هبوط الدولار/الين إلى ما دون 157,00 : إشارات تحذيرية أم تصحيح مؤقت؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، محلل أول لأسواق المال في XS.com

سجل زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني انخفاضًا حادًا أمس، حيث تراجع بنسبة 0.7% ليهبط مجددًا إلى ما دون مستوى 157.00، وبدأ تعاملات اليوم الثلاثاء عند 156.42، في وقت تشهد فيه الأسواق تباطؤًا في أحجام التداول مع اقتراب عطلة رأس السنة الجديدة. وهذا التراجع برأيي يعكس عودة الأسواق إلى نطاقات أكثر اتزانًا بعد فترة من الارتفاعات الحادة، مما يبرز أهمية التوازن بين التوقعات الاقتصادية والسياسات النقدية في تحديد اتجاهات الأزواج الرئيسية.

كما يعكس أداء زوج الدولار/الين الياباني الصراع المستمر لبنك اليابان في مواجهة انخفاض قيمة الين، والذي استمر لعامين. فالبنك، رغم جهوده المكثفة، لا يزال مترددًا في رفع أسعار الفائدة كإجراء نهائي. والسياسة النقدية لبنك اليابان تُظهر مرونة محدودة، إذ تم رفع أسعار الفائدة مؤقتًا إلى 0.25% قبل أن تيتم تثبيتها مرة أخرى، مما يعكس حالة من الحذر الشديد تجاه اتخاذ خطوات جديدة وقوية. ومن وجهة نظري فإن هذا التردد قد يكون ناتجًا عن رغبة البنك في تقييم أثر التغيرات السابقة، لكن الوقت قد حان لخطوات أكثر تشدداً إذا كان الهدف هو تحقيق استقرار حقيقي للعملة.

ومن الملاحظ أيضاً، انخفاض أحجام التداول في اليابان والولايات المتحدة مع بداية عطلة نهاية العام، وهو ما يجعل تحركات الأسعار أكثر حدة. في الوقت الذي ينتظر فيه المستثمرون أرقام مؤشر مديري المشتريات التصنيعي(ISM) في الولايات المتحدة، والتي قد توفر نظرة أعمق على الحالة الاقتصادية وتوجهات السوق في العام الجديد. وبالنسبة لي السيناريو الحالي يُظهر ميلًا نحو تفكيك تجارة المناقلة، التي كانت تُعتبر إحدى الأدوات المربحة لمتداولي العملات. وتجارة المناقلة تعتمد على الفوارق في أسعار الفائدة لتحقيق أرباح يومية، وقد شكلت عاملًا رئيسيًا في دعم الاتجاه الصعودي لزوج الدولار/الين منذ عام 2021.

فعندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في 2022، شهد زوج الدولار/الين ارتفاعات قياسية، حيث ارتفع من مستويات أقل من 105 إلى 150.00 في غضون عامين. وهذا الاتجاه الصعودي كان مدعومًا بتدفقات تجارة المناقلة، ولكن هذه التجارة ذاتها أصبحت مصدرًا للقلق مع تزايد تدخلات وزارة المالية اليابانية في محاولة للحد من ضعف الين. فالتدخلات اليابانية أثبتت فعاليتها في تقليل سرعة الهبوط، لكنها لم تنجح في تحقيق استقرار دائم.

وخلال العام 2024، شهد الزوج تقلبات ملحوظة، حيث دفع التضخم الأمريكي المرتفع الدولار إلى مستويات قياسية، بينما بقيت تدخلات بنك اليابان عاملًا مستمرًا في تحديد النطاقات السعريّة. ومع ذلك، فإن التدخلات لا تعالج الأسباب الجذرية لتراجع الين، مما يجعلها حلولًا قصيرة المدى. فالفارق الكبير في السياسات النقدية بين الولايات المتحدة واليابان يُبرز الحاجة إلى تحرك أكثر جرأة من قبل بنك اليابان.

ومن وجهة نظري، الهبوط الأخير لزوج الدولار/الين إلى ما دون 157.00 يعكس تراجع زخم تجارة المناقلة، وهو ما قد يشير إلى تحوّل في اتجاهات حركة السوق. وتدخل بنك اليابان في وقت سابق من العام ساعد في الحد من التراجعات، لكنه لم يمنع الارتداد إلى مستويات قياسية جديدة. والاتجاه الحالي يُظهر أن الأسواق قد بدأت في إعادة تقييم توقعاتها بشأن الفارق في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة واليابان، خصوصًا مع احتمالية خفض أسعار الفائدة الأمريكية في 2025.

وبالنسبة لي، إن عودة الزوج إلى مستويات 157.00 تسلط الضوء على هشاشة الاتجاه الصعودي الأخير. وهذا المستوى يمثل نقطة محورية، حيث إن كسره قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط على الدولار مقابل الين. ومع استمرار المخاوف بشأن التضخم والسياسات النقدية في الولايات المتحدة، قد يواجه الدولار تحديات إضافية إذا ما قرر الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بشكل أسرع من المتوقع.

