توقعات حركة الداوجونز US30: كيف يعيد تقرير الوظائف (NFP) تشكيل أسواق الأسهم الأمريكية؟

كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com

تواجه أسواق الأسهم الأمريكية حالة من الترقب والتوتر قبيل صدور تقرير الوظائف غير الزراعية (NFP) المنتظر، والذي يعتبر مؤشرًا أساسيًا لرصد صحة الاقتصاد الأمريكي. وقد شهد مؤشر داو جونز  (US30) تراجعًا طفيفًا منذ أمس ليستقر خلال تعاملات اليوم الجمعة عند 44737، حيث انخفض بنحو 250 نقطة، مما يعكس حالة الحذر المسيطرة على المستثمرين. وهذا الانخفاض من وجهة نظري، رغم أنه يبدو محدودًا، إلا أنه يشير إلى أن الأسواق تقف عند مفترق طرق مهم مع مستوى 45000 نقطة، وهو حاجز نفسي وفني لا يمكن تجاهله بسهولة.

وبرأيي المزاج العام للسوق لا يزال إيجابيًا بشكل كبير، حيث تقترب الأسهم من مستويات قياسية. ومع ذلك، فإن القلق بشأن التقرير القادم يشكل ضغطًا على حركة الأسعار، خاصة في ظل النتائج غير المتوقعة لبيانات الوظائف الأولية خلال الأسابيع الماضية. وارتفاع طلبات البطالة الأولية إلى 224 ألفًا، وهو أعلى مستوى لها في ستة أسابيع، ويشير إلى تزايد الاضطرابات في سوق العمل. لكن هذه البيانات، رغم أهميتها، لا تملك نفس التأثير الذي يحمله تقرير الوظائف غير الزراعية الذي يتسم بتغطية أوسع وشمولية أكبر.

فالتوقعات الحالية تشير إلى إضافة 200 ألف وظيفة جديدة في نوفمبر، وهو ارتفاع كبير مقارنة بشهر أكتوبر الذي شهد إضافة 12 ألف وظيفة فقط، وهو رقم خيب آمال المستثمرين حينها. ورغم أن أسباب الانخفاض في أكتوبر كانت واضحة ومؤقتة، مثل تأثير الإضرابات العمالية والأعاصير، فإن المستثمرين بحاجة إلى رؤية تعافٍ قوي ليطمئنوا إلى استمرارية قوة سوق العمل. وأعتقد أن أي انحراف في البيانات عن التوقعات قد يؤدي إلى تقلبات شديدة في السوق، خاصة إذا ظهرت إشارات على تباطؤ غير متوقع في الاقتصاد.

وفي الوقت نفسه، يتابع المستثمرون المشهد السياسي عن كثب، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة في عام 2025. وبينما يبدي بعض المتفائلين أملًا في أن سياساته المؤيدة للسوق قد تدعم أرباح الشركات، فإن القلق بشأن احتمالية إعادة إشعال ضغوط التضخم وإضعاف الاستقرار الاقتصادي يبقى حاضراً. وهذه التوقعات السياسية الغامضة تضيف عنصرًا آخر من عدم اليقين إلى الأسواق التي تحاول بالفعل التعامل مع التقييمات المرتفعة جدًا للأسهم.

من جهة أخرى، شهدت حركة أسهم مؤشر داو جونز مؤخراً انقسامًا واضحًا. فقد حققت معظم الأسهم مكاسب طفيفة، لكن بعض الخسائر الكبيرة في الأسهم ذات الوزن الثقيل ألقت بظلالها على المؤشر العام. وتراجع سهم  UnitedHealth  بنسبة 4% بعد حادثة مأساوية باغتيال رئيس وحدة التأمين التابعة لها، مما أدى إلى ضغوط سلبية على معنويات المستثمرين. كذلك، شهد سهم Salesforce انخفاضًا بنسبة 2% مع استمرار التراجع عن المكاسب المبالغ فيها التي حققها في موجة الذكاء الاصطناعي. ومع أن هذا القطاع كان محركًا رئيسيًا لارتفاع السوق، فإن المستثمرين يطالبون الآن برؤية دلائل فعلية على أن الذكاء الاصطناعي يعزز هوامش الإيرادات.

ومن وجهة نظري هذا الوضع يضع الأسواق في موقف حساس للغاية. لأن التناقض بين المعنويات الإيجابية عمومًا والخوف من مفاجآت سلبية في البيانات الاقتصادية يعزز من حالة التردد بين المستثمرين. فلا تزال هناك مقاومة كبيرة لتحول شامل إلى موقف محفوف بالمخاطر، لكن غياب دلائل على تباطؤ اقتصادي واضح يمنع حدوث موجة بيع كبيرة.

وأعتقد أن الأسواق تعتمد الآن بشكل أساسي على تقرير الوظائف المنتظر. فإذا جاءت البيانات متماشية مع التوقعات أو تجاوزتها، فإن ذلك قد يدفع بمؤشر داو جونز للعودة إلى مساره الصعودي واختراق حاجز 45000 نقطة. لكن إذا خيبت البيانات الآمال، فقد نشهد تصحيحًا أعمق، خاصة إذا ترافق ذلك مع إشارات أخرى على تباطؤ اقتصادي أو تصاعد المخاوف السياسية.

لذا أعتقد أن المستثمرين بحاجة إلى التحلي بالصبر والانتباه إلى التفاصيل الدقيقة للتقرير القادم، حيث سيشكل خارطة طريق للأسواق خلال الفترة المقبلة. لأن التركيز على قوة سوق العمل، إلى جانب مراقبة مؤشرات التضخم وسياسات الاحتياطي الفيدرالي، سيبقى مفتاحًا لفهم الاتجاهات المستقبلية. وبينما يبدو أن الأسواق قادرة على تحمل بعض الضغوط، فإن أي انحراف كبير عن التوقعات قد يعيد إشعال التقلبات، مما يجعل إدارة المخاطر أمرًا ضروريًا للمستثمرين في هذه المرحلة الدقيقة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ضمان الاستثمار”: 121 مليار دولار قيمة عمليات تأمين التجارة والاستثمار والتمويل في الدول العربية خلال عام 2023

كشفت في نشرتها الفصلية عن ارتفاع حصة الدول العربية من إجمالي الالتزامات الجديدة عالميا إلى ...

“الريجي” ضبطت منتجات تبغية مهربة ومزورة في بيروت

في إطار جهود إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” المتواصلة لمكافحة التهريب، ضبطت فرقها كميات ...

الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) تدعم بلدية جبيل في إطلاق مبادرة فرز النفايات، لتحسين التحديات المتزايدة للنفايات في المدينة

بدعم من الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة (USAID) ، أطلقت بلدية جبيل مبادرة لفرز النفايات بهدف ...