ان الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في لبنان، اذ تهنىء اللبنانيين كافة بالتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار الذي نأمل ان يستمّر ويتحّول الى استقرار دائم ، تهنىء كل المعنيين بحلول هذا اليوم ، الذي ارادته الجمعية العامة للامم المتحدة يوماً دولياً لاذكاء الوعي بالفساد والتركيز على دور الاتفاقية الدولية في مكافحته ومنعه وللتذكير باهمية تضافر الجهود بين كل الدول في هذا السبيل . وتحيّي الهيئة في الوقت عينه، جميع الجهات المحلّية والدولية على دعمها المتواصل لها والوقوف الى جانبها في كل محطة مفصلية وفي مختلف الازمات التي مرّ ويمرّ بها الوطن.
ان مكافحة الفساد ليست خياراً بالنسبة الينا، بل هي اولوية نطمح لاحراز تقدم ملموس ازاءها حتى نكون قد قمنا بواجبنا الوطني تجاه شعبنا.
ان ما انجزته الهيئة حتى اليوم بامكانياتها المتواضعة ليس بالقليل. فهي بالرغم من الحروب والانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي اصابت وطننا، وبالرغم من العقبات والعرقلات التي اعترضتها منذ بدء عملها في 17/2/2022 ، لم تتوان يوماً عن القيام بواجباتها الملقاة عليها قانوناً، فثابرت على تلقي كشوفات الذمة المالية والمصالح من الاشخاص الملزمين بها حتى في أقسى الظروف صعوبة، كما ثابرت على تلقي شكاوى حق الوصول الى المعلومات واصدرت ما يزيد عن ثلاثين قراراً فيها وقامت باعداد تقرير شامل حول مدى التزام الادارات المركزية والمحلية بقانون حق الوصول الى المعلومات. وباشرت باعداد تقريرها حول تقييم مخاطر الفساد في قطاعات رئيسية معرضة لها. كما باشرت باجراء الاستقصاءات في عدد من القضايا المهمة تمهيداً لاحالتها الى المراجع المختصة وشكلت دائرة استعادة الاموال المتأتية عن جرائم الفساد بعد اقرار نظامها الداخلي. فضلاً عن ذلك انجزت الهيئة تجهيز الجزء الاكبر من مقرّها وبات لديها موقع الكتروني متاح للعموم تنشر عبره كل المعلومات المتوفرة لديها. كما عقدت عدة مذكرات تفاهم مع جامعات لبنانية لنشر ثقافة النزاهة فيها وفي المجتمع ككل، ومع عدد من نظيراتها في الوطن العربي وانتسبت الى شبكتين دوليتين لمكافحة الفساد تعزيزاً لدورها في التعاون بين الدول وتبادل المعلومات، توصلاً الى ملاحقة الاموال والاشخاص الضالعين في جرائم الفساد.
وفوق ذلك كله، ونتيجة الحرب الاخيرة التي شنت على لبنان، وما خلفته من نزوح ودمار واستشهاد وجرح الآلاف من اللبنانيين، بادرت الهيئة الى ممارسة دورها الرقابي على الاجهزة المولجة باستلام وتوزيع المساعدات القادمة الى لبنان منعاً لحصول اي عمليات فساد فيها. واصدرت تعاميم ومراسلات في هذا الخصوص لذوي الشأن. ولا زالت تتابع هذا الامر مع الجهات المعنية لضمان سلامة هذه العملية، والسعي الى محاسبة كل من يعرقل او يسيء اليها.
ندعو في هذا اليوم الى تكاتف الجهود وتوحيد الصفوف من أجل بناء مجتمع يقوم على العدالة وتكافؤ الفرص، مجتمع تسود فيه ثقافة النزاهة وتحترم فيه سيادة القانون.
آملين ان يوفقنا الله في ما نسعى اليه، لما فيه خير هذا الوطن وشعبه الأبي.