كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يواجه زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي تحديات متعددة مع بداية الأسبوع الجديد، حيث يبقى عالقًا في نطاق تداول ضيق بالقرب من منتصف مستوى 1.2700 خلال تعاملات اليوم الاثنين. ورغم اقترابه من أعلى مستوياته خلال أكثر من ثلاثة أسابيع فوق مستوى 1.2800 الذي سجله يوم الجمعة إلا أن الخلفية الأساسية من وجهة نظري للسوق تُبرز أهمية التريث والحذر بالنسبة للمتداولين الذين يراهنون على الصعود.
ويتصدر المشهد تقرير الوظائف غير الزراعية الأمريكي الأخير، الذي أظهر ارتفاعًا طفيفًا في معدل البطالة لشهر نوفمبر. وبينما عزز التقرير توقعات خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لتكاليف الاقتراض في ديسمبر، لم يكن رد فعل السوق على ذلك مستدامًا. بدلاً من ذلك، جاءت رهانات جديدة على أن البنك المركزي الأمريكي قد يُبطئ وتيرة خفض أسعار الفائدة أو يوقفها مؤقتًا في يناير، مما عزز من استقرار الدولار الأمريكي فوق أدنى مستوياته في شهر.
وهذا التماسك الذي يبديه الدولار برأيي يضعف محاولات الجنيه الإسترليني لاكتساب زخم صعودي. فالدولار الأمريكي لا يزال يتمتع بدعم إضافي من عوامل خارجية، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية العالمية، والمخاوف الاقتصادية المتعلقة بالصين، والتوقعات بإمكانية فرض تعريفات تجارية جديدة من قبل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. هذه العوامل مجتمعة تعزز من جاذبية الدولار كملاذ آمن، مما يضعف شهية المستثمرين تجاه الجنيه الإسترليني.
على الجانب الآخر، يبدو لي أن الجنيه الإسترليني يواجه ضغوطًا إضافية بسبب توقعات متشائمة لمحافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي. إذ أشار إلى احتمالية خفض أسعار الفائدة أربع مرات خلال عام 2025، وهو ما أثار قلق المستثمرين بشأن مستقبل العملة البريطانية. وهذه النظرة السلبية تجاه السياسات النقدية البريطانية تزيد من صعوبة تحقيق أي اتجاه صعودي مستدام لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي.
في ظل هذه المعطيات، ينتظر المتداولون بفارغ الصبر تقرير مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي (CPI)، المتوقع صدوره يوم الأربعاء المقبل . ومن المأمول أن يقدم التقرير إشارات أكثر وضوحًا حول مسار السياسات النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي، لا سيما فيما يتعلق بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع ديسمبر. وهذه البيانات برأيي قد تكون حاسمة في توجيه تحركات الدولار الأمريكي في الأمد القريب، مما يحدد الاتجاه التالي لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي.
وبالتوازي مع ذلك، يترقب السوق خطاب نائب محافظ بنك إنجلترا ديفيد رامسدين المقرر لاحقًا يوم الاثنين. وأي تلميحات إضافية بشأن السياسة النقدية البريطانية قد تؤثر على تحركات الجنيه الإسترليني وتفتح الباب أمام فرص استثمارية قصيرة الأمد.
لذا يبقى هذا الزوج محكومًا بعوامل متشابكة ومعقدة، تبدأ من التوترات الجيوسياسية العالمية وصولًا إلى توقعات الأسواق بشأن قرارات البنوك المركزية الكبرى. ومع استمرار الدولار في الاستفادة من دوره كملاذ آمن، يجد الجنيه الإسترليني نفسه في وضع صعب، حيث يواجه تحديات داخلية وخارجية تعيق أي تحرك صعودي قوي.
وفي الختام، برأيي يبقى مستقبل زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي معتمدًا على البيانات الاقتصادية المقبلة، خاصة أرقام التضخم الأمريكية، والخطابات الرسمية من بنك إنجلترا. وبينما تسعى الأسواق إلى فك شيفرة السياسات النقدية لكلا البنكين المركزيين، حيث تبدو التوقعات مشوبة بعدم اليقين، مما يفرض على المتداولين التسلح بالحذر والاستعداد لاغتنام أي فرص تظهر وسط هذا التذبذب.