كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يواجه زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي (GBP/USD) فترة من التذبذبوسط قرارات نقدية متباينة من بنك إنجلترا والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ويتداول اليوم الخميس بالقرب من 1.2609. حيث إن الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند 4.75% من قبل بنك إنجلترا يشير إلى موقف حذر تجاه التضخم، لكنه لا يبعث برسائل واضحة للسوق بشأن اتجاه السياسة المستقبلية. ومن جهة أخرى، تعزز قوة الدولار الأمريكي بعد خفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.25%-4.50%، مما يسلط الضوء على الأولويات المختلفة للبنكين المركزيين.
وفي أحدث اجتماع لبنك إنجلترا، أُعيد التأكيد على أهمية إبقاء التضخم قريبًا من الهدف، وهو ما يعكس توجهًا تدريجيًا نحو إزالة القيود النقدية. وهذا الحذر برأيي، وإن كان مبررًا في ظل ارتفاع التضخم السنوي في أسعار الخدمات إلى 5%، إلا أن البيانات الاقتصادية الحديثة، مثل ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 3.5% في نوفمبر مقارنة بنسبة 3.3% في أكتوبر، تشير إلى تحديات مستمرة تواجه البنك المركزي. ومن وجهة نظري، فإن إبقاء السياسة دون تغيير لا يعالج بشكل مباشر القلق المتزايد بشأن التضخم الذي لا يزال أعلى من الهدف، مما قد يؤدي إلى تراجع الجنيه الإسترليني على المدى القريب.
من جهة أخرى، أظهر الدولار الأمريكي مرونة واضحة وسط النهج الحذر للاحتياطي الفيدرالي. فخفض الفائدة الأخير، يعكس رغبة البنك في دعم الاقتصاد وسط إشارات على تباطؤ محتمل. ومع ذلك، فإن ملخص التوقعات الاقتصادية يشير إلى تخفيضين فقط للفائدة في عام 2025، مما يعزز وجهة النظر القائلة بأن الفيدرالي لن يندفع نحو تخفيف السياسة النقدية. وهذا الحذر في خفض الفائدة يمنح الدولار الأمريكي قوة نسبية، مما يضغط على زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي ويجعل من الصعب على الإسترليني تحقيق مكاسب مستدامة.
وبرأيي المستوى الحالي للزوج عند 1.2590 يعكس محاولة الجنيه الإسترليني الاستفادة من الدعم الصعودي مع التركيز على معالجة التضخم المحلي المرتفع. ومع ذلك، فإن القوة النسبية للدولار الأمريكي، المدعومة بالبيانات الاقتصادية الأمريكية الإيجابية مثل مبيعات المساكن القائمة والناتج المحلي الإجمالي، تضع قيودًا على أي زخم صعودي محتمل. لذا أرى أن الأسواق قد تستمر في التداول ضمن نطاق محدود مع ميل نحو الهبوط، حيث يبقى تأثير قرارات بنك إنجلترا غير كافٍ لدعم ارتفاع قوي للجنيه الإسترليني.
كما أن التضخم في المملكة المتحدة يشكل تحديًا رئيسيًا لبنك إنجلترا، حيث أظهرت البيانات الأخيرة زيادة متواضعة في مؤشر أسعار المستهلكين. ورغم أن الارتفاع في الأسعار يشير إلى ضغوط مستمرة، فإن البنك المركزي يبدو ملتزمًا بنهج تدريجي، مما قد يعكس قلقًا من التأثيرات السلبية لأي تشديد إضافي على الاقتصاد المحلي.
وهذا النهج، وإن كان منطقيًا من منظور الاستقرار الاقتصادي، قد يكون على حساب قوة العملة البريطانية. ووجهة نظري هنا تتمثل في أن بنك إنجلترا بحاجة إلى تقديم إشارات أوضح بشأن استراتيجيته المستقبلية، سواء عبر تصريحات أقوى أو توقعات أكثر تفصيلًا، لتعزيز ثقة الأسواق.
في المقابل، يظهر بنك الاحتياطي الفيدرالي انضباطًا استراتيجيًا في مواجهة التضخم الذي لا يزال أعلى من هدفه البالغ 2%. وتصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول حول التروي في تخفيضات الفائدة المستقبلية تسلط الضوء على إدراك البنك لأهمية المحافظة على استقرار الأسعار. وهذا التوازن في السياسة النقدية يمنح الدولار ميزة تنافسية مقارنة بالجنيه الإسترليني الذي يعاني من عدم وضوح الاتجاه المستقبلي لبنك إنجلترا. وهنا أرى أن التباين الواضح بين البنكين المركزيين يعزز من احتمالية استمرار الضغط الهبوطي على زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي.
وفي النهاية، يبدو أن الزوج سيبقى تحت ضغط قوى متعارضة في المدى القريب. وسيبقى أداء الزوج مرهونًا بتطورات السياسة النقدية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، إلى جانب البيانات الاقتصادية المقبلة. ورغم الدعم الصعودي المؤقت للجنيه الإسترليني، فإن غياب خطوات واضحة وقوية من بنك إنجلترا قد يؤدي إلى استمرار ضعف العملة البريطانية مقابل الدولار. وأعتقد أن المستثمرين والمتداولين بحاجة إلى مراقبة دقيقة للبيانات القادمة وتصريحات المسؤولين المركزيين، حيث إن أي تغيير في النبرة أو السياسات قد يعيد تشكيل الأسعار واتجاهاتها بشكل كبير