بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
عمق الذهب خسائره اليوم وبلغ المزيد أدنى مستوياته منذ منتصف سبتمبر الفائت وصل إلى قرابة 2540 دولاراً للأونصة في أقصى تراجعاته في المعاملات الفورية، وبذلك يتجه المعدن الأصفر إلى تسجيل خسائر لليوم السادس على التوالي.
استمرار خسائر الذهب يأتي وسط استمرار تدفق بيانات التضخم وسوق العمل في الولايات المتحدة والتي من شانها أن تبقي على الأمل ضعيفاً بشأن إمكانية خفض أسعار الفائدة في العام المقبل. حيث كانت اعانات البطالة الأولية الأسبوعية عند 217 ألف مطالبة وهو ما كان أقل من المتوقع إضافة إلى تسارع تضخم أسعار المنتجين في أكتوبر.
فيما قد تسارع نمو مؤشر أسعار المنتجين (PPI) نمواً إلى 0.2% على أساس شهري من 0.1% سابقاً بما يتماشى مع التوقعات. في حين قد سجلت القراءة السنوية نمواً أعلى من المتوقع من 1.9% إلى 2.4%.
جاءت أرقام اليوم بعد بيانات أسعار المستهلك لشهر أكتوبر والتي شهدناها الأمس. حيث قد تسارع التضخم مجدداً إلى 2.6% على أساس سنوي.
في حين أن جملة هذه البيانات لم تغير على نحو جوهري من توقعات الأسواق بشأن الخطوات المقبلة للاحتياطي الفيدرالي، حيث قد تضاءل الأمل بإمكانية خفض المعدلات في الشهر الأول من العام الجديد وهذا ما قد يبرر استمرار خسائر الذهب.
حيث يتوقع باحتمالية 28% أن يقوم الفيدرالي بخفض المعدلات في يناير المقبل بمقدار 25 نقطة أساس بعد الخفض شبه الحتمي المرتقب في ديسمبر المقبل. في حين أن احتمالية الخفض في يناير كانت قد تجاوز 60% قبل أكثر من شهر، وفق أرقام CME FedWatch Tool.
كما قد واصلت عوائد سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام ارتفاعها اليوم لتبلغ أعلى مستوى لها منذ يوليو الفائت عند 4.48%. أما مع تسارع التضخم السنوي في قراءة الأمس، فإن العوائد الحقيقة المعدلة بالتضخم استمرت في الارتفاع لتبلغ المزيد من أعلى مستوياتها منذ العام 2015 عند 2.083%. هذا الارتفاع في العوائد الحقيقة من شأنه أن يشكل المزيد من الضغط على الذهب للتراجع مع فقدان بريقه مقابل السندات ذات العائد المرتفع نسبياً والذي من المتوقع أن يبقى كذلك لفترة أطول من المتوقع.
أما بما يتعلق بالعوامل الجيوسياسية، فيبدو أنها قد تبقى عاملاً ايجابياً داعماً للذهب كملاذ آمن خلال العام المقبل. حيث أن المشهد يبدو أكثر تعقيداً مع المزيد من القاء الضوء على سياسات ترامب المتوقع اتباعها والكشف عن كبار مسؤولي الإدارة الجمهورية المقبلة.
على الجبهة الأوكرانية، كان قد وعد ترامب بإنهاء الحرب في يوم توليه لرئاسة البيت الأبيض. أما بعد فوز ترامب يرى الخبراء أن هذا الوعد أبعد ما يكون عن إمكانية تحقيقه. حيث يرى توماس فريدمان في مقال للرأي في نيويورك تايمز أن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب سيتطلب المزيد من الضغط على الجانب الروسي والذي لن يتجه إلى عقد اتفاق ما لم يضمن ضم الأقاليم التي سيطر عليها. كما يقول فريدمان بأنه إذا أراد ترامب التوصل إلى اتفاق فقد يجب عليه دعم أوكرانيا للحفاظ على خط المواجهة الحالي لمدة 12 شهراً – أي أن المواجهة قد تمتد على الأقل لأبعد من عام من تولي ترامب السلطة وليس يوماً واحداً.
أما في الشرق الأوسط، فنرى أيضاً المزيد من العلامات على أن المستقبل أمام الإقليم في ظل الإدارة الجديدة لن يحمل سوا التصعيد للحرب الإقليمية. فخلال الأشهر القليلة الفائتة كنا نرى زخماً متصاعداً للدعوى لضم شمال قطاع غزة إلى إسرائيل تمهيداً لضم الجنوب لاحقاً، لكن هذا الأسبوع أصبحنا أمام الدفع نحو ضم الضفة الغربية وذلك مع تشريح ترامب لمايك هاكابي لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل. حيث تحدث هاكابي أنه من الممكن ضم الضفة الغربية خلال فترة الإدارة المقبلة – على الرغم من أن الضم ليس من أولويات ترامب في سياساته للشرق الأوسط بخلاف اليمين المتطرق في اسرائيل.
هذا، إضافة إلى الاتجاه نحو المزيد من التصعيد مع إيران، برأيي يتناقض مع أي دفع نحو خفض التصعيد في الإقليم. هذا التصعيد قد يطال في حال تفاقم تدفقات النفط من الإقليم بما قد يتسبب بعودة الأسعار والتضخم إلى الارتفاع وهذا ما قد يشكل عائقاً أمام ترامب لتطبيق سياساته الاقتصادية.