كُتب بواسطة: رانيا جول ، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تشير حركة السعر الحالية لزوج الدولار الأمريكي/الين الياباني عند 150.049 اليوم الأربعاء إلى تداولات معقدة تحكمها عوامل متعددة تتقاطع بين الاقتصاد والجغرافيا السياسية. فعلى الرغم من الدعم حول المستوى النفسي 150.00، إلا أن التوقعات الصاعدة للين الياباني قد تعيق استمرار المكاسب. ويبدو لي أن التوجه المتوقع لبنك اليابان نحو رفع أسعار الفائدة في ديسمبر نتيجة لارتفاع التضخم الأساسي يضغط على الحركة الحالية، ويُظهر مؤشر أسعار المستهلك في طوكيو أن الضغوط التضخمية تتزايد، وهو ما يعزز احتمالية تدخل البنك المركزي لدعم الين. ومن وجهة نظري، هذا العامل قد يكون كفيلاً بإعادة تشكيل الاتجاه قصير ومتوسط المدى للزوج، خاصة إذا تزامن مع تطورات أخرى على الساحة العالمية.
فعلى الجانب الجيوسياسي، تزداد المخاطر مما يوفر بيئة داعمة للين كملاذ آمن. بعد التصعيد في أوكرانيا، والتوترات الناتجة عن تعهدات دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة، والتي تضع المستثمرين أمام احتمالات زيادة الاضطراب الاقتصادي. فهذه العوامل لا تعزز فقط الطلب على العملات الآمنة مثل الين، بل تضع أيضًا ضغوطًا على الدولار الأمريكي في ظل قلق الأسواق من تأثير السياسات النقدية المحتملة على التضخم.
وعليه يمكنني القول بإن ضعف عائدات سندات الخزانة الأمريكية يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز جاذبية الين، حيث انخفضت العائدات القياسية لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوياتها منذ أكتوبر، مما ضيق الفجوة بين عوائد الولايات المتحدة واليابان.
أيضاً لا يبدو لي أن الدولار الأمريكي يمتلك الزخم الكافي لتعزيز اتجاه صاعد قوي. فعلى الرغم من تعافيه من أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع، فإن ضعف المكاسب يعكس شكوك المستثمرين حول مستقبل السياسات النقدية الأمريكية. والسوق تراقب عن كثب بيانات الاقتصاد الكلي الأمريكية، مثل تقرير الوظائف غير الزراعية المنتظر، وخطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، لمعرفة الاتجاه المستقبلي لأسعار الفائدة. مع توقعات متباينة بخفض جديد للفائدة بنسبة 25 نقطة أساس والتي تُبقي الدولار عالقًا بين التوقعات المتضاربة لمزيد من التيسير النقدي أو التوقف عن خفض الفائدة نتيجة المخاوف التضخمية.
ومن وجهة نظري، تعتبر السياسات المعلنة من دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية مشددة على دول مجموعة “البريكس” وعلى شركاء تجاريين كبار مثل الصين وكندا والمكسيك بمثابة شعلة جديدة لمزيد من التوترات التجارية العالمية. وهذا التوجه يحمل تداعيات مزدوجة على الدولار والين الياباني، حيث إنه من جهة، قد يؤدي إلى تعزيز التضخم في الولايات المتحدة نتيجة ارتفاع تكاليف الواردات، مما يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى وقف خفض أسعار الفائدة أو حتى العودة إلى رفعها. ومن جهة أخرى، قد يعزز ذلك جاذبية الين كملاذ آمن وسط تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي.
وإذا ارتفعت عائدات السندات الأميركية نتيجة لهذه السياسات، فقد نرى زخماً صعودياً جديداً للدولار مقابل الين. ومع ذلك، سيبقى تأثير هذه الخطوة محدوداً إذا استمرت التوترات التجارية في زيادة المخاطر العالمية، مما يدفع المستثمرين إلى الأصول ذات العوائد الأقل، مثل الين الياباني. والسيناريو الذي قد يدعم هذه الرؤية يتمثل في زيادة عائدات السندات الأميركية التي تضيق الفجوة مع نظيرتها اليابانية، ما يضعف من قدرة الين على المنافسة.
