الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية
بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
ترتفع العقود الأجلة E-mini لمؤشر S&P 500 بنسبة 0.4% صباح اليوم وتتجاوز 6000 نقطة وذلك بعد مكاسب بنسبة 1.83% سجلها المؤشر الأمس. أما العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 فإنها ترتفع بأكثر من 0.6% اليوم بعد ارتفاع بأكثر من 2% الأمس أيضاً.
مكاسب مؤشرات الأسهم تأتي المزيد من التفاؤل حول إمكانية تكييف الشركات والاقتصاد الأمريكي مع بيئة أسعار الفائدة المرتفعة. في حين جاء هذا التفاؤل مع الانطلاقة القوية لموسم النتائج الربعية للشركات والذي تصدرته البنوك الكبرى والتي حققت أرقام أفضل من المتوقع.
حيث حقق كل من جي بي مورجان تشيس، وويلز فارجو، وجولدمان ساكس، وسيتي جروب ربحية سهم بما يتجاوز التوقعات. كما كانت الإيرادات لدى هؤلاء، باستثناء Wells Fargo، أفضل من المتوقع أيضاً. هذا يأتي مع استفادة البنوك من تفاؤل كبرى الشركات حول الاقتصاد وفترة رئاسة دونالد ترامب المقبلة والشراهة للاقتراض لتمويل المشاريع الضخمة إضافة إلى تسارع نمو أعمال الصيرفة الاستثمارية، وفق وول ستريت جورنال.
كانت النتائج التي نُشرت الأمس كافية لتبرهن للمستثمرين بأن الآفاق الصعودية للتضخم وبقاء سعر الفائدة مرتفعاً مطولاً وما يتبعهما من ارتفاع عوائد السندات لن تحول دون استكمال سوق الأسهم لاتجاهها الصاعد حتى مع التقييمات المرتفعة. كما أن النتائج الصحية للبنوك تساعد على تعزيز الصورة الصحية للاقتصاد، والنتائج المواتية من شركات التكنولوجيا ستبرر التقييمات المرتفعة وهذا ما سننتظره رؤيته خلال هذا الموسم.
إلا أن التقارير الربعية الأمس وما تبعها حديث لتنفيذي البنوك لم تكن خالية تماماً من النقاط السلبية. حيث إن التضخم المرتفع لا يزال يؤثر في الأعمال التجارية والصغيرة منها، حيث انخفضت القروض التجارية لدى جي بي مورجان بنسبة 2% في الربع الأخير على أساس سنوي وكذلك نما صافي القروض المشطوبة بنسبة 9% بدفع أعمال البطاقات المصرفية، بحسب وول ستريت جورنال أيضاً.
فيما أن التضخم كان مستمراً في الارتفاع في القراءات الثلاثة الأخيرة حتى ديسمبر لمؤشر أسعار المستهلك حين بلغ 2.9% على أساس سنوي وفق البيانات التي نشرت الأمس أيضاً. إلا أن قراءة ديسمبر كانت بما يتوافق مع التوقعات وكذلك فقد كانت نمو التضخم الأساسي، الذي يستثني بنود الغذاء والطاقة، أضعف من المتوقع وهذا ما قد أعطى بعض الراحة للمستثمرين وأتاح الفرصة للأسهم للاستفادة من نتائج البنوك.
في المقابل، لم تغيير بيانات التضخم الأمس من التوقعات حول مسار السياسة النقدية ولا يزال من المستبعد تحقيق خفض للمعدلات خلال النصف الأول من هذا العام. حيث تبلغ إحتمالية أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة في اجتماع مايو المقبل بمقدار 25 نقطة أساس عن النطاق الحالي 37%، وفق CME FedWatch Tool.
عامل آخر يبث الحذر بين المصرفيين هو التوتر الجيوسياسي حول العالم. حيث قال الرئيس التنفيذي في جي بي مورجان جيمي ديمون بأن الظروف الجيوسياسية هي الأكثر خطورة وتعقيدا منذ الحرب العالمية الثانية. التوتر الجيوسياسي يأتي بدوره من الحرب الدائرة في أوكرانيا وكذلك في الشرق الأوسط بشكل رئيس.
في حين قد بث التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة حالة من التفاؤل حول إمكانية إرساء سلام أوسع في الشرق الأوسط كون أن شرارة الصراع الإقليمي الأخير بدأت من هناك، إلا أن المخاوف لا تزال موجودة حول مدى صمود حالة التهدئة هذه. فقد يسعى اليمين المتطرف في إسرائيل لعرقلة المرحلة القادمة من الاتفاق اللذين كانوا رافضين له في المقام الأول. كما يحذر ديفيد اغناطيوس في مقال للرأي في الواشنطن بوست من عواقب تسارع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية في إرساء السلام وذلك بناءً على تصريحات وزيرة الخارجية أنطوني بلينكن عقب التوصل للاتفاق.
أضف إلى ذلك، فإن الاتجاه لإخماد الجبهات في كل من لبنان وغزة وسوريا قد يكون استعداداً لتصعيد أكبر في وجه الحوثيين في اليمن وإيران وذلك باستغلال الضعف الذي تعاني منه الأخيرة. عليه، فقد نشهد خلال الأيام والأسابيع المقبلة فصولاً جديدة من الصراع الإقليمي، إلا أنني لا أعتقد أنه قد يدوم مطولاً أو يمتد بآثاره ليضر بالمصالح الاقتصادية الكبرى في الإقليم.
