كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تواصل البيتكوين تألقها بقوة مدفوعة بتزايد الدعم من السوق، إذ تجاوزت قمتهاالقياسية عند 73777 دولارًا في ظل تعزيزات معنوية من تقدّم ترامب في الجولة الاولى من الانتخابات الأميركية. وهذا التقدم يضيف زخمًا إيجابيًا على الاتجاه الصعودي، حيث يسعى المستثمرون إلى الاستفادة من حالات عدم اليقين السياسي كفرصة لتعزيز حيازاتهم من الأصول المشفرة. ومع ميل السوق نحو الأصول ذات المخاطر العالية، تتعزز احتمالات استمرار الطلب على البيتكوين، مما يدفع بالأسعار نحو مستويات قياسية جديدة.
وجاءت هذه الارتفاعات المتتالية في سعر البيتكوين بعد تراجعها بسبب تدفقات خارجية كبيرة من صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) في البيتكوين. وهذه التحركات تأتي في وقت حساس حيث يشهد السباق الرئاسي الأمريكي تحولًا، مع تقدم الرئيس السابق دونالد ترامب على حساب منافسته كامالا هاريس. وهنا أرى أنه، لا يمكننا تجاهل التأثير الذي قد تتركه تطورات الانتخابات الأمريكية على أسواق العملات المشفرة بشكل عام، خاصة مع توجيه الأنظار نحو دور البيتكوين في السياسات الاقتصادية المقبلة.
ومنذ الإعلان عن تقدم ترامب قبل ساعات، شهدت الأسواق المالية، بما فيها البيتكوين، تحركات ملحوظة. أعتقد أنه لا يخفى على أحد أن ترامب كان قد أبدى دعمًا لافتًا للعملات المشفرة في فترات سابقة، مما دفع البعض إلى توقع أن فوزه قد يكون بمثابة دفعة قوية للبيتكوين. وقد تؤدي فترة الرئاسة الثانية لترامب إلى بيئة تنظيمية أكثر دعمًا للعملات المشفرة، مما يساهم في زيادة قيمتها على المدى الطويل. ويتزامن هذا مع تكهنات بأن سوق البيتكوين سيستفيد من السياسات الاقتصادية التي قد يتبناها ترامب، مثل تقليص القيود التنظيمية على العملات المشفرة أو تحسين بيئة الضرائب.
ومن ناحية أخرى، أظهرت بيانات حديثة أن تدفقات الأموال من صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين شهدت خروجًا بقيمة تتجاوز 540 مليون دولار في يوم واحد في بداية الاسبوع، مما يشير من وجهة نظري إلى حالة من التقلب والشكوك في السوق. وقد يكون هذا التراجع مؤشراً على قلق المستثمرين من تغيرات سياسية قد تؤثر سلبًا على السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة، خصوصًا إذا تمكنت هاريس من استعادة الصدارة في السباق الرئاسي. والتوقعات تبقى بأن تزداد التقلبات في السوق خلال الساعات القادمة وأعتقد أن العملات المشفرة، بما في ذلك البيتكوين، ستبقى رهينة للتحولات السياسية والاقتصادية في المدى القريب والمتوسط.
والتحولات التي نشهدها الآن قد تكون جزءًا من “تداول ترامب” برأيي، وهو مصطلح يستخدم لوصف تحركات الأسواق التي تتماشى مع التوجهات الاقتصادية والسياسية التي قد يتبناها ترامب. وهذه التحركات تتضمن عادةً صعود الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى زيادة في أسعار الأصول مثل السندات الحكومية والذهب، مما يعكس توقعات بزيادة العجز المالي وارتفاع التضخم. وفي هذا الإطار، تعتبر البيتكوين واحدة من الأصول التي قد تحقق أداءً قويًا بسبب قدرتها على الحفاظ على قيمتها في بيئات اقتصادية تتسم بالضبابية.
ومما يثير الانتباه أيضًا هو التحول في سياسة العملات المشفرة في حال فوز أي من المرشحين في الانتخابات، فإن التغيرات في سيطرة مجلس الشيوخ قد يكون لها تأثير كبير على التشريعات الخاصة بالعملات المشفرة. وقد يسهم ذلك في تشكيل السياسات التي تؤثر مباشرة على قطاع الأصول المشفرة، مثل تأكيد التعيينات الرئاسية المتعلقة بالهيئات التنظيمية مثل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) ولجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) وهذه التعيينات ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الأطر القانونية للعملات المشفرة في الولايات المتحدة.
وفي ضوء هذه المعطيات، أتوقع أن يستمر البيتكوين في التأرجح في نطاقات واسعة حتى تظهر ملامح الفائز في الانتخابات الأمريكية. وإذا تحقق فوز ترامب، قد يتسارع صعود البيتكوين بفضل البيئة التنظيمية المتساهلة التي قد تطرأ. أما في حالة فوز هاريس، فقد نرى عودة للشكوك والتقلبات في السوق، حيث قد تطرح سياسات أكثر تشددًا قد تؤثر سلبًا على أسعار البيتكوين على المدى القصير. وفي النهاية، قد تؤثر هذه الانتخابات بشكل كبير على حركة البيتكوين في المستقبل القريب، إذ ستكون النتيجة مفتوحة على احتمالات متباينة.
ومن الواضح بالنسبة لي أن البيتكوين لا يزال يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتطورات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة. سواء تحت قيادة ترامب أو هاريس، وستبقى سوق العملات المشفرة تتفاعل مع التغيرات في السياسات الاقتصادية، مما يترك المجال مفتوحًا أمام تقلبات سعرية كبيرة. وبما أن البيتكوين يعتبر من الأصول التي تستجيب للأوضاع الاقتصادية والمالية بشكل سريع، فإن توقعات حركتها في المستقبل برأيي ستكون مرهونة بالتغيرات المتوقعة في المشهد السياسي الأمريكي، وهو ما قد يشكل فرصة للمستثمرين أو تهديدًا في حال استمرت الأوضاع في التذبذب.