بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
ترتفع أسعار النفط قليلاً اليوم بقرابة 0.3% بعد يوم متقلب شهده كلا الخامين الرئيسيين، برنت وغرب تكساس الوسيط اللذان تمكنا من الارتفاع إلى أعلى مستوى لهما منذ أكثر من أسبوع الأمس.
مكاسب الخام الأخيرة كانت قد جاءت على ضوء التفاؤل حول فعالية حزم الدعم وإجراءات الحكومة الصينية في دفع النمو الاقتصادي بما سيعود إيجاباً على آفاق الطلب على النفط. على الرغم من ذلك، فلا تزال توقعات الهيئات الكبرى حول مستقبل السوق متباينة، كما شهدناه على ضوء جملة التقارير لهذا الأسبوع.
وكالة الطاقة الدولية (IEA) قد رفعت توقعات الطلب على الخام للعام المقبل في تقرير ديسمبر وذلك بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً ليصل إلى 103.9 مليون برميل يومياً. إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) في تقرير التوقعات على المدى القصير أبقت على التوقعات بنمو الاستهلاك العالمي إلى 104.3 مليون برميل يومياً في العام 2025 من 103 مليون مقدرة للعام الحالي، كذلك الأمر بالنسبة لتوقعات الطلب من الصين التي يقدر أن تبلغ 16.4 مليون برميل يومياً صعوداً من 16.5.
في المقابل، كانت قد خفضت منظمة الدول المصدرة للنفط (OPEC) توقعاتها لنمو الطلب على الخام بمقدار 90 ألف برميل يومياً إلى 1.4 مليوناً في العام المقبل ليصل إلى 105.27 من 103.82 مليوناً للعام الحالي. في حين لا تزال المنظمة متفائلة بشأن الطلب على الخام من الصين التي يتوقع أن ينمو الطلب منها بمقدار 310 ألف برميل يومياً العام المقبل ليصل إلى 17.1 مليون برميلاً. هذا يأتي على ضوء الأثر الإيجابي للدعم الحكومي والدفع الذي سيشكل قطاع النقل.
التباين في التوقعات فيما بينها وما بين ما قد يكون في المستقبل قد يأتي من العوامل التي قد يصعب على النماذج القياسية أو الرياضية التقاطها بدقة خصوصاً تلك غير الكمية منها. حيث إن تعافي الطلب على الخام متربط على نحو وثيق بتعافي الاقتصاد الصيني الذي سيحتاج بدوره إلى الدعم الحكومي.
فيما أن الدعم الحكومي ليس بالضرورة أن يقتصر على الجانب المالي أو النقدي الذي يمكن قياسه، بل قد يشمل إصلاحات لا يمكن التعبير عنها بأرقام كما هو الحال مع الخطط حول إصلاح نظام الاجتماعي “الهوكو”. هذه الإصلاحات أيضاً قد تتسبب في إحداث تغيرات هيكلية في الاقتصاد بما قد يجعل التوقعات الحالية أقل دقةً. عوامل آخر لا تستطيع النماذج السيطرة عليها هي تلك الجيوسياسية التي قد تؤثر سواء في الطلب أم العرض إضافة إلى تغيرات السياسية المتمثلة في الحروب التجارية والتي لا نعرف على وجه الدقة ملامحها إلى الأن – قد لن تكون على المستوى الذي يهدد به دونالد ترامب منذ حملته الانتخابية.
عليه، فقد تظل الأسواق عرضة للتقلبات مع التباين المستمر للتوقعات والتي قد تميل إلى تصحح نفسها بناءً على المعلومات الجديد وأبرزها ما سيأتي من الصين بما يخص تبلور أثر الدعم الحكومي فعلياً – الذي قد يصعب قياسه مبكراً.
أما على الجانب الجيوسياسي، وتحديداً بما يتعلق بالشرق الأوسط، فكما تحدثت هذا الأسبوع مراراً فإن التطورات في الإقليم قد تكون أقل تأثيراً في الفترة المقبلة. في حين أن العامل الصعودي قد يأتي عبر إعادة القيود الشديدة على صادرات النفط الإيرانية عند عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فيما لا أعتقد أن نشهد تصعيداً قد يؤدي في النهاية إلى عرقلة إمدادات الخام من باقي دول الإقليم.