كُتب بواسطة: رانيا جول ، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تراجع زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني مع بداية تعاملات اليوم الخميس بشكل متواضع ليتداول عند 155.91 ، عقب بلوغه أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، ما يثير تساؤلات حول مدى تأثير بيانات التضخم اليابانية الأخيرة على استقرار العملة اليابانية. ومن رأيي فإن الارتفاع غير المتوقع في مؤشر أسعار المنتجين الياباني لشهر أكتوبر يعطي إشارة قوية ببدء تحول في مسار التضخم، مما قد يدفع بنك اليابان نحو إجراءات استثنائية لمواجهة التضخم.
والآن يمكن لنا توقع زيادة سعر الفائدة، وهو الأمر الذي سيعزز الين الياباني بشكل ملحوظ. ومن وجهة نظري، فإن ارتفاع أسعار المنتجين يمثل ضغطاً إضافياً على الاقتصاد الياباني وقد يدفع مسؤولي السياسة إلى مواجهة تحديات جديدة تتعلق بتعديل السياسات النقدية لتعزيز الاستقرار النقدي والمالي.
من جهة أخرى، يبقى الدولار الأمريكي مدعومًا ببيانات التضخم الأمريكية التي أظهرت استمرار الضغط التضخمي، وهو ما يزيد من احتمالات استمرار سياسة الاحتياطي الفيدرالي الحالية. فعلى الرغم من توافق قراءات التضخم الأمريكي مع التوقعات، إلا أن الارتفاع المستمر في أسعار المستهلك يضع أمام الفيدرالي الأمريكي مسألة إعادة النظر في قراراته بشأن أسعار الفائدة. وأرى أن هذه البيانات تجعل من الصعب على البنك المركزي الأمريكي خفض الفائدة في المدى القريب، حيث ستظل الحاجة قائمة لمواجهة الضغوط التضخمية المتزايدة. ومن المرجح أن يستفيد الدولار الأمريكي من هذه الظروف، مما قد يحافظ على استقراره أمام العملات الرئيسية، وإن كان بتذبذبات محدودة بسبب التوترات الاقتصادية والسياسية العالمية.
ورغم التراجع الأخير في زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني، إلا أن الاتجاه الصعودي للزوج يظل قائماً على المدى القصير والمتوسط. فالدعم الذي يتلقاه الدولار يأتي من توقعات الأسواق بأن السياسة المالية للإدارة الأمريكية الجديدة تحت قيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستؤدي إلى ضغوط تضخمية. إذ إن سياسات الحماية الجمركية وفرض التعريفات المرتفعة وخفض الضرائب المتوقع أن تتبناها الإدارة قد تؤدي إلى زيادة الإنفاق المحلي، مما سيدعم التضخم ويخفف من ضغوط خفض أسعار الفائدة. ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن التوجه الأمريكي نحو سياسات مالية جديدة قد يضعف احتمال خفض الفائدة بشكل حاد، مما يدعم الدولار في مواجهة العملات الأخرى بما في ذلك الين الياباني.
وعلى الجانب الياباني، جاءت بيانات مؤشر أسعار المنتجين بأعلى من التوقعات، حيث سجل المؤشر ارتفاعاً بنسبة 3.4% على أساس سنوي و0.2% على أساس شهري في أكتوبر. ويعكس هذا الارتفاع ضغوطاً تضخمية قد تنتقل سريعاً إلى أسعار المستهلك، وهو ما يشكل تحدياً لبنك اليابان الذي طالما سعى لتحفيز الاقتصاد عبر سياسات نقدية ميسرة. وهذه البيانات تضع البنك المركزي الياباني في موقف حساس، حيث يتعين عليه الموازنة بين دعم النمو الاقتصادي ومكافحة التضخم المتزايد. وفي رأيي، فإن أي إشارة من بنك اليابان لرفع الفائدة ستؤدي إلى جذب تدفقات رؤوس الأموال، مما سيعزز الين الياباني بشكل طبيعي. وفي الوقت ذاته، قد يشكل رفع الفائدة مخاطرة على الاقتصاد الياباني الذي ما زال يعاني من تحديات هيكلية تؤثر على معدلات النمو.
