كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تراجع زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته منذ أبريل عند 1.2352 قبل أن ينتعش بتواضع اليوم الجمعة ويتداول عند 1.2409، مما يعكس ضعف العملة البريطانية في مواجهة قوة الدولار الأمريكي. ورغم محاولة الزوج تحقيق انتعاش طفيف خلال اليوم، إلا أن التحليل الفني والمؤشرات الاقتصادية لا تزال تشير إلى تحيز هبوطي واضح قد يستمر في السيطرة على الزوج خلال الفترة القادمة وعلى المدى القريب والمتوسط.
ومن وجهة نظري كان أداء الجنيه الإسترليني هذا الأسبوع ضعيفًا مقارنة بمعظم العملات الرئيسية الأخرى، حيث سجل أكبر انخفاض أمام الين الياباني. وتظهر خريطة حرارة السوق التي توضح نسب التغيرات في العملات أن الجنيه الإسترليني فقد 1.41% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي. وهذه الخسارة تأتي في ظل تحسن الدولار مدعومًا ببيانات اقتصادية أمريكية إيجابية، مما يعزز من جاذبيته كملاذ آمن للمستثمرين وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
وأعتقد هنا أن تأثير البيانات الاقتصادية الأمريكية كان واضحًا على أداء الدولار الأمريكي خلال الأسبوع. فقد أفادت وزارة العمل الأمريكية بانخفاض طلبات إعانة البطالة الأولية إلى 211 ألفًا، وهو ما جاء أقل من التوقعات البالغة 222 ألفًا. وهذه البيانات تعكس استمرار قوة سوق العمل الأمريكي، مما يدعم احتمالية تمسك بنك الاحتياطي الفيدرالي بسياساته النقدية المتشددة. وهذا السيناريو يجعل الدولار أكثر قوة مقابل الجنيه الإسترليني، الذي يواجه تحديات اقتصادية داخلية في بريطانيا.
من جانب آخر، يعاني الجنيه الإسترليني من ضغوط اقتصادية محلية في المملكة المتحدة، أبرزها المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم. فبنك إنجلترا يواجه معضلة في كيفية التعامل مع هذه التحديات دون الإضرار بالنمو الاقتصادي الهش. وفي ظل هذه الظروف، يفقد الجنيه الإسترليني جاذبيته مقارنة بالدولار الأمريكي الذي يستفيد من سياسات نقدية أكثر وضوحًا واستقرارًا.
ومن وجهة نظري يترقب المستثمرون باهتمام بيانات مؤشر مديري المشتريات التصنيعي في الولايات المتحدة والتي ستصدر في وقت لاحق اليوم الجمعة. ومن المتوقع أن تأتي القراءة عند 48.4، وهو ما قد يعزز من مكاسب الدولار في حال جاءت القراءة أعلى من المتوقع. وإذا تجاوز المؤشر مستوى 50، فهذا يعني أن القطاع التصنيعي الأمريكي عاد إلى النمو، مما سيزيد من الضغوط على زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي. وفي المقابل، إذا جاءت البيانات أقل من التوقعات، فقد يمنح ذلك بعض الدعم للجنيه الإسترليني للحد من خسائره.
كما سيركز المستثمرون على مستويات التضخم في تقرير مؤشر مديري المشتريات، المعروف باسم مؤشر الأسعار المدفوعة. ومن المتوقع أن يرتفع هذا المؤشر إلى 51.7 من 50.3، وإذا جاءت القراءة أعلى من ذلك، فسيعزز هذا من التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيواصل رفع أسعار الفائدة، مما يزيد من الضغط الهبوطي على الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي.
كما أعتقد أن يستمر الاتجاه الهبوطي للزوج ، حيث يظهر أن الجنيه الإسترليني يواجه مقاومة قوية عند مستويات 1.2400، في حين أن مستوى الدعم القوي يتواجد عند 1.2300. وإذا تم كسر هذا الدعم، فقد يفتح ذلك المجال لمزيد من التراجع نحو مستويات أقل، ربما تصل إلى 1.2200. بالمقابل، يحتاج الزوج إلى تجاوز المقاومة عند 1.2500 لاستعادة الزخم الصعودي، وهو أمر يبدو صعب المنال في ظل الظروف الحالية.
وبذلك أرى أن العوامل الأساسية والفنية مجتمعة تؤكد أن التوجه الهبوطي لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي قد يستمر في المستقبل القريب. فالدولار الأمريكي يواصل الاستفادة من البيانات الاقتصادية القوية والتوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبقي على سياساته المتشددة. في المقابل، يواجه الجنيه الإسترليني ضغوطًا من الاقتصاد المحلي والسياسات النقدية غير الواضحة من قبل بنك إنجلترا.
وأعتقد أن المستثمرين يجب أن يكونوا حذرين عند التداول على هذا الزوج. فالاتجاه العام يشير إلى مزيد من التراجع، ولكن أي مفاجآت في البيانات الاقتصادية الأمريكية أو البريطانية قد تؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأسعار. لذلك، من المهم مراقبة البيانات الاقتصادية القادمة عن كثب واتخاذ قرارات تداول بناءً على التحليل الشامل للمؤشرات الاقتصادية والفنية.
وفي النهاية، يواجه زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي تحديات كبيرة في الحفاظ على مستوياته الحالية. والبيانات الاقتصادية الأمريكية، وخاصة مؤشر مديري المشتريات، ستكون حاسمة في تحديد الاتجاه المستقبلي للزوج. وإذا استمر الدولار في اكتساب القوة، فقد نشهد المزيد من الانخفاضات للجنيه الإسترليني، في حين أن أي إشارات إيجابية من الاقتصاد البريطاني قد تساعد في الحد من الخسائر مؤقتًا. وبرأيي المستثمرون بحاجة إلى استراتيجية تداول مرنة تأخذ في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة لضمان اتخاذ قرارات مستنيرة في هذا السوق المتقلب.