بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يستمر النفط الخام في الارتفاع لليوم الثالث على التوالي مع مكاسب بقرابة 0.4% لكل المعيارين الرئيسيين، برنت وغرب تكساس الوسيط اللذان يقتربان من مستوى 74 و70 دولاراً للبرميل على التوالي.
انتعاش أسعار النفط هذا الأسبوع يأتي وسط المخاوف حول إمكانية تفاقم الصراع في الجبهة الروسية-الأوكرانية بعد التصعيد المتبادل غير المسبوق وخروجه عن السيطرة، مما قد يتسبب بعرقلة امدادات الخام.
بعد أيام فقط من سماح الولايات المتحدة لأوكرانيا باستهداف العمق الروسي بصواريخ ATAMCS، فقد تم اطلاقها بالفعل وهذا ما قد دفع روسيا إلى تعديل عقيدتها النووية بما قد ينذر بدخول الصراع إلى مرحلة غير مسبوقة الخطورة. حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بعد استخدام تلك الصواريخ أن هذا التصعيد هو مرحلة جديدة في الحرب.
قد يكون السيناريو النووي متطرفاً مستعبداً برأيي إلى حد الأن، طالما أنه لا تغيير جوهري في ميزان القوى لصالح أوكرانيا، حيث يمكن أن تقوم روسيا بالتصدي على نحو أكثر فعالية للهجمات أو تقوم بتكثيف ضرباتها الجوية لتحييد منصات الاطلاق وأماكن التخزين، أي احتواء التصعيد.
لكن ما قد يؤدي إليه هذا الاستفزاز للجانب الروسي هو سعي الأخير للضغط على الولايات المتحدة عبر تشكيل خطر أكبر على مصالحها عبر زيادة العمليات التخريبية في الدول الأوروبية أو دعم الحوثيين في اليمن، وهذا ما يتخوف منه المسؤولون فعلاً كما تقول وول ستريت جورنال.
في حال تم احتواء هذا التصعيد فعلاً، الذي قد يكون بمثابة دفع لتعزيز الموقف التفاوضي لكلا الأطراف قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير، فقد يعود التركيز على الأساسيات الضعيفة في سوق النفط وأهمها الطلب على الخام من الصين. بهذا قد نشهد تجدداً للخسائر القاسية.
الصين أهم محطات انظار سوق الطاقة، وهذه الأخيرة لا تزال تبدو متشائمة حول مستقبل الطلب على الخام من قبل أكبر مستورديه في العالم. حيث تفاعلت الأسواق سلبياً في السابق مع اعلان حزم الدعم المتعددة في الصين، حيث يعتقد الخبراء أنها غير كافية لدعم الاستهلاك ودفع الطلب الداخلي الضعيف. في مقابل من الظروف الداخلية غير المشجعة، فقد يتعرض الطلب الخارجي – الذي تعول عليه الصين لدفع النمو – للضغط أيضاً مع تفاقم الحروب التجارية مع عودة ترامب.
مع المخاوف حول الحرب التجارية والضرر الذي قد يلحق بالصادرات الصينية، يتوقع الاقتصاديون وفق مسح لرويترز بأن الاقتصاد الصيني قد يشهد تباطؤاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.2% في العام 2026 نزولاً من 4.5% كنمو متوقع للعام المتقبل.
في المقابل، فإن العلاقات التجارية الامريكية الصينية معقدة ومتشابكة للغاية وقد لن تقتصر المرحلة المقبلة من الإدارة الامريكية على فرض تعرفات جمركية ضخمة على الصين فحسب. حيث شهدنا خلال الأسابيع الأخيرة تقارير حول الإجراءات التي قد تتخذها الصين لردع ترامب من فرض هذه التعرفات الضخمة، فضلاً عن حديث الخبراء عن الضرر الذي قد يلحق بالاقتصاد الأمريكي نتيجة لهذه الحرب التجارية والتشكيك بإمكانية فرض هذا القدر من الرسوم في المقام الأول.
من بين المشككين في منافع هذه السياسات الحمائية لترامب هو العالم الاقتصادي بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل لمساهمته في نظريات التجارية الدولية. حيث يرى كروغمان، وذلك في مقال للرأي نيويورك تايمز، بأن الولايات المتحدة قد تخسر هذه الحرب التجارية في عهد الإدارة القادمة وذلك على ضوء جملة من الأسباب ومنها ما وصفه “الجهل” بكفيفة عمل التجارة الدولية، وذلك مع نفي ترامب لعواقب التعرفات الجمركية على المستهلك الأمريكي.
إضافة إلى المخاوف حول الاقتصاد الصيني، فإن التشاؤم المتزايد حول بقاء أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مرتفعة مطولاً قد يزيد من الضغوط على أسعار الخام لتجديد تراجعها. حيث لم تعد تبلغ احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض المعدلات بمقدار ربع نقطة مؤية في يناير سوا 15% بعد أن تجاوز 60% قبل أكثر من شهر، وفق أرقام CME FedWatch Tool.