أما في الولايات المتحدة، فرغم أن بيانات مؤشر أسعار المستهلك جاءت متوافقة مع التوقعات، إلا أنها تشير إلى استمرار الضغوط التضخمية. فمعدل التضخم الرئيسي ارتفع إلى 2.6% على أساس سنوي، بينما بلغ التضخم الأساسي 3.3%. وتظهر هذه الأرقام بوضوح أن التضخم لا يزال تحت السيطرة لكن في مستويات مرتفعة نسبياً، مما يعزز التوقعات باستمرار التشدد النقدي في الولايات المتحدة.
ومن وجهة نظري، هذه البيانات تضيف مزيداً من التعقيد للمعادلة الاقتصادية في الولايات المتحدة، حيث يجب على الفيدرالي الأمريكي اتخاذ قرارات حذرة لعدم التأثير سلباً على النمو الاقتصادي. وإن حافظ البنك على سياسته المتشددة تجاه التضخم، فقد يظل الدولار قوياً أمام العملات الأخرى، خاصة أمام الين الياباني الذي يتأثر بتفاوت السياسات النقدية بين البلدين.
أيضاً الملفت في محضر اجتماع بنك اليابان الأخير، والذي صدر يوم الأحد، هو الانقسام الواضح بين المسؤولين حول توقيت رفع الفائدة. فبينما يؤكد محافظ بنك اليابان كاتسو أويدا أنه سيواصل رفع الأسعار إذا تطابقت البيانات الاقتصادية مع التوقعات، فإن البنك المركزي يحتفظ بتوقعاته برفع الفائدة إلى 1.0% بحلول النصف الثاني من 2025. وفي رأيي، قد يسعى بنك اليابان إلى زيادة تدريجية للفائدة، لكن ذلك يعتمد بشكل كبير على استمرار التضخم ضمن نطاق يمكن السيطرة عليه. ففي حال تصاعدت الضغوط التضخمية بصورة أكبر، قد يلجأ البنك إلى تسريع رفع الفائدة بشكل يتناسب مع المخاطر الاقتصادية.
في النهاية، يبقى زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني تحت تأثير عوامل متباينة تشمل السياسات المالية والنقدية لكل من الولايات المتحدة واليابان، والتحديات التضخمية التي تواجه كلا البلدين. وبينما يبدو أن الدولار الأمريكي قد يحتفظ بدعمه على المدى القصير، فإن أي تغيير في سياسات بنك اليابان تجاه رفع الفائدة قد يعزز الين ويعيد تشكيل التوازن في هذا الزوج. ومن المرجح أن تبقى الأسواق في حالة مراقبة دقيقة لأي بيانات جديدة تصدر من كلا الجانبين، حيث سيلعب التضخم دورًا حاسمًا في توجيه قرارات السياسة النقدية وتأثيراتها على العملات العالمية.
التحليل الفني لـ أسعار الدولار/الين (USDJPY ):
الرسم البياني لأسعار الدولار/الين – USDJPY–MT4 XS.com
وبوجه عام، في التحليل الفني الحالي، يظهر الدولار الأمريكي قوة صعودية متزايدة مع احتمالات لمواصلة الارتفاع نحو مستويات جديدة. فالزيادة غير المتوقعة في الزخم الصعودي دفعت الدولار الأمريكي إلى تسجيل 155.95 أمام الين، وهو مؤشر قوي على استمرار الاتجاه الصاعد. وأتوقع أن يصل السعر إلى مستوى المقاومة الرئيسية عند 156.00 في المدى المتوسط. ويبقى مستوى الدعم الرئيسي عند 154.00، مما يعزز استمرارية الاتجاه الصاعد الحالي، حيث من المتوقع أن يقتصر أي تراجع على هذا المستوى أو بالقرب منه، مع وجود دعم ثانوي عند 154.35.
وعلى المدى الأبعد، ومع بقاء الزخم الصعودي قوياً، قد يتمكن الدولار الأمريكي من الوصول إلى مستوى 156.00 في الأيام المقبلة. فارتفاع الزخم واستعادته بقوة يشير إلى احتمال تجاوز الدولار لنطاق تداوله السابق، والذي يمكن أن يكون بين 151.30 و156.00. وللحفاظ على هذا الزخم الإيجابي، يجب على الدولار الأمريكي البقاء فوق مستوى الدعم القوي عند 153.35. لإن ثبات السعر فوق هذا المستوى سيعزز الاتجاه الصاعد، مما يعكس استمرار القوة الشرائية على الدولار ودعم هذا الاتجاه على المدى المتوسط.
مستويات الدعم: 155.76 – 155.061 – 154.45
مستويات المقاومة: 156.12 – 156.70 – 157.12