائيل شروطها لوقف حربها هناك والتي يعتقد أنها لن تلقى قبولاً لبنانياً نظراً لأنها تشكل انتهاكاً للسيادة، وفقاً لآكسيوس أيضاً. ذلك أن الشروط تنطوي على منيح الحرية لإسرائيل للقيام بأعمال عسكرية داخل لبنان.
أضف إلى ذلك، يقول نيكولاس كريستوف في مقال للرأي في نيويورك تايمز بأنه متشك باغتنام “الفرصة” لوقف الحرب بعد مقتل قائد حماس يحيى السنوار وذلك لغياب الضغط الكافي من الإدارة الأمريكية على إسرائيل. كما يرى بأن الزخم حول هذه الفرصة قد يتلاشى في الأيام القادمة مع تفاقم التصعيد فيما إذا قامت إسرائيل بمهاجمة إيران بما يدفع الأخيرة للقيام برد مضاد.
بدلاً من السعي للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، نرى زخماً متزايداً في الداخل الإسرائيلي لفكرة إعادة استيطان قطاع غزة وهذا ما يتناقض مع أي جهود للسلام. حيث تحدثت وول ستريت جورنال عن المزيد من الدفع لهذه الفكرة من قبل أعضاء في حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الليكود الذي يصف نفسه بالليبرالي وهذا يأتي بالتزامن مع الخطابات المتصاعدة لليمين الديني المتطرف حول إعادة الاستيطان.
عليه، أعتقد أن الحديث المتزايد عن الأمل باقتراب التوصل إلى تهدئة لهذه الحرب الإقليمية مبالغ به وسننساه مع الجولات المقبلة من التصعيد.