بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يعود اليورو إلى الارتفاع اليوم وينمو بنسبة 0.2% أمام الدولار الأمريكي مستعيداً بذلك مستوى 1.051 في حين لا يزال بالقرب من أدنى مستوياته لهذا العام.
مكاسب اليورو تأتي مع استغلال التصحيح الذي تمر به عوائد سندات الخزانة بعد أن وصلت لمستويات تبدو جذابة للشراء. هذا ما قد أعطى اليورو القدرة على مواجهة السيل المستمر للبيانات الأضعف من المتوقع وآخرها ما أشار إلى انهيار ثقة حول الاقتصاد الألماني مع أدنى قراءة لمؤشر GfK لمناخ المستهلك منذ أبريل الفائت.
حيث قد سجلت القراءة الرئيسية لمؤشر GfK -23.3 في نوفمبر وهو ما كان بعيداً عن التوقعات. كان هذا على ضوء تراجع حاد لتوقعات الدخل وبعض التراجع للنية للشراء في مقابل ارتفاع الرغبة في الادخار، وفق التقرير. كما أشار التقرير إلى أن المستهلك بات أكثر تشاؤماً حول الحالة الاقتصادية الراهنة إضافة إلى استمرار تضاؤل الأمل حول التعافي، وكان هذا التشاؤم بسبب ارتفاع حالات الإفلاس وفقدان الوظائف. كما قال خبير المستهلك في معهد نورمبرج لقرارات السوق رولف بوركل بأن عدم اليقين لدى المستهلك قد تزايد مؤخراً وهذا ما يفسر ارتفاع الرغبة في الادخار.
تقرير GfK اليوم يأتي تالياً لتقرير Ifo لمناخ الأعمال لنوفمبر والذي شهدناه سابقاً هذا الأسبوع وأشار أيضاً إلى “التخبط” الذي يحل بالاقتصاد الألماني وسط تراجع معنويات الاعمال سواء بما يخص الحالة الراهنة أم التوقعات المستقبلة حيث تزايد التشاؤم لدى الشركات في كل من قطاعات التصنيع والخدمات والانشاء.
هذين التقريرين أيضاً يأتون إضافة إلى التقارير الصادمة لمديري المشتريات من S&P Global التي شهدناها الجمعة الفائتة. حيث قد انكمشت أنشطة الخدمات في ألمانيا ومنطقة اليورو على نحو غير متوقع واستمر تقلص أنشطة التصنيع وذلك وسط معنويات متدنية للغاية للأعمال.
في حين أن تقارير مديري المشتريات قد أشعلت المخاوف مجدداً حول سلامة اقتصاد الإقليم خصوصاً على ضوء الحروب التجارية المرتقبة مع عودة دونالد ترامب ويضاف إليها المخاوف حول تفاقم الصراع في أوكرانيا وخروجه عن السيطرة.
هذا الأداء الاقتصادي المثير للقلق أدى إلى بروز احتمالية أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع في ديسمبر المقبل، وفق فايننشال تايمز.
في المقابل، على الجانب الآخر من الأطلسي، نشهد لهجة حذرة من الاحتياطي الفيدرالي حول وتيرة خفض المعدلات في العام المقبل وقد أكد محضر الاجتماع الأخير الذي نشر الأمس على هذا مع حديث صناع السياسية النقدية على ضروري اتخاذ نهج متدرج للخفض. في حين أن أعضاء الفيدرالي يرون أن مخاطر حول التباطؤ في سوق العمل أو الاقتصاد قد تباطأت.
أضف إلى ذلك فقد أشار تقرير مديري المشتريات لنوفمبر أيضاً أن المعنويات قد انتعشت بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية التي كان تحيط الاقتصاد بحالة من عدم اليقين، وهذا ما قد ترافق مع توسع لأنشطة الخدمات على نحو أسرع من المتوقع.
على هذا، فإن احتمالية قيام الفيدرالي بخفض سعر في يناير المقبلة لا تزال منخفضة ولا تبلغ سوا 15% وفق CME FedWatch Tool. في حين أن الخفض المرتقب بمقدار ربع نقطة مؤية في ديسمبر لا يزال مرجحاً.
لكن مع هذا كله، نجد أن اليورو يحاول الارتفاع اليوم وذلك وسط انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية. حيث أن عوائد السندات لأجل عشرة أعوام الأعلى من 4.4% يبدو أنها تشكل فرصة للشراء خصوصاً بعد خفض لأسعار الفائدة وكذلك انخفاض التضخم نسبياً والذي أوصل العوائد الحقيقة إلى أعلى مستوياتها منذ العام 2015.
إلا أن عوائد السندات الألمانية مستمرة في التراجع الحاد وتقع عند أدنى مستوياتها من أوائل أكتوبر الفائت على ضوء الآفاق الاقتصادية القاتمة. في حين أن عودة عوائد سندات الخزانة إلى الارتفاع مدفوعة بالأمل المتراجع حول وتيرة خفض المعدلات العام المقبل قد على فجوة العائد مع سندات منطقة اليورو في الاتجاه المتسع وهذا ما قد يضغط على اليورو لاستئناف خسائره.
حيث تبلغ الفجوة ما بين سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام ومقابلتها الألمانية 2.11% وهذا ما يقع بالقرب من أعلى المستويات منذ أبريل الفائت والتي شهدناها يوم الجمعة.