ومن جهة أخرى، فإن قدرة بنك اليابان على استغلال هذه التحديات تعتمد على تبني سياسات أكثر تشدداً. فاستمرار التردد في رفع أسعار الفائدة قد يفقد الين الياباني المزيد من الجاذبية، مما يعمق أزمته. أما في حال قرر البنك المركزي تبني سياسة أكثر استباقية، فقد نشهد تحولًا إيجابيًا في أداء الين.

كما يظهر الرسم البياني لزوج الدولار/الين إشارات واضحة على التباطؤ في الزخم الصعودي. والمستويات الحالية قد تكون فرصة للمستثمرين لإعادة تقييم مراكزهم، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل الأساسية المؤثرة. ومع دخول العام الجديد، تبقى احتمالات التقلبات عالية، مما يجعل الحذر ضروريًا.

لذا يمكنني القول أن الأداء الحالي لزوج الدولار/الين الياباني مرآة للتغيرات الاقتصادية العالمية والتحديات التي تواجه السياسات النقدية. ومع اقتراب العام الجديد، تبقى التحركات في المدى القريب غير واضحة، مما يتطلب من المستثمرين مراقبة دقيقة للبيانات الاقتصادية والسياسات النقدية. ومن وجهة نظري، إذا لم يتخذ بنك اليابان خطوات أكثر جرأة، فقد تستمر الضغوط على الين، في حين أن أي تخفيف من قبل الاحتياطي الفيدرالي قد يؤدي إلى تحولات جذرية في هذا الزوج.

التحليل الفني لـ الدولار/الين (USDJPY ):

يظهر زوج الدولار/الين الياباني تماسكًا ضمن اتجاه صعودي قوي، حيث يحافظ الزوج على تداولاته أعلى المتوسط المتحرك الأسي لـ 200 يوم (EMA) بالقرب من مستوى 150.00، والذي أثبت أنه دعم رئيسي على المدى الطويل. ويشير الارتداد بنسبة 6.35% من القاع الأخير إلى القمة إلى استمرار الزخم الصعودي. مع ذلك، يواجه الزوج مقاومة عند مستوى 158.00، وهو مستوى نفسي مهم قد يحدد استمرارية الاتجاه الصاعد ويدعم حدوث تصحيح.

usdjpy-d1-xs-fintech-ltd-31-12-2024-2 (2)

الرسم البياني لأسعار الدولار/الين USDJPY– MT4XS.com

وبالنسبة للمتوسطات المتحركة فهي تلعب دورًا هامًا في توجيه حركة الزوج. حيث أن المتوسط المتحرك الأسي لـ 50 يومًا، الذي يقع فوق مستوى 153.00، يمثل دعماً مهماً للمشترين. والحفاظ على التداول فوق هذا المستوى يعزز إمكانية اختبار مستويات أعلى، مثل 157.00 وربما إعادة التوجه نحو المقاومة عند 158.00. ومن جهة أخرى، فإن كسر مستوى 153.00 قد يؤدي إلى تصحيح أعمق نحو المتوسط المتحرك الأسي لـ 200 يوم عند 151.00.

وتشير شمعة يوم أمس الاثنين الهبوطية إلى احتمال حدوث تذبذب على المدى القصير، حيث يواجه الزوج ضغطًا هبوطياً بالقرب من مستويات القمة. ومع ذلك، يشير استمرار التداول ضمن منطقة الصعود إلى أن المشترين ما زالوا مسيطرين. ومؤشرات الزخم، مثل مؤشر القوة النسبية(RSI)، لا تزال تدعم الاتجاه الصعودي ولكنها تقترب من مناطق التشبع الشرائي، مما يفرض الحذر من احتمالية امتداد التصحيح.

أما عن السيناريوهات المتوقعة، فإذا تمكن الزوج من الحفاظ على التداول فوق المتوسط المتحرك الأسي لـ 50 يومًا عند 153.00، فمن المرجح أن يستهدف مستويات 157.00 و158.00 على المدى القصير. وعلى الجانب الآخر، كسر مستوى 153.00 قد يدفع الزوج نحو 151.00، حيث تعتبر منطقة عرض قوية بالقرب من المتوسط المتحرك الأسي لـ 200 يوم. وفي النهاية، يبقى الاتجاه الصعودي هو المسيطر ما لم يتم كسر واضح لمستوى الدعم الرئيسي عند 150.00.

مستويات الدعم: 156.23– 155.59 – 154.90

مستويات المقاومة: 157.24 – 157.77 – 158.50

x

‎قد يُعجبك أيضاً

البيتكوين تواصل المكاسب وسط تسارع نشاط العقود الأجلة مع بداية تعاملات العام

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com تستمر البيتكوين في التقدم للجلسة الثالثة على ...

إشارات متباينة من أسواق الخليج في بداية العام الجديد

تحليل الأسواق اليوم عن جورج بافل، مدير عام Naga.com منطقة الشرق الاوسط ٢ يناير ٢٠٢٥ ...

انطلاقة قوية للذهب مع بداية 2025 مدعومًا بأداء جيد خلال العام الماضي.

تحليل الأسواق لليوم عن جوزف ضاهرية، كبير استراتيجيي الاسواق في TickMill ٢ يناير ٢٠٢٥ سجلت ...