بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يستمر سعر الغاز الطبيعي اليوم في التصحيح من قممه التي سجلها مؤخراً. حيث تراجع سعر العقود الأجلة لغاز Henry Hub الأمريكي إلى 3.558 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وذلك نزولاً بأكثر من 15% من أعلى مستوياتها منذ يناير من العام الفائت والتي سجلها في ديسمبر الفائت عند 4.201 دولاراً.
في حين أن أسعار العقود الأجلة للغاز الطبيعي البريطاني والأوروبي (TTF) لا تزال بالقرب من أعلى مستوياتها منذ نوفمبر من العام 2023.
كان قد جاء هذا الارتفاع مع توقعات الطقس البارد المواتية وانتهاء صلاحية إمداد الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
إلا أن التطورات التاريخية في الشرق الأوسط المتمثلة بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا وقدوم إدارة جديدة ذات صلات وثيقة مع قطر وتركيا من شأنه أيضاً أن ينعكس في ديناميكيات سوق الغاز الطبيعي خصوصاً في القارة الأوروبية. حيث إن نظام الأسد كان رافضاً لمشروع ضخ الغاز القطري عبر الأنابيب إلى أوروبا مروراً بسوريا، أما اليوم وبعد سقوطه، فقد يبصر هذا الخط النور فعلاً.
هذا المشروع من شأنه أن ينوع وسائل الصادرات القطرية وقد يضمن تعاقدات طويلة الأجل مع أوروبا حتى مع الإمكانات تصدير الغاز الطبيعي المسال (LNG) ويعزز مكانة تركيا كقعدة حيوية في سوق الطاقة، وفق وكالة الأناضول.
هذا المشروع من شأنه أن يجعل سوق الغار الطبيعي في أوروبا أكثر تنافسية مما قد يزيد من الضغوط الهبوطية على الأسعار والتي هي لا تزال منخفضة للغاية مقارنة مع قمم العام 2022 التاريخية. حيث إن السوق الأوروبية تعاني من فائض في المعروض نتيجة مواسم الشتاء المعتدلة والنشاط الاقتصادي الخافت إضافة إلى المنافسة المتزايدة التي جاء بها تطور تكنولوجيا إسالة ونقل الغاز الطبيعي.
في المقابل، فإن المشروع العابر للحدود قد يستمر في مواجهة الكثير من العوائق. فعلى الجانب الأوروبي، فإن غياب الأفق القريب لاستعادة قوة الاقتصاد إلى جانب التحول المتزايد نحو مصادر الطاقة المتجددة – التي قد تحظى بدورها بدفع من استمرار انخفاض معدلات الفائدة في منطقة اليورو – من شأنه أن يبقي آفاق الطلب ضعيفة وهذا وسط المنافسة السائدة.
كما أن العقبات التنظيمية قد تعرقل إمدادات الغاز إلى أوروبا وذلك على ضوء معارضة قطر لدفع أي غرامات قد تترتب بسبب إجراءات العناية اللازمة التي فرضتها المفوضية الأوروبية، وذلك كما قال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي للفاينانشيال تايمز في ديسمبر الفائت.
أما من الجانب السوري، فإن هذا المشروع الاستراتيجي يتطلب استقراراً راسخاً للسلام في البلاد. في حين أن روسيا وإيران قد تسعيان دون ذلك. ففي سياق الحديث عن خط الغاز القطري، فإن هذه الدول الثلاثة تتنافس في هذا السوق، وهذا المشروع سيقلل أكثر فأكثر من أي احتمالية لتوريد الغاز إلى أوروبا من روسيا وإيران في المستقبل حتى مع تسوية الصراعات العميقة الحالية. عليه، فإن التطورات السياسية في سوريا قد تلعب دوراً محورياً في سوق الطاقة مستقبلاً.