توقعات مؤشر الدولار DXY : هل سيتحدى التوقعات في 2025؟

كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com

في بداية عام 2025، يبقى مؤشر الدولار الأمريكي ثابتًا بعناد ويبدأ تعاملات اليوم الخميس عند 108.40 نقطة، مستمرًا في ارتفاعاته التي حققها في العام الماضي. ولا يمكن تجاهل التحولات الكبرى التي شهدتها الأسواق المالية في الفترة الأخيرة، حيث أضاف مؤشر الدولار نحو 7% إلى مكاسبه السنوية في 2024، مما يعكس قوة العملة الأمريكية في ظل عدد من العوامل الاقتصادية والمالية. 

وهذه القوة تأتي في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة التمسك بأسعار فائدة مرتفعة نسبيًا مقارنة بالاقتصادات الأخرى، وهو ما يعزز جاذبية الدولار كملاذ آمن للمستثمرين. لذلك، تبقى التوقعات لعام 2025 إيجابية بشأن الدولار الأمريكي، وذلك بالنظر إلى استمرار الفوارق في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة وبقية الاقتصادات الكبرى.

ومن وجهة نظري إن من أبرز العوامل التي تسهم في قوة الدولار هي التوقعات الاقتصادية الأمريكية، حيث أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى نهج أكثر حذرًا بشأن خفض أسعار الفائدة في عام 2025، وهو ما يساهم في استقرار العوائد المرتفعة على سندات الخزانة الأمريكية. مما يبقي توقعات الأسواق بأن يبقى الدولار قويًا بسبب استمرارية السياسات التي تدعم النمو الاقتصادي والتضخم في الولايات المتحدة، وذلك بالتزامن مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية. والمعروف بسياساته المؤيدة للنمو مثل التنظيم الأكثر مرونة وخفض الضرائب ورفع التعريفات الجمركية، والتي تعتبر من العوامل التي تعزز الطلب على الدولار، حيث يُنظر إلى هذه السياسات على أنها تدعم النشاط الاقتصادي في أميركا.

لكن أعتقد أن هناك تأثير كبير للتطورات الجيوسياسية على قوة الدولار. فالتوترات المستمرة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ساهمت في تعزيز الطلب على الدولار باعتباره ملاذًا آمنًا. ومع استمرار هذه الضغوط الجيوسياسية، أتوقع أن يستمر المستثمرون في اللجوء إلى الدولار الأمريكي كأداة تحوط ضد المخاطر السياسية والاقتصادية. 

وبالنظر إلى تطورات سوق العملات، نجد أن الدولار الأمريكي يواجه منافسة كبيرة من بعض العملات، خاصة في منطقة اليورو والمملكة المتحدة. فعلى الرغم من أن اليورو شهد بعض الارتفاعات الطفيفة مقابل الدولار، إلا أن التوقعات لا تزال تشير إلى احتمالية استمرار انخفاض اليورو في العام الجديد بسبب التوقعات بتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي. 

ومن جهة أخرى، يتمتع الجنيه الإسترليني ببعض القوة رغم انخفاضه الطفيف في 2024، حيث أظهر الاقتصاد البريطاني قدرة على الصمود بشكل أفضل من المتوقع، مما عزز من قوة الجنيه أمام الدولار. حيث أن السياسة النقدية الأمريكية المدعومة من الفيدرالي الأمريكي لا تزال تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز قوة الدولار، في حين أن التوقعات حول السياسات المستقبلية في منطقة اليورو والمملكة المتحدة قد تبقى تحديًا لعملاتها.

وفيما يخص عملات أخرى مثل الين الياباني والدولارين الأسترالي والنيوزيلندي، نلاحظ أن هذه العملات شهدت تراجعات كبيرة أمام الدولار في 2024، وهو ما يعكس ضعفها الهيكلي مقارنة بقوة الدولار. فالانخفاض المستمر للين الياباني يعكس ضعف السياسات النقدية في اليابان، حيث بقي الفارق في أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة في صالح الدولار، مما أدى إلى ضعف الين. أما الدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي، فقد سجلا أدنى مستويات لهما في عدة سنوات، مما يعكس تباطؤ النمو الاقتصادي في أسواقهما المحلية وكذلك تأثير الأسعار المنخفضة للسلع التي تصدرها هذه البلدان. وبرأيي هذه التطورات تشير إلى أن الأسواق ستبقى تحت ضغط الدولار الأمريكي، الذي يستفيد من العوائد المرتفعة، مما يعزز مكانته كأداة استثمارية مفضلة.

ومن وجهة نظري أرى مستقبل الدولار في عام 2025 قوياً، فمن المحتمل أن تبقى العوامل المؤثرة عليه مرتبطة بالتطورات الاقتصادية الأمريكية، مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي والتضخم، بالإضافة إلى استجابة الفيدرالي الأمريكي لهذه المتغيرات. فبينما من المتوقع أن تبقى أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعة، قد يبقى الدولار في مقدمة العملات العالمية، مما سيعزز من جاذبيته على المدى القصير. 

لكن، ينبغي أن تبقى الأسواق حذرة من أي تغييرات قد تطرأ في السياسة الاقتصادية الأمريكية، خاصة إذا تغيرت توجهات الإدارة الأمريكية أو إذا حدثت تحولات مفاجئة في الاقتصاد العالمي والتي قد تؤثر على هيمنة الدولار.

وبالنسبة لي، يشير الوضع الراهن إلى أن الدولار الأمريكي سيبقى في موقع القوة خلال عام 2025. لكن، مع ذلك، تبقى الأسواق مليئة بالتحديات والمخاطر التي قد تؤثر على الاستقرار النسبي للدولار. ويترقب المستثمرون ما سيحدث على الساحة الجيوسياسية، وكذلك ما ستسفر عنه السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة وبقية العالم، حيث يبقى الدولار في مرمى العديد من العوامل التي قد تنحرف به عن مسار استقراره الحالي..

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الباوند/الدولار يقترب من الدعم عند 1,2350: هل ينتعش الزوج أم يواصل الهبوط؟

كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com تراجع زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي إلى ...

الذهب دون تغيير أمام تصاعد حالة عدم اليقين في الأسواق

تحليل السوق التالي عن رامي زيتوني، محلل أسواق عالمية – في شركة رامي زيتوني ٣ ...

كركي يزور مكتب الضمان  في مدينة صور والعلامة المفتي عبدالله ويعد بتعزيز تعويضات المضمونين

قام المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي د. محمد كركي بجولة في مدينة صور الجنوبيّة، ...