الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية
تحليل الأسواق عن كريس ويستن، رئيس قسم الأبحاث في بيبرستون
٧ يناير ٢٠٢٥
سجل الذهب مكاسب طفيفة في الأسواق الآسيوية، حيث ارتفع بمقدار 8 دولارات خلال تداولات اليوم. ورغم الارتفاع الطفيف الذي سجله الذهب، إلا أن المستجدات تشير إلى احتمالية ارتفاع وتيرة تدفقات الشراء قريبًا؛ لا سيما مع تزايد توجه المستثمرين نحو تأمين محافظهم ضد التوترات المتصاعدة المرتبطة بالنزاع التجاري بشأن التعريفات الجمركية.
ولأن التعريفات الجمركية من المفاهيم المعروفة في الأسواق، فإن فرضية أن يقوم ترامب فور توليه منصبه في 20 يناير بإصدار أوامر بفرض تعريفات جمركية على مجموعة واسعة من الاقتصادات أمرًا مستبعدًا تمامًا.
ومع ذلك، فإن الجانب المتعلق بالردود المضادة والإجراءات الانتقامية المحتملة لم يتم تقديره أو تسعيره بشكل كافٍ حتى الآن. ومن المؤكد أن الدول المستهدفة برسوم ترامب الجمركية لن تقف مكتوفة الأيدي دون اتخاذ إجراءات مضادة. ومع ذلك، فإن العامل المحوري يكمن في طبيعة هذه الردود وحدتها، سواء اقتصرت على خطوات محدودة أم تصاعدت إلى مواجهة معقدة وطويلة الأمد، لتصبح محور اهتمام وسائل الإعلام التقليدية ومثار نقاش واسع على منصات التواصل الاجتماعي.
اليوم، ومع إعلان استقالة جاستن ترودو، تصاعدت التكهنات في الأوساط الصحفية الكندية حول إمكانية قيام الكنديين بالكشف مسبقًا عن قائمة بالسلع الأمريكية التي قد تخضع لرسوم جمركية انتقامية. يأتي ذلك كخطوة استباقية تحسبًا لفرض ترامب ضريبة بنسبة 25٪ على جميع المنتجات الكندية. إن إعلان هذه القائمة قبل تولي ترامب منصبه قد يُفسَّر كخطوة تصعيدية، ومن المرجح أن يواجه ردود فعل سلبية من جانب ترامب ومستشاره التجاري جيميسون جرير.
وفيما يخص الصين وهونج كونج، كشفت وزارة الدفاع الأميركية عن إدراج شركة تينسنت ضمن قائمتها للشركات الصينية المرتبطة بالجيش، والتي تزاول أنشطتها داخل الولايات المتحدة. لا تُعتبر هذه الخطوة بمثابة تعريفات جمركية بالمعنى التقليدي، بقدر ما تمثل تطورًا جيوسياسيًا مفاجئًا قد يترتب عليه تأثيرات كبيرة، ليس فقط على شركة تينسنت التي شهدت انخفاضًا في أسهمها بنسبة 7.4%، بل ستُفسَّر أيضًا من قبل الحكومة الصينية على أنه إجراء يحمل دلالات عدائية واضحة. ومن المؤكد أن الصين تتجهز للأسوأ فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، خاصة وأنها لم تلتزم حتى الآن بتنفيذ التعهدات التي قدمتها في الاتفاقيات السابقة لشراء سلع أمريكية محددة، والتي كانت تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي. ومن المتوقع أن يستفيد ترامب من هذا الوضع كوسيلة ضغط قوية في مفاوضاته التجارية. ومع ذلك، يبدو أن الاقتصاد الصيني هو الأكثر ترجيحًا لعدم الحصول على دعم ملموس في المحادثات التجارية المقبلة.
كيف سيكون رد فعل الصين؟ بقراءة سريعة للمشهد نلاحظ أن الخيارات المتاحة أمام الصين تشمل؛ خفض قيمة الرنمينبي، وإعادة صياغة علاقاتها التجارية مع الدول الأخرى (كما يظهر من تعزيز شراكاتها مع المكسيك)، أو فرض رسوم جمركية مضادة على الواردات الأميركية.
وبحسب ما أشارت إليه صحيفة “واشنطن بوست” أمس، كان مساعدو ترامب يدرسون خيار فرض رسوم جمركية تقتصر على الواردات الأساسية فقط، دون أن تشمل جميع السلع. ومع ذلك، أغلق ترامب سريعًا الباب أمام هذه الفكرة ورفض المضي فيها. وإذا كانت صحيفة “واشنطن بوست” تتمتع بالمصداقية، وهو ما يرجحه العديد من المراقبين، فقد يُعتبر هذا التطور خطوة إيجابية من شأنها الإسهام في تقليل المخاطر على المدى الطويل. أما إذا تأكدت صحة الأخبار الكندية، فقد يعزز ذلك التوقعات بشأن الحاجة إلى الاستعداد لإجراءات انتقامية محتملة، على المدى القريب. وفي ظل هذا السيناريو، قد يلجأ المستثمرون إلى الذهب كملاذ آمن وأداة تحوط استراتيجية تحسبًا لتدفق وشيك للأخبار ذات الطابع المتشدد.
لكن مدى تصعيد كل طرف لإظهار قوته قد يكون العامل الحاسم، حيث من المرجح أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع حالة عدم اليقين وزيادة الضوضاء في الأسواق. قد يعزز هذا السيناريو من حدة التقلبات ويدفع أسعار الذهب إلى الاقتراب مرة أخرى من مستوى 2,800 دولار.
