توقعات سعر الذهب وسط النفور من المخاطرة: كيف تتفاعل الأسواق مع مرحلة ما قبل إدارة ترامب؟

كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com

يبدو أن أسعار الذهب (XAU/USD) تستعيد زخمها بعد التراجعات الأخيرةليتداول عند 2618.70 دولار اليوم الاثنين، حيث يستفيد من الظروف الحالية في الأسواق العالمية والتوقعات المتباينة بشأن السياسة النقدية والاقتصادية في الولايات المتحدة. وبرأيي يأتي هذا التحسن رغم انخفاض حجم التداول في جلسات نهاية العام، إذ تتوجه أنظار المستثمرين نحو إشارات محتملة من الإدارة الأمريكية القادمة وتوجهات بنك الاحتياطي الفيدرالي لعام 2025.

ومع اقتراب إدارة ترامب من تسلم السلطة، تبدو السياسات الاقتصادية المنتظرة عاملاً حاسماً في تشكيل معنويات السوق. حيث تزداد التوقعات بفرض تعريفات جمركية جديدة وسياسات تجارية مشددة قد تشعل صراعات تجارية واسعة النطاق، مما يعزز النفور من المخاطرة بين المستثمرين. وهذا السيناريو يفتح المجال لزيادة الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا تقليديًا في أوقات عدم اليقين. ولكن في المقابل، فإن التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي في عام 2025 قد تضغط على الأسعار وتحد من مكاسب الذهب، نظرًا لأنه لا يدر عوائد مباشرة.

ومن وجهة نظري، تتلقى أسعار الذهب دعماً إضافياً من التوترات الجيوسياسية المتزايدة. خاصة الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا والذي يشكل ضغطاً على الاستقرار العالمي، ويأتي ذلك مع أنباء عن إحباط مخططات اغتيال في موسكو، مما يزيد من القلق الدولي. وفي الشرق الأوسط، تتفاقم الأوضاع مع استمرار النزاعات، التي شهدت تصعيدًا جديدًا. فمثل هذه الأحداث تؤدي إلى تعزيز الإقبال على الأصول الآمنة، مما يساهم في دعم أسعار الذهب.

وتؤيد التوقعات أن يختتم الذهب عام 2024 بارتفاع بنسبة 27%، وهو أداء لم يُشهد له مثيل منذ عام 2010. حيث أن هذا النمو جاء مدفوعاً بعدة عوامل رئيسية، منها مشتريات البنوك المركزية الكبرى، التي تسعى لتنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية وسياسات التيسير النقدي التي طبقتها البنوك المركزية في ظل تباطؤ اقتصادي عالمي.

وفيما يتعلق بالدولار الأمريكي، الذي يُعتبر من أبرز المؤثرات على تحركات الذهب، يتداول مؤشر الدولار (DXY) عند مستويات منخفضة نسبياً مقارنة بأعلى مستوياته في السنوات الأخيرة. وهذا الضعف في الدولار، المصحوب بانخفاض عائدات سندات الخزانة الأمريكية، يخلق بيئة ايجابية لدعم الذهب. كما أن العائد على سندات الخزانة لأجل عامين وعشر سنوات يواصل التراجع، مما يعزز من جاذبية الذهب كأصل آمن.

ومن ناحية أخرى، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتبنى موقفًا أكثر حذرًا بشأن خفض أسعار الفائدة في المستقبل. ففي اجتماعه الأخير لشهر ديسمبر، خفّض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة، مع توقعات بمزيد من الخفض في العام المقبل. وهذا التوجه من وجهة نظري يعكس حالة من الترقب وعدم اليقين، حيث تحاول الأسواق استيعاب التغييرات المحتملة في السياسة النقدية ومدى تأثيرها على الاقتصاد والأسواق المالية.

وأعتقد أن هناك العديد من التحديات التي قد تواجه أسعار الذهب في المستقبل. وواحدة من هذه التحديات هي القرارات السياسية والاقتصادية لإدارة ترامب، والتي قد تحمل تأثيرات مزدوجة. فمن جهة، يمكن أن تؤدي إلى تصاعد التوترات التجارية وزيادة الطلب على الذهب. ومن جهة أخرى، قد تُقابل هذه السياسات بتحسن في بعض قطاعات الاقتصاد الأمريكي، مما يحد من زخم الذهب كملاذ آمن.

وأخيراً تبدو لي توقعات أسعار الذهب في المرحلة المقبلة معقدة ومتشابكة، معتمدًة على توازن العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. فبينما تُظهر المؤشرات الحالية دعماً قوياً لاستمرار المكاسب، فإن التحركات المستقبلية ستظل مرهونة بالتطورات الاقتصادية العالمية والسياسات النقدية الأمريكية. وفي ظل هذه الظروف، يبرز الذهب كأصل استثماري يتمتع بمرونة عالية، قادر على التأقلم مع تغييرات السوق، لكنه يبقى حساساً للعوامل الخارجية التي قد تقود الأسواق إلى اتجاهات جديدة وغير متوقعة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

توقعات مؤشر الدولار DXY : هل سيتحدى التوقعات في 2025؟

كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com في بداية عام 2025، يبقى مؤشر ...

كبارة وحبيب في بكركي

زار سفير لبنان في المملكة العربية السعودية فوزي كبارة ورئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف ...

”نداء ٧ كانون الثاني” للدفع بإتجاه إنجاز الاستحقاق الانتخابي كمدخلٍ لبناء دولة مستقرة وجاذبة

في لحظة فارقة بين اليأس والرجاء، وفي زمن يحتاج فيه الوطن الى إرادة جامعة تنهض ...