بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يستأنف الذهب تراجعه اليوم بعد يوميه من الانتعاش ويبقى بالقرب من مستوى 2615 دولاراً للأونصة.
تجدد تراجع الذهب اليوم يأتي مع استئناف الدولار الأمريكي وعوائد سندات الخزانة لمكاسبهما بعد التصحيح الذي حل بهم الجمعة الفائتة. في حين أن هذا الضغط يأتي أساساً من تفاقم المخاوف حول الوتيرة البطيئة لخفض سعر الفائدة العام المقبل من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
هذه المخاوف لم تكن جديدة وهي قد طفت على السطح منذ إعلان فوز دونالد ترامب بولاية ثانية لرئاسة البيت الأبيض، ذلك أن سياسته قد تهدد بإحياء التضخم مجدداً.
في حين قد تفاقمت الأسبوع الفائت مع النبرة الحذرة للغاية من قبل جيروم باول خلال خطابه التالي للإعلان عن خفض المعدلات بمقدار ربع نقطة مؤية. أما اليوم وعلى الرغم من غياب الأخبار المؤثرة في الصباح الباكر، فقد استمرت العقود الآجلة في تسعير احتمالية أقل فأقل للخفض بربع نقطة مؤية مرة أخرى في يناير ولم تعد تتجاوز 8.5%، وفق CME FedWatch Tool، وهذا ما قد يبرر أيضاً استئناف الذهب لخسائره.
على الرغم من هذه الآفاق حول التضخم وأسعار الفائدة، إلا أن الاقتصاد لا يزال يظهر مرونة وقابلية للتكيف عموماً مع المعدلات المرتفعة بحسب ما أظهرته البيانات التي شهدناها الأسبوع الفائت. حيث قد تمكن الاقتصاد من النمو بنسبة 3.1% في الربع الأخير بما يتفوق على التوقعات وتسارع نمو أنشطة الخدمات على نحو أكبر من المتوقع إضافة إلى أرقام أفضل من المتوقع لتصاريح البناء ومبيعات المنازل القائمة.
في حين أن استمرار النمو الاقتصادي وتسارعه من شأنه أيضاً أن يفاقم الضغوط على الذهب ذلك أنه يبدد من حالة عدم اليقين التي تتسبب بها الظروف النقدية المتشددة – الاقتصاد قادرة على التكييف.
أما على الجانب الجيوسياسي من الشرق الأوسط تحديداً، فلا أزال أعتقد أن هذا العامل سيتخذ دوراً متضائلاً شيئاً فشيئاً بما يتسبب بنزع العلاوة التي حصل عليها الذهب. حيث إن أساس تلك المخاوف كانت تأتي من إمكانية تسبب الهجمات المتبادلة ما بين إيران وإسرائيل في الحاق الضرر بتدفق حركة البضائع وإمدادات منتجات الطاقة على نحو حرج للغاية في الإقليم.
إيران الأن تواجه أزمة خانقة في توليد الطاقة الكهربائية على الرغم من امتلاكها للغاز اللازم على أراضيها. البنية التحتية المتقادمة على امتداد سلسلة التوريد هي من الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة وفق نيويورك تايمز. فيما تسببت الأزمة إلى الأن بأضرار بعشرات مليارات الدولارات على ضوء التعطل الذي ضرب النشاط الاقتصادي نتيجة فقدان الطاقة.
هذه الأزمة أتت حتى من دون استهداف مباشر لتلك البينة التحتية من قبل إسرائيل. في حين تحدث مسؤولون وتقارير إعلامية سابقة عند اشتداد المواجهات المباشرة بين البلدين في أكتوبر عن إمكانية استهداف مرافق النفط والغاز من قبل إسرائيل مع استمرار الهجمات. عليه، فإن أزمة الطاقة هذه قد تساهم في ثني إيران عن أي هجمات من شأنها أن تجر إسرائيل إلى التسبب بضرر أعمق لهذه البنية التحتية المتهالكة. حيث إن اتساع نطاق أزمة الغاز في إيران من شأنه أن يتسبب في قطع الإمدادات عن المنازل بغرض التدفئة في فصل الشتاء.
كما أن “الضغط الأقصى” بنسخته الثانية الذي سيلجئ ترامب إلى تطبيقه على إيران مع عودته إلى البيت الأبيض من شأنه أن يجعل إيران أضعف اقتصادية وأقل قدرة على خوض المواجهات الإقليمية. لا ننسى أن إغلاق الحدود السورية أما إيران من شأنه أن يزيد من الضغوط الاقتصادية عليها أكثر من ذي قبل من اختفاء واحد من أسواق تصريف المنتجات الإيرانية وقنوات التهرب من العقوبات الأمريكية.