كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تستمر أسعار النفط الخام في مواجهة ضغوط متعددة تؤثر على مسارها المستقبلي، حيث بدأت تعاملاتها اليوم الاثنين عند 70.42 دولار للبرميل. وهذه الأسعار من وجهة نطري تتشكل في سياق عدة عوامل، أبرزها السياسة الإنتاجية لأوبك+ والتوجهات الاقتصادية العالمية. ففي خطوة غير متوقعة، قررت أوبك+ تمديد التخفيضات الطوعية للإنتاج لمدة شهر، وهو قرار يعكس الاستجابة لمتغيرات السوق الحالية. وتأتي أهمية هذه التحركات في وقت حساس، حيث تتزايد الشكوك حول مدى استقرار الطلب على النفط في ظل التوترات الجيوسياسية والاقتصادية.
فبينما كانت أوبك+ قد خططت في البداية لزيادة إنتاجها بمقدار 180 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من ديسمبر، تم تأجيل هذه الزيادة حتى اجتماع ديسمبر المقبل، مما قد يسهم برأيي في تعزيز الأسعار مؤقتًا. وهذا التأجيل يمكن أن يعكس استراتيجية مدروسة من أوبك+ للتعامل مع التقلبات الحالية في السوق، والتي تشمل تراجع الطلب العالمي الناجم عن التباطؤ الاقتصادي في الصين. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا حول استدامة هذا الارتفاع، خاصة مع احتمالية سحب التخفيضات الطوعية في المستقبل، ما قد يؤدي إلى زيادة العرض في السوق ويضع ضغوطًا هبوطية على الأسعار على المدى البعيد.
وأعتقد أيضاً أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة تعتبر عاملًا حاسمًا في تحديد اتجاه أسعار النفط. حيث يتطلع المستثمرون إلى رؤية ما ستسفر عنه هذه الانتخابات من نتائج، حيث ستؤثر السياسات الاقتصادية للإدارة الأمريكية الجديدة بشكل مباشر على الطلب العالمي للنفط. وفي ظل انقسام واضح في الاستطلاعات بين المرشحين، أتوقع أن تشهد السوق تقلبات ملحوظة بناءً على أي إشارات تتعلق بالسياسات المحتملة التي قد تتبناها الإدارة القادمة. ومن المؤكد أن أي خطوات ملموسة من قبل الإدارة الجديدة ستلعب دورًا كبيرًا في تشكيل توقعات السوق على المدى القصير.
كما أن البيانات القادمة عن واردات الصين ستكون محور اهتمام كبير برأيي، حيث إن أي تراجع في الطلب الصيني يمكن أن يؤثر سلبًا على الأسعار ويضعف الزخم الصعودي الذي شهدناه مؤخرًا. فالصين، التي تعد واحدة من أكبر مستهلكي النفط في العالم، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على العرض والطلب. وإذا أظهرت البيانات تراجعًا في الواردات، فقد تضاف ضغوط جديدة على الأسعار، مما قد يؤدي إلى تراجعها أكثر.
ومن جهة أخرى، يستمر تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط في التأثير على السوق، مما يزيد من حالة الترقب بين المتداولين. وفي حال حدوث هجمات جديدة أو تصعيدات في النزاعات القائمة، يمكن أن تشهد الأسعار ارتفاعات مؤقتة. وهذه التقلبات تجعل السوق في حالة ترقب دائم، حيث يمكن أن تؤدي أي أحداث غير متوقعة إلى تأثيرات سريعة على الأسعار.
ورغم هذه الظروف، فإن الأسعار شهدت ارتفاعًا اليوم الاثنين، حيث أضافت أوبك+ ضغوطًا إيجابية من خلال قرارها بتمديد تخفيضات الإنتاج، وهو ما ساعد على رفع أسعار النفط، مع تسجيل خام برنت ارتفاعًا بمقدار 1.18 دولار للبرميل. ومع ذلك، أرى أنه يجب الحذر من أن أي ارتفاع في الأسعار لأنه قد يواجه مقاومة عند مستويات معينة، مثل 78.50 دولار، مما يشير إلى أن السوق قد تكون في حالة جمع للزخم لفترة من الوقت واتجاهها العام هابط.
وعندما أتحدث عن المستقبل، يبدو لي أن حركة أسعار النفط ستكون في نطاق عرضي جانبي واسع، وأتوقع بأن تبقى الأسعار محصورة بين المستويات المنخفضة والارتفاعات المحدودة. في الوقت الذي ينتظر فيه السوق انتخابات الرئاسة الأمريكية، وأعتقد أن هذه المرحلة ستكون حاسمة في توجيه الحركة المستقبلية للأسعار. ومن وجهة نظري سيلعب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي دورًا رئيسيًا في تحديد اتجاه الأسواق من خلال سياساته النقدية، التي قد تؤثر بدورها على أسعار النفط.
في النهاية يمكنني القول، أن أسعار النفط تواجه تحديات عديدة، ولكن بفضل تدابير أوبك+، يمكن أن تستفيد من دعم مؤقت. ومع ذلك، يبقى التركيز على العوامل الأخرى، مثل التوترات الجيوسياسية والانتخابات الأمريكية، التي قد تؤثر على الاتجاه العام. لذا، يجب على المستثمرين الاستعداد لمزيد من التقلبات والبحث بحذر عن إشارات قريبة المدى من السوق يمكن أن تساعد في توجيه قراراتهم الاستثمارية.