بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يتراجع الذهب على نحو ملحوظ اليوم لينحدر إلى ما دون مستوى 2700 دولاراً للأونصة في المعاملات الفورية في ذروة التراجعات ويمحو بذلك مكاسب نوفمبر.
هبوط سعر الذهب يأتي مع اتجاه الدولار الأمريكي وعوائد سندات الخزانة لتسجيل أكبر مكسب يومي خلال هذا العام مع عودة دونالد ترامب إلى البيض الأبيض مرة ثانية.
حيث حصد ترامب 277 صوتاً من المجمع الانتخابي وذلك بعد فرز معظم الأصوات، وفق أرقام وكالة أسوشيتد برس.
مع تكشف هذه النتائج كانت عوائد سندات الخزانة في اتجاه صاعد استطاعت فيه تلك لأجل عشرة أعوام أن ترتفع بمئتي نقطة وتصل إلى 4.477% وهذا ما يمثل أعلى مستوى منذ بداية يوليو الفائت. في ذات الوقت، كان ارتفاع عوائد سندات الخزانة لأجل عامين أقل حدة مع مكاسب بقرابة 100 نقطة أساس. على هذا، فإن الفرق ما بين العائدين يتجه لتحقيق أسرع اتساع لصالح سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام هذا العام وذلك بقرابة 100 نقطة أساس. أيضاً فقد استطاع مؤشر الدولار أن يرتفع بأكثر من 1.7% ويستعيد مستوى 105 نقطة لأول مرة منذ يوليو أيضاً.
هذا ما قد يعكس توقعات الأسواق بعودة التضخم إلى الارتفاع على المدى الطويل وذلك على ضوء السياسات الاقتصادية التي سيتجه ترامب لتطبيقها مع عودته إلى البيت الأبيض بداية العام المقبل. هذه السياسات تعنون بكونها حمائية وتهدد بعودة الحروب التجارية ما بين الولايات المتحدة وكبار شركائها التجاريين وتهدف في النهاية لخفض الاعتماد على المستوردات.
تسعير الأسواق لعودة التضخم إلى الارتفاع قد يعني أن الفيدرالي سيكون أقل تساهلاً مع خفض معدلات الفائدة خلال العام المقبل أو ما بعده وهذا ما قد يعيد تغذية أهم العوامل الضاغطة على الذهب للتراجع. بالفعل فقد تراجعت احتمالية خفض المعدلات بمقدار 25 نقطة أساس في يناير، بافتراض تحقيق خفض بمقدار نصف نقطة مؤية هذا العام، المقبل من 69% قبل شهر إلى 32% اليوم، وفق CME FedWatch Tool.
تأثير هذه السياسات قد لن يقتصر على تقوية الدولار أمام العملات الأجنبية، بل سيمتد ليعمق من حالة عدم اليقين حول مستقبل الاقتصاد العالمي وهذا ما سيترك الذهب أمام عوامل متعاكسة التأثير. على سبيل المثال، كان قد حذر صندوق النقد الدولي في تقرير الآفاق الاقتصادية الإقليمية لآسيا والمحيط الهادئ لشهر نوفمبر من عواقب الحروب التجارية والتي ستؤدي إلى رفع حالة عدم اليقين وتهدد قدرة الإقليم على مواصلة النمو.
هذا ما قد يتسبب بتسارع الطلب على الملاذات الآمنة في آسيا وخصوصاً في الصين، وفي حين أن أسعار المنازل هناك مستمرة في الانكماش فقد يلقى الذهب الجاذبية الأكبر. لا ننسى أن آسيا باستثناء الشرق الأوسط تستحوذ على 67% من الطلب العالمي على السبائك والعملات المعدنية الذهبية، وفق لأرقام الربع الثالث من مجلس الذهب العالمي.
عدم اليقين تجاه العوامل الجيوسياسية قد يتفاقم أيضاً مع عدم معرفة ما قد تكون عليه سياسيات ترامب تجاه خصومه أو حلفائه. ففي الشرق الأوسط، قد يعول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على عودة ترامب لإطلاق يده في الإقليم وتشكيل المزيد من الضغط على إيران وهذا ما قد يجعل تحقيق التهدئة في الإقليم أبعد من السابق.
كما يأتي هذا وسط تعزيز نتنياهو لقواعد بقائه في السلطة التي يزداد فيها هيمنة اليمين المتطرق أكثر فأكثر عبر إقالة وزير دفاعه الأمس وتقديم بديل يُرجح على أنه لن يعارضه في النهج المتشدد تجاه مفاوضات وقف إطلاق النار. في المقابل، فقد تحدث ترامب في السابق عن أنه سيقوم بوقف الحرب فور عودته إلى الحكم وهذا ما قد يتعارض مع مصلحة نتنياهو الذي يُعتقد على نطاق واسع على أنه يعول على بقاء الصراع مشتعلاً لتعزيز بقائه في السلطة.
أما في أوكرانيا فقد تحدث ترامب سابقاً أيضاً عن نيته لوقف الحرب هناك فور عودته، في حين قد كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن هذا قد يتحقق عبر ارغام أوكرانيا على التفاوض عبر قطع المساعدات عنها.
قد يثير حديث ترامب السابق عن النية لوقف الحروب المشتعلة التفاؤل، إلا أنني لا أستبعد أن يقوم أي من نتنياهو أو زيلينسكي بمفاقمة الصراعات التي يخوضانها لجر الولايات المتحدة إلى تلك الحروب.