كم تعتبر التطورات الاقتصادية في اليابان، مثل ارتفاع الإنفاق الرأسمالي بنسبة 8.1%، دافع الى التعافي الذي يدعم موقف بنك اليابان الأكثر تشدداً. فالبيانات الاقتصادية الأخيرة، التي أشارت إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في طوكيو، تعزز من احتمالية رفع الفائدة في ديسمبر، خاصة مع تصريحات المحافظ كازو أويدا حول استعداده لمزيد من التشديد النقدي. وبرأيي هذه العوامل مجتمعة تجعل من الين الياباني منافساً قوياً، خاصة في مواجهة الدولار الذي قد يعاني من تقلبات نتيجة القرارات السياسية والتجارية للإدارة الأميركية الجديدة.
في الصين، أظهرت مؤشرات مديري المشتريات الصناعية وغير الصناعية إشارات متباينة، حيث تعززت الآمال بتحفيز حكومي جديد لدعم الاقتصاد. هذا التحسن النسبي قد يدعم الطلب العالمي على المخاطر، مما قد يقلل الضغط على الدولار الأميركي والين الياباني على حد سواء، حيث ينتقل التركيز إلى احتمالات النمو الاقتصادي العالمي.
وبالنظر إلى جميع هذه العوامل، يبدو لي أن حركة زوج الدولار/الين ستبقى محكومة بمزيج من المؤشرات الاقتصادية، والسياسات النقدية، والتوترات الجيوسياسية. وأتوقع أن يكون الأداء المستقبلي متقلباً، حيث يوازن السوق بين قوة الدولار المدعومة بعائدات السندات واحتمالية تشدد بنك اليابان. وقد يتأرجح الزوج في نطاق واسع على المدى القصير، مع استمرار التركيز على المستويات النفسية الرئيسية مثل 150.00 التي قد تشكل محطات مهمة للتداول.
وفي المجمل، يبقى زوج الدولار/الين عالقاً بين القوى الاقتصادية والجيوسياسية المتغيرة، مع ميل طفيف لصالح الين إذا استمرت التوترات العالمية في التصاعد وبدأت السياسات النقدية اليابانية في التوجه نحو المزيد من التشدد.
التحليل الفني لـ الدولار/الين (USDJPY ):
استطاع زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني الحفاظ على دعمه فوق المتوسط المتحرك البسيط لـ 100 يوم عند مستوى 148.96، مما يعكس تمسك المشترين بالمناطق القريبة من هذا الدعم. والحركة السعرية اليومية مؤخراً أظهرت تشكل شمعة المطرقة المقلوبة، وهي إشارة انعكاسية، وإذا أغلق الزوج ايجابياً اليوم، فقد يمنحه ذلك دفعة إضافية نحو تصحيح صعودي قصير المدى.
الرسم البياني لأسعار الدولار/الين – USDJPY–MT4 XS.com
على الرغم من احتمالية حدوث تصحيح صعودي، يبقى الاتجاه العام للزوج هبوطيًا على المدى القصير والمتوسط. وهنا تشير قاعدة التحليل الفني التي تقول بأن الاتجاهات تميل إلى الامتداد لوجود احتمالات لمزيد من التراجع في الأسعار. والحركة الحالية تعكس احتمال استمرار الاتجاه الهبوطي، خاصة إذا كسر الزوج مستويات الدعم المهمة.
وفي حالة كسر مستوى الدعم عند 149.08، قد يمتد الهبوط إلى الهدف الأول عند 147.92، بناءً على مستويات فيبوناتشي بنسبة 61.8% لموجة النمط الهبوطي. وإذا استمر الضغط البيعي، فإن الهدف التالي يقع عند 147.18، وهو مستوى تاريخي مهم حيث يمثل أعلى مستوى مسجل في 2 سبتمبر. وهذه المستويات تمثل نقاط جذب فنية بارزة للزوج إذا استمرت الضغوط البيعية.
كما يدعم مؤشر الزخم (MACD) التوقعات الهبوطية، حيث ينحدر خط الاشارة نحو المنطقة السلبية، بالإضافة إلى كسره خط الصفر يوميًا. ويعتبر إغلاق المؤشر أسفل هذا المستوى زيادة في احتمالات استمرار الضغوط الهبوطية. لذا يُنصح بمتابعة الإغلاقات اليومية لتأكيد الاتجاه وتحديد المستويات الفنية التالية بدقة.
مستويات الدعم: 149.171 – 148.732 – 148.004
مستويات المقاومة: 150.049 – 150.488 – 151.216