بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يستكمل الذهب مكاسبه لليوم الثالث على التوالي مستعيداً بذلك مستوى 2660 دولاراً للأونصة في المعاملات الفورية.
مكاسب الذهب تأتي على الرغم من المخاوف المتفاقمة حول الوتيرة البطيئة لخفض سعر الفائدة في الولايات المتحدة وما يتبعها من استمرار ارتفاع عوائد السندات. يأتي هذا مع الأرقام الأفضل من المتوقع عموماً للاقتصاد الأمريكي وتسارع التضخم القراءات الأخيرة وهذا ما يبقي الاحتياطي الفيدرالي حذراً للغاية تجاه خفض المعدلات هذا العام.
هذه العوامل كانت لتشكل المزيد من الضغط على الذهب للتراجع والتخلي عن مكاسبه. إلا أن مجلس الذهب العالمي يبرز في تقرير له صدر الأمس عن ديناميكيات أكثر تعقيداً. فعادة ما يُفسر ارتفاع عوائد سندات الخزانة على أنه عامل سلبي في وجه الذهب، إلا أنه قد استطاع مقاومة هذا العائق مراراً وتمكن من استعادة مكاسبه.
حيث يظهر في التقرير أن الذهب قد استفاد من تسجيل الصناديق المتداولة الأسيوية والأوروبية صافي تدفقات موجبة بمقدار 778 مليون دولاراً في ديسمبر بما يعوض على نحو ملحوظ تلك التدفقات الخارجة من الصناديق في أمريكا الشمالية. فيما أعتقد أن انجذاب المستثمرين في آسيا نحو الذهب قد يعود إلى عدم اليقين تجاه مستقبل الاقتصاد الصيني الذي ينتظر تبلور آثار إجراءات الدعم الحكومية من جانب، ومن جانب آخر الأثار المترتبة على إعادة اشتعال الحروب التجارية مع الولايات المتحدة من جانب آخر. كذلك الأمر مع القارة الأوروبية التي تشهد أداءً اقتصادية متردياً ولا يظهر علامات على إمكانية استعادة النمو قريباً، وفق ما كانت قد أظهرته المسوحات خلال الأشهر الفائتة، وهذا ما قد يبرر أيضاً الاندفاع نحو الذهب.
كما قد تساهم العوامل الجيوسياسي في كل من أوروبا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا في تغذية عدم اليقين مما يعطي المزيد من اللمعان للمعدن الأصفر.
أضف إلى ذلك، فقد تمكن الذهب من مقاومة استمرار عوائد السندات في الارتفاع بفضل عدم اليقين السائد في سوق الدخل الثابت الأكثر أماناً. فبناءً على النماذج القياسية، ذكر المجلس في التقرير فإن تجاوز مؤشر ICE BofAML U.S. Bond Market Option Volatility Estimate (MOVE)، الذي يقيس عدم اليقين في سوق السندات، عتبة 100 نقطة يجعل ارتفاع العوائد أقل تهديداً للذهب.
الرسم البياني أدناه يساعد في توضيح هذه الديناميكيات:
المصدر: TradingView
في حين تساهم عودة التركيز على قضية العجز التي قد تتجه إلى التفاقم في عهد الإدارة الجديد بقيادة دونالد ترامب في تغذية عدم اليقين في سوق السندات في الولايات المتحدة.
أما الأن، ينصب التركيز على بيانات سوق العمل في الولايات المتحدة والتي ستصدر غداً. حتى إن جاءت تلك الأرقام بأفضل من المتوقع، فإن عدم اليقين المرتفع في سوق السندات قد يجعل الذهب أكثر مقاومة للاستمرار ارتفاع العائدات ويجعل الضغط الهبوطي المحتمل مؤقتاً.